أحداث مدرسة الفيصلية.. التهديد والوعيد ليس حلاً
شكلت وزارة التربية لجنة تحقيق للوقوف على احداث مدرسة الفيصلية وما تعرضت له من اعمال تكسير وعنف من قبل عدد من طلابها، متوعدة على لسان امينها العام بالمحاسبة والعقاب.
وهذا يقودنا الى تساؤل هل العقاب وتشكيل لجنة لحصر المخالفات والاضرار هو الحل.؟ الا يضعنا هذا العمل الذي قام به عدد من الطلاب في سن المراهقة الى تساؤل عن الاسباب والدوافع وراء هذا السلوك المرفوض في الاصل.
الم يكن من الاولى للوزارة بدل الوعيد والتهديد وتشكيل اللجان التي اصبحت سمة كل مؤسساتنا العامة التي تميل الى هذا الاجراء للملمة الموضوع وتجاوزه وقد ثبت عبر كثير من الاحداث والاجراءات بانها لا تسمن او تغني من جوع لانها تهدف الى تحديد المخالفات وحصرها وايقاع عقوبات ولا تبحث في الاسباب والدوافع لايجاد الحلول المناسبة لها وتمنع تكرارها خاصة اننا نتعامل مع طلبة تقل اعمارهم عن 18 عاما وهناك دوافع واسباب تحرك سلوكهم.
لا يعقل بان يتصرف اطفال بهذه الطريقة من العنف دون دوافع او اسباب مما كان يتوجب على الوزارة الاستنفار ودراستها نفسيا واجتماعيا لمنع تكرارها مستقبلا؛ لان الاصل في الوزارة تعديل السلوك وتقويمه لا العقاب والا لماذ التعليم والتربية في الاصل.
ان ما حدث في الفيصلية مؤشر سلبي على اننا نسير باتجاه ليس صحيحا ويدق ناقوس الخطر لمستقبل مجهول لطلابنا؛ لان تولد هذا العداء عند اطفال لا يمكن ان ياتي من فراغ واستمرارنا في صم اعيننا واذاننا دون معرفة الاسباب والدوافع وايجاد الحلول الشاملة سيعزز هذا السلوك ويوصلنا الى جيل عدواني لا يثق بمستقبله ويعيش حالة من القلق والخوف نتيجة ظروف نفسية؛ ما ينعكس سلبيا على السلم المجمتعي ويضعف قيم الولاء والانتماء لديه.
ان دراسة الحالة الاجتماعية والاسرية للطلاب هي الاجدى لانها ستوصلنا حتما الى نتائج كارثية في ظل اوضاع اجتماعية واسرية وظروف اقتصادية ومعيشية صعبة والتي باعتقادنا هي احد الدوافع وراء السلوك العدواني الذي انتهجه الطلاب تجاه مدرستهم التي في الاصل يجب ان تكون مصدر امن وامان لهم.
اننا بحاجة الى دراسة الحالة التعليمية بكل اركانها وعناصرها بطريقة شمولية وتقييمها بدءا من بوابة المدرسة الخارجية الى محتويات المدرسة نفسها من غرف صفية ومرفقات في وقت لا يخفى على احد الحالة المزرية لبعض مدارسنا.
ان السلوكات التي يمارسها المعلم نفسه داخل المدرسة والصف بحاجة الى متابعة ومراقبة لانها قد تكون سببا ودافعا مهما وراء هذا السلوك والعكس صحيح؛ لاننا بحاجة الى بيئة صفية وتعليمية مناسبة توفر للطلاب جميع سبل الراحة وان تهيئ لهم الظرف المناسب للعلم والتعليم لا ان تكون منفرة وتخلق حالة من عدم الرضى.
ان ما حصل امس الاول هو حالة نفسية داخلية عبر عنها طلابنا بطريقة مرفوضة الا انه قد نستفيد منها اذا توفرت لدينا نية صادقة ومخلصة تجاه الاجيال القادمة والاستعانة بكل الخبراء والنظريات التعليمية وغيرها للوقوف على الاسباب بهدف المعالجة الجذرية؛ لان ما حصل دليل على حالات التنمر والعنف الجامعي العديدة؛ ما يستدعي اعلان خطة وخارطة طريق لمعالجة هذا الخلل الذي يبدأ من الاسرة والمدرسة.
ان عودة الدراسة الى وضعها الطبيعي امس كما افادت الوزارة ليس الحل ويجب ان لا تقودنا الى السكون والاطمئنان لا بل علينا اخضاع البيئة المحيطة الى دراسة عميقة من كل الجوانب لان ما ينطبق على الفيصلية ومحيطها ينطبق على كثير من القرى والمدارس الاردنية.
ان معرفة الاسباب والدوافع الحقيقية ووضع الحلول الصحيحة والسليمة والمبنية على حقائق ومعطيات علمية دقيقة دون تسرع او تعجل سيجنب مدارسنا وجامعاتنا ومجتمعنا العنف وسيخلق جيلا منتميا ومحبا لوطنه.