2024-11-26 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

التسوية السورية، اضطراب أميركي

ناهض حتر
جو 24 : مَن يقدر على إعطائنا جوابا شافيا حول التصور الأميركي للتسوية السورية؟
لا أحد.. لأن ذلك التصوّر غير متبلور أصلا؛ فالولايات المتحدة توصلت إلى قناعة بمخاطر تفكيك النظام والجيش السوريين،( لا تريد عراقا آخر في سوريا) ولكنها ما تزال تريد تنحّي الرئيس بشار الأسد. وهاتان رغبتان متناقضتان، ولا يمكن تنفيذهما، في الواقع، معا. وعلى خلفية هذا التناقض بالذات، هناك أرضية مشتركة بين واشنطن والروس، وبينها وبين "المعارضين" المطالبين بأولوية تنحية الرئيس الأسد. موسكو تعرف ما تريد؛ فالأسد هو ضمانة وحدة البلد والنظام والجيش والسياسات والتسوية القائمة على التغيير في ظل الاستمرارية وإدماج المعارضة في عملية سياسية وطنية. وهذا هو، بالضبط، ما يجعل أطراف "ائتلاف الدوحة"، وداعميهم الأتراك والخليجيين، مصرين على أولوية التنحي كمقدمة لتسوية ذات مضمون تفكيكي، تسمح لمعارضة الخارج، بالاستيلاء على السلطة، سواء أفي كل سوريا أم في بعضها.
هنا، تتوحد المعارضة الخارجية مع "جبهة النصرة" الإرهابية والمجموعات المسلحة المفتتة المسماة "الجيش الحر"، حول هدف مؤقت هو إسقاط الرئاسة السورية ( وبالتالي إسقاط النظام وتفكيك الجيش) باعتباره المدخل الضروري لاقتسام الكعكة: تسعى " النصرة" للإفادة من الغطاء المحلي والإقليمي والدولي لإقامة " سورياستان " جهادية، بينما يظن "الائتلاف" و" الجيش الحر"، أنهما يستطيعان الإفادة من " النصرة" لتحقيق ذلك الهدف، ومن ثم ضربها أو تهجيرها لاحقا، وتستند مطالبتهما للغرب بالتسليح إلى خطة مزدوجة لإسقاط النظام وإزاحة " النصرة" معا. وتبدو خطة كهذه مغرية للأميركيين، إلا أن المعطيات الميدانية تجعلهم حذرين ومترددين؛ فيغضون البصر عن التسليح الإقليمي للتمرد بكل اتجاهاته ويتشددون في منح أو الترخيص بتزويد المجموعات المسلحة بمعدات نوعية كالصواريخ المضادة للطائرات التي سوف تمنع الطيران السوري من دكّ مقاتلي " النصرة" المطلوب إقصاؤهم، وهكذا في دائرة مغلقة من الضياع بين التنسيق مع الروس، بل والإقرار بالمرجعية الروسية للملف السوري، وبين تقديم الدعم المعنوي والمالي لـ " الجيش الحر"، أي، رئيسيا، للإخوان المسلمين، المتحالفين، ميدانيا، مع " النصرة".
داخل المعارضة الخارجية، هناك وحدة هشّة مؤقتة؛ فالإخوان المسلمون يديرون اللعبة بحيث تنتهي إلى تمكينهم، وسط أطراف صغيرة لا وجود لها في الميدان، ولكنها تظن، بالنظر إلى "علمانيتها"، أن الغرب سيدعمها لتحكم بدلا من الإسلاميين. والجديد الأميركي، هنا، هو التعاطي مع فكرة روسية للتعامل مع مجموعات المعارضة الداخلية، وفي مقدمها، " هيئة التنسيق" وحلفاؤها، وتيار بناء الدولة الخ، بالإضافة إلى شخصيات مستقلة منشقة مثل رياض حجاب ومناف طلاس وتعبيرات سنية معتدلة أخرى، في مسعى لإقامة وفد تفاوضي موحد للمعارضة السورية، سوى أن هذا المسعى لم يتخذ، بعد، وجهة سياسية واضحة وواقعية؛ إذ يلزمه، ابتداء، حسم مسألة أولوية تنحي الرئيس، لدى الأميركيين أنفسهم. هذه الأولوية غير الواقعية، هي التي تتسبب، حتى اليوم، في عرقلة السير نحو التسوية، وتسمح بالفوضى السياسية في مجمل الحراك الدبلوماسي حول القضية السورية.العرب اليوم
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير