صناعة الوهم بين السينما الهندية والبنوك الأردنية
المهندس سميح جبرين
جو 24 :
ربما لا أحد يصدّق أن الهند تنتج سنوياً أكثر من ألف فيلم سينمائي ، أي بمعدل ثلاثة أفلام يومياً .وأفلام السينما رائجة بشكل كبير بالوسط الشعبي في الهند لكونها تداعب أحلام هذا الشعب المدقع بالفقر ، فمعظم الأفلام الهندية تتكلم عن قصة حب تقع بين شاب من الطبقة الغنية وفتاة بارعة الجمال من الطبقة الفقيرة ،بحيث تدور الصراعات في الفيلم بين أهل الشاب الغني الذين يرفضون ارتباط أبنهم بفتاة فقيرة ، وبالنهاية ينتصر الحب ويتزوج العاشقان بحفل مهيب يرقص به الجميع بأتواب زاهية الألوان . ويخرج المشاهدين الفقراء من صالات السينما فرحين بالانتصار الوهمي الذي شاهدوه بعد أن دفعوا ثمن تذاكر الدخول لصالات السينما كثمن لهذا الوهم .
في الأردن يحدث نفس الأمر ولكن بأدوات أخرى . فالبنوك هنا تأخذ دور صناعة الوهم في عقول الناس ،وذلك من خلال الأعلان عن جوائز نقدية يومية وأسبوعية وشهرية وسنوية مجزية على ودائع البنوك لتشجيع الناس على إيداع أموالهم بالبنوك ، ويوهمون الناس بأن عليهم أن لا يعتمدوا على حظهم وإنما على انتظار دورهم بالربح وأن فرصتهم بالربح تقترب كلما كانت الوديعة أكبر . وهنا للأسف فإن معظم المتوهمين بالربح من المودعين لا يعلمون أن البنوك تقوم من تلقاء نفسها بإخضاع أموالهم المودعة لخصم من قيمة الفوائد المستحقة لهم على ودائعهم من أجل أخضاع حساباتهم للسحب على الجوائز ، وللتوضيح أكثر ، تقوم البنوك ببيع أوراق يانصيب وهمية للمودعين وتخصم ثمنها من نسبة المرابح المستحقة على أموالهم كفوائد .مما يعني أن الجوائز التي توزعها البنوك تأتي أصلاً من أموال المودعين بشكل مباشر وليس من عوائد أرباح البنوك التي تحققها من تشغيل الأموال المودعة عندهم .
نختصر الكلام بالقول بأن صناعة الوهم أصبحت أكبر تجارة رائجة في العالم ، وخاصة في الدول الفقيرة والمبتلاة بالفساد .