2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

بعد ان صحونا من الفاجعة

حسين الرواشدة
جو 24 :
كتب حسين الرواشدة - اكبر من اي كلام كان حجم الفاجعة، يكفي ان تدقق في وجوه هؤلاء الاطفال الابرياء الذين واجهوا قسوة الموت في لحظة عزت عليهم الحياة، او ان تستعيد الذاكرة بما فيها من صور الابناء والاحفاد والمدارس والرحلات.. يا الله ما اصعب ان تودع الامهات والاباء ابناءهم على امل ان يعودوا ثم لا يعودوا الا نعوشا محمولين الى المقابر.

في تلك اللحظة لم يجد الاردنيون سوى الحزن فتقاسموه، لكن بعد ذلك صحونا على اسئلة حائرة مجبولة بالخوف والريبة: ماذا حدث ولماذا وكيف..؟ ثم من المسؤول عن ذلك ومن هم المقصرون وهل سينالون ما يستحقوه من حساب؟

عقدة المنشار في كل ما حدث هو غياب الثقة بين الناس وبين حكومتهم ومؤسساتهم، وهذه بالطبع ليست جديدة ولا بسيطة فمع غياب الثقة يصبح الفضاء مفتوحا امام سيل من الروايات والتاويلات والشائعات، ويبحث الناس عن الحقيقة فلا يجدوها، والاهم من ذلك ان فشلنا في ادارة الازمة والتعامل معها ساهم في تغذية افتقاد الثقة وتوسيع الفجوة وزيادة القهر والنقمة ايضا.

لا ابالغ اذا قلت اننا جميعا نتحمل المسؤولية: المدرسة التي اختارت رحلة مغامرة لاطفال بعمر الورود، ووزارة التربية التي سمحت بذلك، ومؤسساتنا التي اهملت العناية بالسياحة والسدود والطرقات، لكن الخطا الاكبر الذي شكل لنا غصة جميعا هو فشلنا في ادارة الازمة والتعامل معها.

هل يعقل ان يكون همّ المسؤول الاول هو تبرئة نفسه من تهمة التقصير؟ هل يعقل ان نتبادل الاتهامات قبل ان نضع ابناءنا في ثلاجات الموتى؟ هل يجوز ان تغيب الرواية الرسمية لايام وان تمتلئ الشاشات بوجوه مسؤولين ليس لديهم معلومات عما حدث، ثم الم يكن الاولى ان ننتظر ما ستقوله لجنة التحقيق لنعرف الحقيقة الكاملة؟ وقبل ذلك اليس من المنطق ان تكون هذه اللجنة محايدة وليست حكومية؟

لا اريد ان اقلب المواجع، فما حصل كان كارثيا بامتياز، لكن كل ما اتمناه ان نغادر منصة التلاوم، وان لا نكرر ما الفناه عند كل ازمة تحاصرنا حيث اللجان التي تشكل ثم لا تنتهي الى نتيجة، او حيث دعوات المحاسبة التي نطلقها ولا تفضي الا الى اكباش فداء او حتى لا نجد من سيتحمل مسؤولية ما حدث حتى نعاقبه.

لم نخرج بعد من تداعيات وارتدادات (3) ساعات هزت وجدان مجتمعنا، ولنا ان نتصور لو امتدت الى يوم او اكثر، او لو تعرضنا لا سمح الله "لزلزال" او أزمة اكبر، كيف سيمكن -اذن- ان نواجهها؟ وكيف ستبدو صورة مؤسساتنا ومجتمعنا؟ ومن سيتحمل مسؤولية الاخفاق؟

اول ما يمكن ان نفعله هو ان نعترف بأننا قصرنا في مواجهة أزمة عابرة ومفاجئة، وبأن غياب "ادارة ازمة " كهذه يستدعي ايجاد خلية تجمع كافة الاطراف والمؤسسات مهمتها وضع ما يلزم من معلومات وخطط حول التعامل مع الظروف الطارئة، وتحديد أوجه التقصير والضعف في اداء أي طرف لمحاسبته لاحقاً (اليس هذا من واجب مركز الازمات..؟)

وعلى ذكر المحاسبة فان مرور هذه الكارثة دون مساءلة المسؤولين المقصرين سيعني أننا لا نريد ان نتعلم مما حصل، ولا اتحدث هنا عن جهة محددة (المدرسة التي توجهت لها اصابع الاتهام) وانما اتحدث بشكل عام لأن ثمة جهات اخرى -ايضاً- تحتاج الى المحاسبة لكي لا تتكرر الأخطاء، ولكي نكون أمام موازين العدالة سواء بسواء.

يبقى ان ننتظر ما تطالعنا به التحقيقات وما يمكن ان نستفيد منه لكي لا تتكرر الفاجعة .

مع خالص الدعوات بالرحمة لابنائنا الشهداء والصبر لذويهم والشفاء للمصابين ولا حول ولا قوة الا بالله .
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير