عمرها يا قرابه صارت معك ؟!
في كل يوم يخرج علينا أحد قطاع الطرق لائما الشعب الأردني على حياته و كأن الشعب من اختار حياته, و كأن الأردني مخير وليس مسير, و كأن لدينا الخيار بأن نعيش حياة رغيده واخترنا حياة الفقر.
يوم يخرج علينا فلان و بعده يخرج علينا علنتان و بعدها يخرج مجهول فارع دارع, جميعهم يلوموننا على نمط حياتنا الذي نعيشه و كأننا في برنامج "من سيربح جلن الكاز" واختار المتسابق الأردني الإجابة الخاطئه.
هل تعلم يا قرابه أنني قابلت أشخاصا لا يعرفون الفرق بين البنزين ال 90 و ال 95 لسبب بسيط ألا و هو أن سيارته الفوكس ال 73 أو الهوندا سيفيك ال 71 لا تعمل الا اذا خلط البنزين ال 90 بالماء وحين تسأله " من باب المماحكة و كب البلا" عن سبب خلطه البنزين ال 90 بالماء يجيبك " وجعلنا من الماء كل شئ حي ".
هل مررت يا قرابه بمرحلة اضطررت فيها بعد انهاء دراستك الجامعية الى إكمال الدراسة العليا لا من باب الرفاهية و شوفت الحال لكن من باب انك جلست سنة كاملة تبحث عن عمل و لم يقبلك أحد؟ هل مررت بحالة كنت فيها الأول في قسمك في الدراسات العليا في الغربة و لا تملك قرشاً واحدا؟ هل مررت بحالة كنت تتضور فيها جوعا في رمضان وأنت تعمل في حمل الباطون على ظهرك الى الطابق السابع مثل حمار المرابعيه وحين يؤذن المغرب لا تستطيع أن تفطر لانك لا تملك النقود وتنتظر أن ينتهي دوام الحراثه لتذهب الى بيتك مسافة 12 كيلو متر مشياً على الأقدام لتجد في طريقك شجراً يحمل ثمارا غير ناضجه مرة الطعم و مقرفة المذاق لتأكل منها لتسد رمقك وتقنع نفسك بانها وجبة افطار شهية و بعدها تحمد الله و تشكره لأن الرجل زرع هذه الشجره هنا تحديدا قبل 5 سنوات بعد أن اشارت عليه زوجته النكده أن يزرعها " في الحوش الوراني " الا أن الله هداه و زرعها هنا لتجدها و تأكل منها فسبحان الرزاق و مدبر الأمور.
هل مررت يا قرابة بمرحلة كانت درجات الحرارة فيها تحت الصفر وتكاد تتقطع أوصالك من شدة البرد و تضطر فيها الى حرق كل ما هو مصنوع من الأخشاب في المنزل لتدفأ جسدك الذي أعياه الجوع و البرد, هل جربت أن سترك الله و أنهى موجة الصقيع قبل أن تضطر الى حرق الكرسي الذي تجلس عليه لتتدفأ؟
هل وصلت الى درجة أنهيت فيها دراساتك العليا بعد أن دفعت رسوم الجامعة من صحتك وعافيتك وعدت الى وطنك متلهفا لتقطف ثمرة مجهودك وصبرك لتجد نفسك مرمياً على عتبات أصحاب النفوذ و موزعي فيتامين "و" بعبوات ال 200 مم ليجدوا لك وظيفة تعيش منها بعد أن أخذ ابن المسؤول الفلاني مكانك برنة تلفون؟ هل وصلت الى درجة تركض فيها متلهفا الى أحضان وطنك لتجده ناقما عليك لكثرة ما عاناه من أمثالك؟ هل وصلت لدرجة تمنيت فيها أن تكره وطنك لكنك لم تستطع ذلك لأنه وببساطه وطنك الذي لا تعرف سواه؟!
عمرها يا قرابة صارت معك؟
قرابه, سد باجوقك و بلا وطنيات كاذبة فنحن من حمى الوطن في صدورنا حتى حين رفضنا لا أنت.