عقدة الولاية العامّة.. وحكومة "الاستقلال" عن القصر والمخابرات !!
تامر خرمه- "أنا أقوى من المخابرات".. عبارة سبق وأن ردّدها رئيس الوزراء د. عبدالله النسور قبل أن يعاد تكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة، ليعبّر عن عقدة افتقار الولاية العامّة بعبارات جديدة، تحمل ذات الدلالة لما سبق وأن أدلى به من تصريحات حول حريّة القرار والاختيار.
النسور نفى هذه المرّة أيضاً وجود تدخلات من القصر أو المخابرات في تشكيل الحكومة المقبلة، مردّداً في تصريحاته بأنّه "يملأ الكرسي"، ولكنّه مقتنع بعمل الوزيرين العابرين للحكومات ناصر جودة، وجعفر حسّان، لذا فإن اختيارهما سيكون أمرا أقرّه هو وحدة -دون تدخّل من احد- من اجل مصلحة الوطن !!
وحول هذه التصريحات، أكد أمين عام حزب جبهة العمل الاسلامي، حمزة منصور، أن الحكومة المستقلّة عن هيمنة المخابرات والديوان الملكي، ذات الولاية العامّة، لم تولد بعد. وأضاف: "عندما تتشكّل الحكومة سنبحث مدى توافر الإرادة الحقيقيّة لدى الرئيس".
وفيما يتعلّق بأداء وزارتيّ الخارجيّة والتخطيط، طيلة الفترة السابقة، نوّه منصور إلى أنه لا يخفى على المراقب ما آلت إليه الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة نتيجة لهذه السياسات.
وحول "إنجازات" وزارة الخارجيّة، وقضيّة احتجاز المواطن الأردني خالد الناطور منذ أكثر من شهرين في السعوديّة، دون إبداء الأسباب، وغيره من المواطنين الأردنيين المعتقلين في الخارج، قال منصور إن هذه المسألة تعدّ مؤشراً على مدى قدرة الدولة الأردنيّة على فرض سياساتها واحترام مواطنيها.
ولفت إلى "قنص" المواطن الكويتي سليمان أبو غيث على الأراضي الأردنيّة، متسائلاً: هل تستطيع الولايات المتحدة اختطافه لو كان الأردن يمتلك سيادة حقيقيّة على أراضيه ؟!".
أمّا الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، د. سعيد ذياب، فاعتبر من جانبه أن وجود ناصر جودة أو جعفر حسان في الحكومة لا يمثّل جوهر المشكلة، "بل إن المطلوب هو تغيير النهج الاقتصادي والسياسي الذي تعاطى معه الشارع بالرفض".
وتساءل ذياب: "هل سيراعي الرئيس في التشكيلة الحكوميّة القادمة ضرورة وجود طاقم كفؤ قادر على صياغة نهج جديد ينسجم مع مصالح الفئات الشعبيّة، على المستوى الاقتصادي والسياسي بشقيه الداخلي والخارجي ؟!"، وأضاف: "هنا تكمن جوهر المسألة".
ومن جانبه قال أستاذ العلوم السياسيّة في الجامعة الأردنيّة، د. حسن البراري، إن ما صدر عن النسور هو محض تبرير سياسي لعجزه عن إيجاد بدائل واختيار ما لا يروق للمرجعيّات العليا.
وحول الحديث عن مسألة الولاية العامّة، أوضح البراري أن محصّلة تفاعل مراكز القوى هي التي تفضي الى اتخاذ القرار في الأردن، مشيراً في ذات السياق إلى أن الحكومة هي إحدى مراكز القوى وليست المركز الوحيد.
وفيما يتعلّق بالحديث الرسمي عن "إنجازات" وزارتيّ الخارجيّة والتخطيط التي جعلت من جودة وحسّان وزيرين عابرين للحكومات، أكد البراري أن وزارة الخارجيّة لم تنجح في تحقيق أهداف السياسة الخارجيّة الأردنيّة، كما لم تنجح وزارة التخطيط فيما يتعلّق النهج الذي استهدف الفقراء، متسائلا: "عن أي نجاح يدور الحديث ؟!".
وأكد البراري أن "اختيار جودة وحسّان ليس قرار النسور، وإنما هو قرار القصر".
الزميل راكان السعايدة قال من جهته إن ما جاء في تصريحات النسور لا قيمة له، مشيراً إلى أن "الجميع يعلم المعادلات الداخليّة"، وأنّه "لا يمكن أن يكون لرئيس الحكومة رأي في مسألتيّ الخارجيّة والتخطيط".
وأضاف السعايدة: "إنّما يحاول النسور أن يبرّر لنفسه عدم قدرته على إحداث تغيير في هذين المنصبين، والواقع يدحض ما جاء في تصريحات النسور حول تميّز جودة وحسّان في منصبيهما".
وتابع: "جودة وحسّان مفروضان على الدولة، ولا يمكن لأيّة جهة إزالتهما عن منصبيهما، والنسور يحاول أن يبرّر لنفسه -قبل أن يبرّر للناس- عدم قدرته على ذلك، ما يعني أن مسألة الولاية العامّة مازالت موضوع شك".
ونوّه إلى أنّه توجد في الوطن كفاءات على كافّة المستويات، سواء السياسيّة أو الاقتصاديّة أو الدبلوماسيّة، "فالخيارات متوفّرة، وجودة وحسّان لم ينقطع وصفهما".
امّا الزميل وليد حسني فقال في تعليقه على تلك التصريحات: "أهنئ دولة رئيس وزرائنا الأفخم بقناعته بممارسة حريّته -دون تدخّل أو تقييد أو شرط أو فرض- وبقناعته بإبداعات وزيريه جودة وحسّان".
وأضاف حسني بمرارة: "وأهنّئه أيضاً على تجليّاته الاستكشافيّة لعبقريّة وزيريه اللذين يرى فيهما ما لا يراه ستّة ملايين أردنيّ، لا يستطيعون رؤية وزير خارجيّتهم على تلفزيونهم الوطنيّ دقيقة واحدة".
وتابع: "أعتقد أن النسور لا يملك الجرأة الكافية ليصارح الأردنيّين بأن لديه الحريّة الكاملة لاختيار وزرائه، ولكنّه يفتقد لهذه الحريّة -ربّما عن طواعية- فور الحديث عن وزارتيّ الخارجيّة والتخطيط".