2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

كيف نعبُر إلى المستقبل..؟

حسين الرواشدة
جو 24 :

ما لم نتوافق على دحض كل الاساطير التي اسست لفشلنا وخيباتنا، او أوهمتنا باننا نسير في الاتجاه الصحيح، او جردتنا من انسانيتنا واورثت بعضنا غرائز التوحش، وما لم نتخلص من عقلية الخرافة ومنطق المؤامرة وشهوة السلطة المغشوشة، سنظل ندور في حلبة الحروب والصراعات، نتقاتل ونتبادل الاتهامات والضغائن وسندفع اجيالنا القادمة الى مواصلة الطريق على خطانا وتسديد فواتير عجزنا وفشلنا واصرارنا على الهروب من مواجهة الحقيقة وتعمد السير بعكس تجاه التاريخ..
لا نحتاج بالطبع الى حفريات عميقة داخل الذات العربية في المجالين الديني والسياسي تحديدا لكي نكتشف الاساطير التي نشأت عليها، نظرة واحدة للسطح تكفي لرؤية حركة هذه الاساطير في حياتنا وواقعنا، خذ مثلا اسطورة «الدولة « التي لم نفلح حتى الان في معرفة هويتها وترسيم حدودها، الدولة التي ما تزال مجرد هياكل غامضة مفرغة من المضامين، هذه الدولة التي تأسس عليها وعينا باعتبارها اطارا عاما للوطن وملكا لمواطنيها ومصدرا للقوة نكتشف الان بعد ما جرى في عالمنا من اضمحلال لمنعة الدولة وسقوط بعض العواصم واندحار بعض الجيوش وتمدد المليشيات وصراع المكونات على اساس الطائفة والمذهب، نكتشف ان صورة الدولة في المخيلة الاسطورية ليست كما هي في الواقع، نحن بالطبع نعرف لماذا، لكننا للاسف استسلمنا للخيال ولم نعمل عقولنا في حقيقة نشأة هذه الدولة وفي سيرورتها وفي الاخطاء التي رافقت قيامها وتطورها.
خذ في المجال السياسي ايضا، اساطير اخرى مثل : التنمية ، الديمقراطية، العدالة، الشعب الواحد، ستكتشف ايضا بان حركة السياسة ومعها حركة المجتمع في الغالب كانت تسير بعكس اتجاه هذه القيم والمفاهيم، فالتنمية التي انتجت نحو 100مليون امي في العالم العربي واكثر من 22 مليون شاب عاطل عن العمل، ليست اكثر من كذبة واسطورة، والتنمية التي لم تنتج جامعة عربية واحدة بين اوائل مئة جامعة في العالم، ولم تسمح للبحث العلمي ان يحوز على اكثر من اثنين في العشرة من مئة من التاتج الاجمالي للدول العربية،هذه التنمية التي يمكن مطالعة نتائجها في تقارير التنمية البشرية التي تصدر سنويا كانت ايضا جزءا من المشكلة التي تجاوزنا بها الحقيقة الى الاستسلام للاسطورة، اما الديمقراطية والعدالة..الخ، فليست اكثر من نسخ متشابهة للتنمية، ومجرد تطبيقات عملية بائسة لها.
الاساطير في المجال الديني كانت صادمة اكثر، لا لانها فقط تستمد شرعيتها من قداسة المرجعية التي نتوهم انها تنتسب اليها وانما ايضا لانها شكلت الاساس الذي انبنى عليه وعينا وثقافتنا وانبنت عليه احكامنا التي نصدرها تجاه الذات او الآخر، خذ مثلا اسطورة الخلافة التي ما تزال تشكل عقدة نفسية للكثير من المسلمين، كيف تم توظيفها لتبرير التوحش والقتل، وتجاوز القيم التي تمثلها الدولة العادلة المنسجمة مع مبادئ الدين، وخذ ايضا اسطورة السياسة التي تم اختزال الدين فيها، وتوظيفها لخدمته حتى لو كانت منزوعة من اخلاقيات الدين، ثم ماذا كانت النتيجة؟
ان كل هذه الحروب التي عانينا منها على امتداد تاريخنا كانت بسبب تقمصنا لهذه الاسطورة التي افرزت من التدين اسوأ ما فيه ومن المسلمين اوحش ما لديهم،وخذ ايضا اسطورة الانا الناجية والآخر الهالك،واسطورة «انا استاذ العالم ومعلم البشرية»، واسطورة «النسخة العربية المعتمدة والوحيدة للاسلام « واسطورة الجهاد الذي اختزل في القتال فقط، واسطورة « تقسيم العالم الى فسطاطين» على مسطرة التكفير والولاء والبراءة، ولا تنس بالطبع اسطورة «الطاعة»،واسطورة «الغنيمة « واسطورة تقديس التاريخ..الخ
باختصار، اذا اردنا ان نغادر ازماتنا المزمنة لا بد ان نفتح عيوننا على كل الاساطير التي كرست تخلف الذات العربية المسلمة، والغت عقلها،وجردتها من انسانيتها، وان نتصارح و نتصالح ونكف عن استخدام منطق التكاذب والمجاملة، والاقصاء والتكفير، واستعداء الذات والاخر، لا بد ان نبدأ مرحلة التحرر من الخرافات السياسية والدينية، وبعد ذلك يمكن ان نبحث على وجه اليقين : كيف نعبر الى المستقبل..؟

 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير