ذكرى الخامس من حزيران (67)
د. عزت جرادات
جو 24 :
*مع نشر هذه المقالة يكون الخامس من حزيران قد حلّ أو سيحلّ... مما لا يكون من المناسب أن يمر دونما تذكره أو ما أسفر عنه قبل خمسين عاماً...
*فالصحافة الغربية... ذلك اليوم خرجت نيويورك تايمز تحمل عنواناً رئيسياً: (إسرائيل تعلن النصر البري والجوي والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة تعلنان الحياد)...
وفي تفاصيل الخبر نشرت بالأرقام حجم الخسائر العربية، جواً وبراً... إضافة لرسومات كاريكاتورية مهينة للعرب... ولصور مذلة للمقاتل العربي أما (الغارديان) البريطانية فقد كان عنوانها البارز (حققت إسرائيل الانتصار الجوي... وكل طرف يتهم الآخر بأنه البادئ)...
وأما (جويش كرونيل) الصهيونية... فقد حملت عنواناً: (نفذت إسرائيل هجوماً وقائياً ودمرت سلاح الجو للعدو)...
وتابعت قائلة أن (إسرائيل دعت الملك حسين أن يظل خارج المعركة... ولكن رده كان بعاصفة من القصف المدفعي والجوي... وتمّ تدميره سلاحه الجوي حال عودتها للتزود بالوقود...
وكان (رابين) رئيس الأركان الإسرائيلي قد زار القواعد الجوية الإسرائيلية وخاطب الطيارين:
(تذكروا: أن مهمتكم هي مهمة الحياة أو الموت، إذا نجحتم نربح الحرب .... وإذا فشلتم، يرحمنا الله) ويمضي (جويش كرونيل)... ونجح الطيارون، ومع نهاية الحرب كانت إسرائيل قد احتلت أكثر من ثلاثة أضعاف مساحتها (من 8 ثمانية آلاف ميل مربع إلى ما يزيد على 25 خمسة وعشرين إلف ميل مربع) إضافة إلى تحقيق حلمها بتوحيد القدس) وهكذا خلال أسبوع غيرت الحرب خريطة المنطقة...
*أما أرشيف الخارجية الأمريكية، فقد لخصت وثيقة واحدة الموقف في النقاط التالية:
-شنت إسرائيل صباح 5 حزيران حرباً وقائية على الدول العربية، وبانتهاء يوم (11) حزيران كانت قد احتلت سيناء والجولان السوري والضفة الغربية وقطاع غزة.
- وكانت مصر قد تلقت رسالة سرية من الاتحاد السوفيتي (13/5) حول نشر القوات الإسرائيلية على الحدود السورية ليتبع ذلك في 21/5 إغلاق مضيق ثيران.
-ومع نهاية أيار تلاشت جميع الجهود الدبلوماسية لمعالجة التوتر والذي ازداد بتوقيع الاتفاقات الثنائية (مصر وسورية والأردن).
-وبدأت الحرب يوم (5/6) بضربات إسرائيلية لتنتهي في (11/6) باحتلال إسرائيل لسيناء، والجولان والضفة الغربية وقطاع غزة.
*ويتساءل المحللون السياسيون اذْ لم نؤدِّ الحرب إلى سلام؟ وتكشف وثيقة إسرائيلية عن قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي السري في (19/6) لعملية تبادل سيناء والجولان مقابل السلام... ولم يتفق المجلس على قرار بشأن الضفة الغربية، ولكنه وافق على ضمّ غزة وتمضي الوثيقة الإسرائيلية الى أن القرار ظل طي الكتمان بسبب اللاءات العربية الثلاثة (لا صلح، ولا مفاوضات، ولا اعتراف) التي أعلنها مؤتمر القمة/ الخرطوم.
*ومع صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم (242) بتاريخ (22/11/67)، واعتباره مرجعية (لإزالة آثار العدوان) وتحقيق تسوية سلمية لقضية الشرق الأوسط، دخلت المنطقة في مرحلة جديدة ومازالت.
*كان الخامس من حزيران (67) يوماً عاطفياً وحماسياً بامتياز، وبعد مرور نصف قرن وسنة واحدة تقف الأمة أمام مشهدين:
-الأول: المشهد الأندلسي ذو الأفول وفقدان حاسة الاتجاه... والتدهور الذاتي...
-الثاني: المشهد الاصلاحي، ذو النهوض والتوحد، وإدراك الخطر الحقيقي والعدو الأوحد الصهيوني...
وما يعزز مستقبل المشهد الثاني ذلك الصمود للشعب الفلسطيني متحدياً احتلالاً لا مثيل له في التاريخ، ومتمسكاً بوطنه وأرضه بتضحيات ملحمية كبرى تؤكد أن اللجوء أو الخروج لن يتكرر.. وذلك رمز الصمود والبقاء ومشهد التفاؤل في مستقبل الأمة.