هل يختلف تفكير الفريق الاقتصادي في الحكومة عن تفكير هذا الشاب
المهندس سميح جبرين
جو 24 :
في صيف العام 1999، حيث كنت أعمل كمستشار فني لوزير المياه والري ،وكان الأردن في هذا العام يعاني من شح شديد بالمياه بسبب ضعف الموسم المطري للعام ذاته ، وهذا الأمر تسبب بقلق شديد لكافة المسؤولين والمواطنين ،مما دفع الكثيرين للتفكير ببدائل لتوفير المياه لتمرير فصل الصيف حيث يزداد الطلب على المياه في هذا الفصل كما هو معلوم .
في أحد الأيام حضر شاب أردني لمكتب وزير المياه وكنت أنا باستقباله وطلب مقابلة الوزير لأمر هام جداً ، فقلت له بأن عليه أن يخبرني ما هو الأمر الذي يريد أن يقابل الوزير من أجله ، إلا في حالة كان الأمر خاص بينه وبين الوزير ، فأجابني بأن الأمر ليس خاص وأنما الموضوع عبارة عن فكرة خطرت في باله من أجل المساهمة في حل أزمة المياه ، وأنه يريد مقابلة الوزير شخصي ويخبره بالفكرة خوفاً من أن يسرقها أحدهم وينسبها لنفسه . فأخبرته بأنني مستشار فني للوزير وأنا مؤتمن وموثوق من قبل الوزير ، وأنني سأضمن له مقابلة الوزير في حال وجدت بأن فكرته فعلاً ستساهم في حل أزمة المياه . عندها أطمئن الشاب لحديثي وقرر أن يخبرني بفكرته ، وبدأ حديثه عن الفكرة وما كاد ينتهي حتى كنت على وشك أن أنفجر من الضحك ، حيث كانت الفكرة تتلخص بأن تقوم وزارة المياه بوضع صهاريج مياه فارغة في الشوارع والحارات ، وأن يقوم كل مواطن من طلاب وعمال وجنود بتعبئة قنينة مياه من منزله ويفرغها بالصهريج ، وبعد ذلك تؤخذ هذه الصهاريج بعد أن تمتلىء وتفرّغ " بالحواويز " ليعاد ضخها إلى بيوت الناس . وهنا تمالكت نفسي بغرض عدم الاستهزاء بهذا الشاب وسألته سؤال واحد بغرض أن أجعله يدرك مهزلة فكرته ، وقلت له ،قنينة المياه التي سيحضرها المواطن من منزله ويسكبها بالصهريج ،من أين مصدرها ؟؟ فأجابني من الحنفية ،تم قلت له ،المياه التي نأخذها من الحنفية من أين مصدرها ، هنا ارتبك هذا الشاب ولم يعطيني جواب . عندها أخبرته بأن فكرته غير مجدية وشكرته على اجتهاده وخرج من مكتبي وهو يجر أذيال الخيبة وراءه .