في غياب الاخلاق يحدث هذا وأكثر..!
حسين الرواشدة
جو 24 : لا يمكن للقوانين ، مهما تكن رادعة ، ان تمنع ضعاف النفوس من ابتداع ما أمكن من وسائل للكسب غير المشروع ، او لاساءة استخدام الصلاحيات ، او للتحايل على الانظمة والتعليمات ، والقوانين - هنا - مجرد نصوص عمياء ما لم تتوفر الارادة والآليات لتطبيقها ، وما لم يكن ثمة عيون تراقب ، وآذان تسمع ، ومؤسسات فاعلة تسأل وتتابع وتحاسب ، وحتى مع افتراض وجود ذلك كله ، فإن غرائز البعض الذين لا يقيمون وزنا للمسؤولية تدفعهم الى تجريب حظوظهم في ممارسة الخطأ ، او في استسهال التجاوز او في اقناع الذات بأن الشطارة جزء من الفطرة.. وبأن الموقع فرصة للنهب والكسب.. وبأن عموم البلوى تتيح اعادة تعريف الحقوق.. او قلبها اذا لزم الامر.
في غياب القواعد الدينية والاخلاقية والمواثيق السلوكية الملزمة ، يحدث هذا واكثر ، وما اكثرها قصص التحايل التي صنعت من بعض المهتمين بالفساد ضحايا لمحاكمات لم تكتمل ، او لاخبار ومعلومات صنفت في زوايا الاشاعات او حولتهم لابطال وطنيين مع ان بعضهم متورط في التهم حتى اذنيه ، والمشكلة هنا ليست في عدم وجود تشريعات رادعة ، ولا حتى - احيانا - في صدقية تطبيقها او في وجود ثغرات ما تسمح للبعض بالخروج من المصيدة القانونية ، وانما المشكلة الحقيقية تكمن في غياب قواعد سلوكية واخلاقية تحكم المسؤول او الموظف في العمل العام والخاص ايضا ، والاهم من ذلك مناخات من الحرية والشفافية التي يفترض ان تشكل كاميرات على مدار الساعة لمراقبة الموقع العام ، ومتابعة من يتبوأه ، باعتبار ذلك حقا للناس.. لا تدخلا في الشأن الخاص ، ولا اختراقا للخصوصيات والامور الشخصية.
هذا كله يضمنه الدين متى كان فاعلا في المجتمع ومتى كان (حراسه)من دعاة ووعاظ ومدرسين مؤهلين لحمله وقادرين على اقناع الناس به وتحويله من مجرد طقوس ونصوص في الكتب ومواعظ مجردة الى حياة تدب على الارض فتغير النفوس وتهدي الحائرين وترشدهم الى الصواب،وهذا لايتحقق الا اذا كان هؤلاء المسؤولون عن الوعي الديني مشاعل نور ونماذج حقيقة ودعاة قدوات وليسوا مغشوشين.
المجتمعات احيانا تصنع الفساد ، وتتواطأ مع المتورطين فيه ، وقد تبرر لهم افعالهم بشكل او بآخر ، كما اننا لا نعدم متعاطفين مع بعض الذين يسيئون استخداما صلاحياتهم او يتجاوزون على المال العام تحت مسميات ودوافع كثيرة ، والقضية - هنا - لا تتعلق بموقف الدين او المجتمع من الفساد كجريمة ، ولا بالمتورطين فيه كأشخاص يفترض محاسبتهم ، وانما تتعلق بما جرى على مهادنا الاجتماعي من تحولات في القيم ، وما ترتب على ذلك من اشتباكات في المصالح ، او من مضاربات وتناقضات في اصدار الاحكام.. وكل ذلك بسبب اضطراب موازين الاخلاق والسلوك.. وافتقاد النموذج الذي يمكن القياس عليه ، وتراجع حاله الطهارة الاجتماعية لحساب التلوث العام الذي اصاب الفكر.. والوجدان ايضا.ناهيك عن حالة التدين التي اصابها هي الاخرى ما اصاب مجتمعنا من تراجعات وتناقضات .
لا يمكن فهم هذه الاشتباكات التي تحتدم داخل الشخصية الاجتماعية دون الالتفات الى مسألتين: احداهما مشاهد التدين المغشوش التي تطفو على سطوح مجتمعاتنا ، حيث لم يعد مدهشا ان يتستر البعض بأشكال وانواع ومظاهر دينية للتغطية على سلوكيات مرفوضة يمارسها ، واحسب ان المهاد التجاري يمكن ان يقدم لنا نماذج عديدة من هذا القبيل.
