البرلمان والسلاح.. لعبة المشاورات وفشل الطراونة
كتب تامر خرمه
بات من الواضح أن المشاورات التي يشهدها المجلس النيابي السابع عشر حول ترشيح رئيس الحكومة المقبلة، لن تقود إلى شيء، بل إن تعميق الانقسامات بين الكتل النيابية، وبين أعضاء الكتلة الواحدة، هو كلّ ما أنتجته هذه المشاورات المدقعة بالفشل.
الغريب أن الفشل النيابي في الوصول إلى مرشح اجماع مقترح لتشكيل الحكومة المنتظرة، يحقّق في نهاية الأمر مصلحة رئيس الوزراء الحالي د. عبدالله النسور، الذي يبدو أنّه أكثر المستفيدين من حالة التشنّج والتشظّي التي هيمنت على البرلمان.
بعد أن تضاءلت فرصة النسور في نيل ترشيح الغالبيّة النيابيّة، لصالح وزير الداخليّة د. عوض خليفات، تعمّقت الانقسامات والخلافات داخل معظم الكتل النيابيّة، فيما شهدت الكتل الأخرى انسحابات جماعيّة، بل تفاقمت حالة التوتّر داخل المجلس النيابي بقدرة قادر، حتى وصل الأمر إلى استخدام السلاح لغة للحوار.
وفي الوقت الذي عبّر فيه مزاج الدولة عن ميله لإبقاء النسور في منصبه، تدفع أطراف أخرى في دوائر صناعة القرار باتجاه تكليف وزير الداخليّة لتشكيل الحكومة المقبلة، رغم أنّها تبدي عكس ما تبطن. أمّا حالة التشنّج التي أطبقت على المجلس النيابي، فيبدو أنّها إحدى أدوات التعاطي مع تراجع فرصة النسور في حصد التزكية النيابيّة بعد إصراره على رفع الأسعار.
أكثر من ثلثي أعضاء المجلس النيابي أعلنوا رفضهم ترشيح النسور لرئاسة الحكومة المقبلة، حيث وقّع 100 نائب على مذكرة تؤكد أن النسور لن يكون مرشحهم في حال عدم تراجعه عن قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطيّة. أمّا النسور الذي يراهن على المرجعيّات العليا دون أيّ اعتبار لما يطرحه النواب، فيبدو انّه لن يتوانى عن تنفيذ أيّ قرار يحقّق له رغبة البقاء في الدوّار الرابع.
وفي نهاية الأمر، فإن رئيس الديوان الملكي، د. فايز الطراونة، فشل فشلا ذريعاً في الوصول بمشاوراته إلى مرشح لتشكيل حكومة "مزيّنة" بالتزكية النيابيّة، فرغم مرور أكثر من شهر على هذه "المشاورات" التي يجريها "مفاوض السلام العتيد"، عادت الكرة إلى ملعب الملك، دون أن يعلم أحد الجدوى من البدء بهذه المشاورات، بل تحوّل البرلمان إلى ساحة للفوضى وإشهار السلاح والمعارك التي تسفر عن عشر قطب في الرأس !!
ومع اقتراب نهاية المهلة القانونيّة لهذه المشاورات العنيفة، في التاسع من شهر آذار الجاري، فمن المحتمل أن يتمّ إعلان فشلها عبر تكليف الملك لأحد الأسماء المطروحة بتشكيل الحكومة المقبلة، دون وصول البرلمان إلى أيّ توافق، أو أن تتشكل حكومة تسيير أعمال تضمن استمرار لعبة المشاورات إلى نهايتها التي ستعيدنا مجدّدا إلى ذات المربّع الأوّل.. ويا دار ما دخلك شرّ !!