اخليف الطراونة يكتب: من قلب مثقوب ومنهك وخائف وقلق على بلده..
جو 24 :
كتب الأستاذ الدكتور اخليف الطراونة -
يبدو أنني هذه المرة أكتب من قلب مثقوب ومنهك وخائف وقلق على بلدي واحب بقاع الأرض على قلبي، ومنبت هذا كله ما تقوم به حكومتنا الموقرة من الضغط بشكل مقصود وممنهج على ما تبقى من كرامة الأردنيين وجيوبهم المثقوبة كقلوبهم.
ذات زمان جميل ملؤه العدل والرحمة والسعي للنهوض بالإنسان يوصي الأمام علي _كرم الله وجهه_ واليه على مصرا قائلا: "وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد، وأهلك العباد؛ وإنما يؤتى خراب الأرض من إعواز أهلها" .
ويبدو لي أن القائمين على اقتصاد الناس ومعيشتهم في اردن العز والمجد والفخار لا يستوعبون دروس التاريخ، وحكم الماضين، ولو كان لهم ذلك لكانوا أكثر إدراكا لخطورة قانون الضريبة الجديد، خطورته على أمن الناس وأمانهم، وتكسيره لآخر ما تبقى لهم من انتماء وصبر وخوف على وطنهم، فالحكومة تسحب الناس للشارع، والناس يقولون: لنا وطن لا نريد له خرابا، ونفديه بأرواحنا وكل ما لدينا من غالٍ ونفيس.
الناس باقون على ولائهم لوطنهم ولصاحب التاج جلالة الملك عبدالله حفظه الله الذي أحبوه وبايعوه ولا زلوا على العهد والوعد باقون؛ ولكن ضمير الحكومة أو ما تبقى منه يُجهد الناس ويقضي على الطبقة الفقيرة ويدفعها إلى حد العوز والذل والهوان، كما ويمسح الطبقة المتوسطة والتي تشكل العاملين في القطاعين العام والخاص وقواتنا المسلحة ودوائرنا الأمنية وغيرها من القطاعات التي بنت الوطن ولا زالت، والحكومة بذلك الفعل تغلّف أمر تعديل قانون الضريبة بكلام حق يراد به باطل وخراب وهلاك.
ونحن جميعا مع قانون يحارب التهرب من الضريبة والجمارك، ويحارب غسيل الأموال، ويضرب بيد من حديد على الفساد والفاسدين، ولكن هل يتهرب أصحاب الرواتب من دفع الضرائب على الدخل والمبيعات والمسقفات وغيرها؟ أم أنهم الأكثر التزاما وتضحية على فقرهم وجوعهم؟!
وهنا لا بدّ أن يكون لأعضاء مجلس النواب دور وموقف وحضور؛ فهم صوت الناس وضميرهم والمدافع عنهم بأن لا يمرر أداة القتل هذه، أو بما يسمى قانون ضريبة الدخل، وأن يكونوا صوت الناس الغائب والمغيب عما يتخذ بحقهم من قرارات تمسهم، وتمس مستقبلهم ومستقبل أبنائهم وأحفادهم.
كما يجب أن يكون للأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني مبادرة وأن تكون السباقة بتقديم اقتراحات على هذا القانون، بديلة عن قانون الجباية المقترح.. وأيضا على أعضاء الهيئات التدريسية في الجامعات أن يبادروا ويتخذوا موقفا مما يجري، وهم الذين كنا نعتقد أنهم بحاجة إلى الدعم والزيادة في الراتب، وليس فرض المزيد من الضرائب عليهم، حتى غدت الحكومة شريكة لهم في نهاية خدمتهم ورواتبهم أثناء الوظيفة.
كما أدعو كل صاحب قلب وعقل وضمير أن يرفض هذا القانون المسخ الذي سيذهب بنا إلى ما لا نحب لا قدر الله، وختاما دعوة إلى سيدي صاحب الجلالة الذي لا ينام بحثا عن الأفضل للأردنيين وخصوصا ذوي الدخل المحدود، أن يكبح جماح هذه الحكومة التي تتفنن في تعذيب الناس ودفعهم للمجهول، حمى الله الأردن شعبا وقيادة من كل مكروه وشر، وعاش الأردن عزيزا منيعا آمنا مطمئنا وارشد الله حكومتنا إلى صراط مستقيم..