بإيجاز: على هامش الأحداث
د. عزت جرادات
جو 24 :
*يمكن القول أن الجذور التاريخية لمنطقة الشرق أوسطية تؤثر في الأوضاع الراهنة والمتغيّرة فيها وكذلك في الصراعات الدائرة فيها... وقد تعتبر الحالة الراهنة مرحلة انتقالية تؤثر أيضا في تشكل وضع إقليمي يمس حدوده وهويته؛ هذا مع العلم أن مكونات المنطقة السياسية حريصة كل الحرص على وجودها، حدوداً و أنظمة وتماسكا وطنياً وهوية وطنية... وبالإضافة إلى ذلك فأنها تواجه أزمات معقدة وقضايا محورية ومصيرية، مثل الصراع العربي- الصهيوني، والذي لا نهاية منظورة له، وما يسمى بالنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، الذي لا يمكن فصله عن الأول، والحالات المتأزمة في عدد من دول المنطقة... ولعل أهم قضية تواجه المنطقة تتمثل بالمخاض الديموقراطي... باعتبار أن الديموقراطية هي الحل، ولا يختلف على ذلك احد، مفكراً أم مثقفاً أم عادياً.
* لقد عانت المنطقة من (الحروب بالوكالة) حرصت القوى المحركة لها على استمرارها تحقيقاً لمصالحها، وإذا ما تقدمت تلك القوى بأي مبادرة للحل، فأنها تتلائم مع مصالحها، لدرجة أن المنطقة أصبحت حقل تجارب لاختبار ليس الأسلحة فحسب بل الفرضيات، وليس أدل على ذلك من فرضية أو تجربة (الفوضى الخلاّقة).
* ومما لا خلاف فيه أن الصراع العربي- الصهيوني هو أخطر صراع في المنطقة، فثمة مشروع صهيوني ذو أهداف متجددة، عدوانية وتوسعية؛ ومشروع عربي، ما زال افتراضياً، ولا مناص من ضرورة تحويله إلى واقع، فكري وسياسي وثقافي وتنموي.... وما النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي إلاّ حلقة من ذلك الصراع العربي- الصهيوني، وكما أن النزاعات الداخلية في عدد من البلدان العربية تصب في خدمة المشروع الصهيوني، الذي يعتبر العدو الأول والدائم للآمة، وأن استمرار هذه الحالة يؤدي إلى استنزاف الإمكانات المادية والبشرية واستخدامها في مجالات بعيدة كل البعد عن المجالات التنموية: الشاملة أو البشرية أو التنمية الديموقراطية، ويهم الجهات المستفيدة من ذلك أن تكون التنمية الديموقراطية في المنطقة غائبة عن الأجندة الوطنية والعربية، فهي تدرك تماماَ أن المسار الديموقراطي هو المسار الحقيقي للأصلاح، وبناء قدرات الشعوب، وأن مصالحها تتناقض مع النهج الديموقراطي، باعتباره أداة الحل، وكان الرئيس الأمريكي (إبراهام لنكولن) قد لخص الديموقراطية بأنها (حكم الشعب، يديره الشعب، وتخدم الشعب).
* إما عن واقع هذا النهج الديموقراطي في المنطقة الشرق أوسطية فيمكن توضيحه بتقرير ودراسة:
فالتقرير نشرته (الايكونومست 2017-2018)، وجاء فيه أن دول المنطقة احتلت المستويات الأدنى على مستوى مناطق العالم، حيث يغلب عليها طابع الشمولية، ولم تقترب من أدنى معايير الديموقراطيات الكاملة.
أما الدراسة فقد نشرتها (التايم الأمريكية-2016) وجاء فيها إن العمل على إنضاج الديموقراطية في المنطقة الشرق أوسطية يقتضي تفعيل دور منظمات المجتمع المدني ومؤسساته العامة والخاصة ونشر الثقافة السياسية في البرامج التربوية والثقافية والاجتماعية... فالتحوّل الديموقراطي هو في عمقه وفي حقيقته تحوّل ثقافي يتفاعل مع التحولات المجتمعية: الفكرية والسلوكية.