والمسألة الثانية تتعلق بما نطالعه من مشاهد الوطنية المشوهة التي تختص وراءها سلوكيات لا تتناقض مع المبادئ والمصالح الوطنية فقط ، وانما تحاول - جادة - ان تهدمها تحت ذرائع التغيير او التجديد.. في الحقيقة انها تعبر عن عُقد من النقص ، او من الرغبة في الانتقام لكن ما يجمع المشهدين هو غياب الاخلاق ، سواء كانت دينية او وطنية ، وهيمنة عقلية التحايل والشاطر على السلوكيات التي يفترض ان تحكمها مسطرة المسؤولية الاخلاقية.. قبل ان تخضع لمسطرة القوانين الرادعة؟ الدستور
في غياب القواعد الدينية والاخلاقية والمواثيق السلوكية الملزمة ، يحدث هذا واكثر ، وما اكثرها قصص التحايل التي صنعت من بعض المهتمين بالفساد ضحايا لمحاكمات لم تكتمل ، او لاخبار ومعلومات صنفت في زوايا الاشاعات او حولتهم لابطال وطنيين مع ان بعضهم متورط في التهم حتى اذنيه ، والمشكلة هنا ليست في عدم وجود تشريعات رادعة ، ولا حتى - احيانا - في صدقية تطبيقها او في وجود ثغرات ما تسمح للبعض بالخروج من المصيدة القانونية ، وانما المشكلة الحقيقية تكمن في غياب قواعد سلوكية واخلاقية تحكم المسؤول او الموظف في العمل العام والخاص ايضا ، والاهم من ذلك مناخات من الحرية والشفافية التي يفترض ان تشكل كاميرات على مدار الساعة لمراقبة الموقع العام ، ومتابعة من يتبوأه ، باعتبار ذلك حقا للناس.. لا تدخلا في الشأن الخاص ، ولا اختراقا للخصوصيات والامور الشخصية.
هذا كله يضمنه الدين متى كان فاعلا في المجتمع ومتى كان (حراسه)من دعاة ووعاظ ومدرسين مؤهلين لحمله وقادرين على اقناع الناس به وتحويله من مجرد طقوس ونصوص في الكتب ومواعظ مجردة الى حياة تدب على الارض فتغير النفوس وتهدي الحائرين وترشدهم الى الصواب،وهذا لايتحقق الا اذا كان هؤلاء المسؤولون عن الوعي الديني مشاعل نور ونماذج حقيقة ودعاة قدوات وليسوا مغشوشين.
المجتمعات احيانا تصنع الفساد ، وتتواطأ مع المتورطين فيه ، وقد تبرر لهم افعالهم بشكل او بآخر ، كما اننا لا نعدم متعاطفين مع بعض الذين يسيئون استخداما صلاحياتهم او يتجاوزون على المال العام تحت مسميات ودوافع كثيرة ، والقضية - هنا - لا تتعلق بموقف الدين او المجتمع من الفساد كجريمة ، ولا بالمتورطين فيه كأشخاص يفترض محاسبتهم ، وانما تتعلق بما جرى على مهادنا الاجتماعي من تحولات في القيم ، وما ترتب على ذلك من اشتباكات في المصالح ، او من مضاربات وتناقضات في اصدار الاحكام.. وكل ذلك بسبب اضطراب موازين الاخلاق والسلوك.. وافتقاد النموذج الذي يمكن القياس عليه ، وتراجع حاله الطهارة الاجتماعية لحساب التلوث العام الذي اصاب الفكر.. والوجدان ايضا.ناهيك عن حالة التدين التي اصابها هي الاخرى ما اصاب مجتمعنا من تراجعات وتناقضات .
لا يمكن فهم هذه الاشتباكات التي تحتدم داخل الشخصية الاجتماعية دون الالتفات الى مسألتين: احداهما مشاهد التدين المغشوش التي تطفو على سطوح مجتمعاتنا ، حيث لم يعد مدهشا ان يتستر البعض بأشكال وانواع ومظاهر دينية للتغطية على سلوكيات مرفوضة يمارسها ، واحسب ان المهاد التجاري يمكن ان يقدم لنا نماذج عديدة من هذا القبيل.
والمسألة الثانية تتعلق بما نطالعه من مشاهد الوطنية المشوهة التي تختص وراءها سلوكيات لا تتناقض مع المبادئ والمصالح الوطنية فقط ، وانما تحاول - جادة - ان تهدمها تحت ذرائع التغيير او التجديد.. في الحقيقة انها تعبر عن عُقد من النقص ، او من الرغبة في الانتقام لكن ما يجمع المشهدين هو غياب الاخلاق ، سواء كانت دينية او وطنية ، وهيمنة عقلية التحايل والشاطر على السلوكيات التي يفترض ان تحكمها مسطرة المسؤولية الاخلاقية.. قبل ان تخضع لمسطرة القوانين الرادعة؟ الدستور