هل يختلف تفكير الفريق الاقتصادي في الحكومة عن تفكير هذا الشاب
المهندس سميح جبرين
في صيف العام 1999، حيث كنت أعمل كمستشار فني لوزير المياه والري ،وكان الأردن في هذا العام يعاني من شح شديد بالمياه بسبب ضعف الموسم المطري للعام ذاته ، وهذا الأمر تسبب بقلق شديد لكافة المسؤولين والمواطنين ،مما دفع الكثيرين للتفكير ببدائل لتوفير المياه لتمرير فصل الصيف حيث يزداد الطلب على المياه في هذا الفصل كما هو معلوم .
في أحد الأيام حضر شاب أردني لمكتب وزير المياه وكنت أنا باستقباله وطلب مقابلة الوزير لأمر هام جداً ، فقلت له بأن عليه أن يخبرني ما هو الأمر الذي يريد أن يقابل الوزير من أجله ، إلا في حالة كان الأمر خاص بينه وبين الوزير ، فأجابني بأن الأمر ليس خاص وأنما الموضوع عبارة عن فكرة خطرت في باله من أجل المساهمة في حل أزمة المياه ، وأنه يريد مقابلة الوزير شخصي ويخبره بالفكرة خوفاً من أن يسرقها أحدهم وينسبها لنفسه . فأخبرته بأنني مستشار فني للوزير وأنا مؤتمن وموثوق من قبل الوزير ، وأنني سأضمن له مقابلة الوزير في حال وجدت بأن فكرته فعلاً ستساهم في حل أزمة المياه . عندها أطمئن الشاب لحديثي وقرر أن يخبرني بفكرته ، وبدأ حديثه عن الفكرة وما كاد ينتهي حتى كنت على وشك أن أنفجر من الضحك ، حيث كانت الفكرة تتلخص بأن تقوم وزارة المياه بوضع صهاريج مياه فارغة في الشوارع والحارات ، وأن يقوم كل مواطن من طلاب وعمال وجنود بتعبئة قنينة مياه من منزله ويفرغها بالصهريج ، وبعد ذلك تؤخذ هذه الصهاريج بعد أن تمتلىء وتفرّغ " بالحواويز " ليعاد ضخها إلى بيوت الناس . وهنا تمالكت نفسي بغرض عدم الاستهزاء بهذا الشاب وسألته سؤال واحد بغرض أن أجعله يدرك مهزلة فكرته ، وقلت له ،قنينة المياه التي سيحضرها المواطن من منزله ويسكبها بالصهريج ،من أين مصدرها ؟؟ فأجابني من الحنفية ،تم قلت له ،المياه التي نأخذها من الحنفية من أين مصدرها ، هنا ارتبك هذا الشاب ولم يعطيني جواب . عندها أخبرته بأن فكرته غير مجدية وشكرته على اجتهاده وخرج من مكتبي وهو يجر أذيال الخيبة وراءه .