اجترار حكومة الملقي والديماغوجيا العقيمة
تامر خرمه – هبة رمضان التي انتهت بخلع رئيس الوزراء السابق، وجاءت بعمر الرزاز خليفة لعرش الدوار الرابع، ما كان لها أن تنتهي لولا محاولات الاحتواء المستمرة، حتى بعد التشكيل الوزاري الذي أعاد اجترار الحكومة السابقة، بعد تحميلها بعض الوجوه الجديدة، في ظل غياب أي مشروع حقيقي للتغيير.
كل ما في الأمر أن سلطة الظل تسعى لاستعادة ثقة الشارع بالسلطة التنفيذية، ولكن هل حقا يعتقد المركز الأمني السياسي أنه بالإمكان ترويض الجماهير، بعد بلوغ هذه المرحلة الحرجة؟ وهل فعلا يمكن لإبر التخدير معالجة الأزمة، واحتواء الغضبة التي مازالت مستعرة إلى الآن؟
الجهات التي تجيش عددا من كتاب الأعمدة، ونشطاء شبكات التواصل الاجتماعي، تحاول تغطية الشمس بغربال.. الحديث عن منح الحكومة المجترة المرقعة فرصة، ليس إلا ضربا من ضروب العبث.. كان الأجدى بالنقابات المهنية، التي أثبتت نجاعة دورها، الاستمرار بالضغط.. خاصة بعد تلك التشكيلة التي تعكس استخفاف دوائر صنع القرار بعقول الناس، استنادا إلى مبادئ "سيكولوجيا الجماهير".
لا يخفى على أحد غياب أية قرارات منهجية مدروسة، أو مشروع حقيقي للخروج من الأزمة المتراكمة.. المطلوب إجراء جراحة جذرية، وليس مجرد عمليات تجميل بائسة.
أما محاولة الفصل بين النهج والأشخاص فهي أكثر المناورات بؤسا.. فمن هو ذلك المخلص الذي يمتلك القدرة على تغيير نهج متجذر باستخدام ذات الشخوص، التي ضربت عميقا لغرس سياسات منحازة ضد كل قيمة إنسانية عادلة.
محاولة احتواء الشارع عبر خطوات ارتجالية غير مدروسة لن تبوء إلا بالفشل.. كان الأجدى عقد مشاورات مع كافة مؤسسات المجتمع، والتفكير خارج الصندوق الذي أعاد إنتاج حكومة الملقي، بعد وضع مكياج غير لافت لأي بصيص أمل.
مشاكل الناس لا يمكن حلها بهذا الارتجال.. وحكاية منح الحكومة فرصة لخصها أينشتاين بعبارة: لا يمكن لك حل مشكلة بذات العقلية التي أنتجتها.. كان الأمل معقودا على أن يستوعب صناع القرار خطورة المرحلة، وعلى إجراء مراجعة عميقة، عوضا عن محاولة احتواء الشارع الذي مازال يغلي، حتى بعد الخطابات الشعبوية، التي لا تسمن ولا تغني من جوع.