jo24_banner
jo24_banner

مطالبة النواب بعدم حبس المدين

المهندس سميح جبرين
جو 24 :
بعد تحويل قانون العفو العام لمجلس النواب وقيام اللجنة القانونية بدراسته وتوسيع مظلة الشمول بحيث أضافت جميع مخالفات السير بكافة درجاتها وكذلك الجنح والجرائم التي يتم فيها أسقاط الحق الشخصي.

وعلى خلفية النقاش الدائر بين النواب بما يتعلق بهذا القانون ، اجتهد مجموعة من النواب ووقعوا عريضة يطالبون بها بعدم سجن المدين ، وبغرض تحقيق ذلك نادوا بتعديل الفقرة " ج " من المادة 22 من قانون التنفيذ والتي تنص على ما يلي " لا يجوز ان تتجاوز مدة الحبس تسعين يوما في السنة الواحدة عن دين واحد ولا يحول ذلك دون طلب الحبس مرة اخرى بعد انقضاء السنة".

سنفترض هنا بأن مطلب النواب هذا مبعثه النية الطيبة ، مستندين على مقولة أن حبس المدين لن يجدي نفعاً لكون المدين سيكون عاجز عن العمل والأنتاج بغرض تسديد الدين.

وهنا نقول بأن هذا الكلام قد ينطبق على المدينين الذين أصابهم عسراً حقيقياً في أعمالهم لأسباب كثيرة ، أبرزها تراجع الاقتصاد الوطني بشكل عام وارتفاع الضرائب والأسعار مع تراجع بالقدرة الشرائية عند المواطنين مما تسبب بكساد بضائع التجار والصناعيين الذين بالعادة يقترضون من البنوك لتمويل تجارتهم وصناعاتهم وبعد أتمام دورتهم التجارية يقومون بسداد قروضهم مع تحقيق هامش من الربح . فهذه الفئة من الدائنين المتعثرين لا بأس من المطالبة بوقف حبسهم وإعطائهم الفرصة للبدء بأعمالهم من جديد.

على السادة النواب أن لا يذهبوا بعيداً بمطلبهم هذا ، فهناك مدينين لا يجدي معهم سوى الحبس ، فبعض أصحاب النوايا المبيتة الذين يستثمرون ثغرات بعض القوانيين في عدم تسديد ديونهم ، والذين يخاطبون الدائن بمقولة " لن أسدد ، واذهب و اركب أعلى ما في خيلك ، فسأماطلك بالقضاء ، وبالنهاية سأسدد دينك بقيمة عشرة دنانير شهرياً " لا بد من التصدي لهم من خلال القانون ، فكما يطالب النواب بتعديل الفقرة " ج " من المادة 22 من قانون التنفيذ ، فكذلك يجب تعديل الفقرة " أ " من نفس القانون ، هذه المادة التي تعمل على تشجيع بعض النفوس المريضة للاستدانة وبنية عدم الوفاء بسداد الدين ، حيث تتيح هذه المادة من القانون للمدين بعمل تسوية مع الدائن وذلك بسداد ما قيمة 25% من قيمة الدّين وتسديد باقي الدّين على فترات زمنية غير محددة بالقانون وقد تطول لعشرات السنين.

إن هذه الفقرة " أ " من المادة 22 من قانون التنفيذ تقول لأصحاب النوايا المبيتة بصريح العبارة ، أقترضوا وامتنعوا عن التسديد ، وادفعوا دائنكم لإقامة دعوى قضائية ضدكم ، بحيث تأخذ هذه الدعوى بالمتوسط مدة أربع سنوات ما بين محاكم البداية والاستئناف والتمييز وما يتخللها من تعقيدات تبليغات المحاكم التي تستهلك الكثير من الوقت لضمان أن يكون التبليغ قانونياً ، وعدم حضور جلسات المحاكم واستغلال المدد الزمنية القانونية بأقصاها لاستئناف وتمييز قرارات المحاكم . وفي نهاية المطاف سيتم الحكم عليكم بدفع قيمة الدين ، فعندها تلجؤون لمنطوق الفقرة " أ " من المادة 22 من قانون التنفيذ التي تجيز لكم عمل تسوية مع الدائن ، وبذلك تفوزون بقرض طويل الأمد رغماً عن أنف الدائن الذي يكون في الغالب مواطن مثقل بالألتزامات المادية ، ما يؤدي لخراب بيته جراء هذه التسوية.

وهنا ومن أجل التمييز ما بين المدين " المعسر الحقيقي الذي يتوجب مراعاة ظروفه " والمدين الذي يستغل ثغرات القانون للاستدانة بغرض عدم الوفاء بدينه أو على الأقل المماطلة بالتسديد ، لا بد من أن يكون هناك بعض التعديلات على أجراءات التقاضي وخاصة عندما يكون الدين بين أفراد " أشخاص طبيعين " ، بحيث يتم إلزام كل من الدائن والمدين بالمثول تحت القسم أمام القاضي والاستماع لأقوالهم في أول جلسة محكمة ، لما في ذلك من اختصار كثير من الوقت في شرح وفهم جوهر القضية ، وبعد ذلك يتولى المحامين تقديم الأدلة والمرافعات والدفوعات الورقية ، كما يتوجب أن يستنير القاضي بالسجل القضائي للمدين ليتبين له إن كان هذا المدين له أسباقيات في قضايا التمنع عن السداد وغيرها من الجنح والجرائم.
 
تابعو الأردن 24 على google news