الدفتر الأحمر و الدفتر الأخضر
في فترة الظهيرة من يوم الخميس دخلت أم شلاش على غرفة ابنها الأكبر شلاش فوجدته و كما العادة متمدداً على فرشته ممزقة الوجه مخفياً نصف وجهه بالوسادة المحشوة بالقماش مغطياً قدماه النحيلتان اللتان تشبهان عصاقيل أبو سعد بشرشف أخضر اللون.
نهرت أم شلاش ابنها بصوت متحشرج يكسوه الألم قائلة " وك ما تقوم تدور على شغل بدل ما أنت متمدد مثل النَفسَه بالفراش؟! أقلك!! روح على دكانة أبو السعيد جيبلنا بندوره و خيار و خبز مشان أساويلكو غدا". تململ شلاش قليلاً ثم نهض من فراشه و ارتدى بنطلون البيجامة أخضر اللون ساحل الخصر – لانه بدون مغيط- و لبس زنوبة الست الوالدة و توجه الى دكانة أبو السعيد.
شلاش: مرحبا عمي أبو السعيد, شلونك؟
أبو السعيد: الله لا كان جاب الغلا, شو بدك خير؟
شلاش: بتسلم عليك أمي و بتقلك أعطيني نص كيلو بندوره و نص كيلو خيار و ربطة
خبز و سجلهن على الدفتر.
أبو السعيد: الله يعين هالدفتر عليكو قد ما سجلنا عليه, ولك نفسي تكسر عيني و تدفع مره كاش.
شلاش: أول ما يستلم أبوي مصاري دعم المحروقات باجي أسكر حسابك كله.
أبو السعيد: الهي و انت جاهي تدعمك سيارة على الاوتوستراد أنت و أبوك بيوم واحد, ولك يا لوح أي مصاري دعم؟ أي هي مصاري الدعم بتكفي خبز حاف؟؟!!
شلاش: تكفي ولا عمرها لا تكفي, المهم بدك تعطيني الأغراض و تسجلهن على الدفتر ولا أنعثر من هون؟
أبو السعيد: هسا بعطيك سم الهاري و بسجلهن على الدفتر الأحمر.
شلاش: و لويش كل الأغراض اللي بوخذها من عندك بتسجلها على الدفتر الأحمر مش الأخضر هااا؟! حتى الدفاتر فيها خيار و فقوس؟!
أبو السعيد: هاظ الدفتر الأحمر للناس الهمل مثلكم أما الدفتر الأخضر ريته يقبر عظامي للناس الأكابريه و المحترمة اللي بتدفع حسابها كل أخر شهر و ما بتتأخر.
ذكرتني المناكفه بين شلاش و البورجوازي أبو السعيد بدولة عبدالله النسور أيام ما كان نائب بال 89 حين كانت أهم مهام النائب تتلخص في ايجاد وظيفة حكومية لناخبيه فقد كان لدى النسور دفترين لتسجيل أسماء طالبي التعيين الأول أحمر للمواطنين الغير مهمين و الأخر أخضر لتسجيل طلبات تعيين النخب, فما كان من أحد طالبي التعيينات و الذي لاحظ لعبة الدفاتر الا أن طلب من النائب المخضرم و في جلسة أن يسجل أسمه على الدفتر الأخضر لا الأحمر فما كان من الذين سمعوا بالدفاتر و لعبتها الا أن عزفوا عن أنتخاب نائب الدفاتر في انتخابات ال93 و ما كان لينجح لولا تدخل الأجهزة المعنية بالتدخل السريع.