2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

البحث عن خيار رقم (8)..!

حسين الرواشدة
جو 24 :
ما بين عامي 2011 و 2014 شهد بلدنا نحو 5000 مظاهرة واعتصام ، توزعت بين العاصمة والاطراف وكان ابرزها اعتصامات "الجمعة"، بعدها توقفت نسبيا حدة الاحتجاجات حتى فاجأتنا احتجاجات الرابع قبل نحو ستة شهور على ايقاع مشروع قانون ضريبة الدخل الذي اطاح بحكومة الملقي، ثم عادت مرة اخرى قصة الدوار الرابع مع حكومة الرزاز، وما زال الباب مفتوحا امام مفاجآت لا نعرفها حتى الان.

صحيح ان اطرافا جديدة دخلت على خط الاحتجاجات، وصحيح ان العناوين اختلفت، لكن مع بقاء الجسد الذي يتحرك في الشارع وغياب "الرأس"، ناهيك عن الحسابات الداخلية التي تترصد ما يحدث في الداخل، وما ينتظرنا من استحقاقات على صعيد ملفات تتعلق بالاقليم والخارج، اصبح السؤال المهم هو: كيف ستتعامل الدولة مع هذه الاحتجاجات..؟

السؤال استدعته بالطبع المقارنة بين نسخة تعاملنا مع الرابع في حزيران الماضي، ونسخة تعاملنا مع احتجاجات الخميس الماضي، اما الاجابة فتحتاج ايضا الى استدعاء تجربتنا خلال السنوات الماضية التي تزامنت مع تصاعد الاحتجاجات فيما سمي بحقبة الربيع العربي.

لم يكن الموقف من الاحتجاجات آنذاك واحداً أو موحداً، لكن بمقدورنا ان نرصد "7" اتجاهات لكي نفهم هذا الموقف، ونتنبأ بما يمكن ان يحدث، الاتجاه الاول كان "استيعابيا" بامتياز، فقد أدرك المطبخ السياسي ان أصداء احتجاجات الشارع العربي التي انطلقت تباعاً وصلت الينا، وان التقاطها أصبح ضرورة، وبالتالي كان التعامل معها بمنطق "الاستيعاب" أو الاحتواء هو الخيار الواقعي لاستدراك ما يمكن ان تتمخض عنه تطورات يصعب السيطرة عليها.

الاتجاه الثاني كان "استدراجيا" من خلال التدرج في "صرف" وصفات الاصلاح على جرعات، وبالتالي استدراج الشارع الى التعامل مع هذا التقسيط والتفاعل معه والانشغال به، ومع ان هذا الاتجاه اعتمد على لعبة الوقت وعلى أخذ الشارع الى محطات مصممة سلفاً لاقناعه بأن قطار الاصلاح بدأ يتحرك، الا ان الهدف من هذا الاستدراج هو ضبط ايقاع الشارع على موسيقى الاصلاح وضمان بقائه على المسرح.. دون ان يؤدي ذلك الى ظهور أي نشاز في الايقاع.. أو اضطراب في حركة الواقفين والفاعلين في عملية تبادل الادوار.

الاتجاه الثالث كان "استعدائيا"، وهو خيار انتجته ظروف معينة، دفعت الموقف السياسي الى تبني فكرة استعداء البعض على الكل من خلال تفعيل الفزاعات المألوفة، ورمي عيدان الكبريت هنا وهناك، وتقسيم الشارع الى فريقين أو اكثر، هذا الاتجاه كان يعبر عن هواجس البعض من التغيير ،وعن تصاعد حالة الخوف من وحدة الشارع، كما انه يعكس مدى جاهزية الدولة لاستقبال ذبذبات الاصلاح.

الاتجاه الرابع كان "استبعادياً " وقد اعتمد على محاولة تصنيف المطالب وحصرها في فئات محددة، وتعامل معها بطرق مختلفة تراوحت بين الاسترضاء والاستقطاب، ثم حاول استبعاد كتل وفئات اخرى وابقاءها في دائرة التفرج أو الحياد.

اما الاتجاه الخامس فكان "استعراضيا" حيث جنح الخطاب السياسي المحمل بوعود الاصلاح الى "عرض" الموقف السياسي وتزيينه واعادة اخراجه ليتناسب مع المرحلة الجديدة، لكنه ظل خطاباً معزولاً عن الواقع، انشائياً ونظرياً ولم يلامس الواقع الا في محطات محددة ومنتقاة.

وثمة اتجاه "استعصائي" عمد الى اقناع الجمهور بأن ثمة قوى شد عكسي تحاول ان تقف في وجه الاصلاح، وانها وحدها من يتحمل مسؤولية الاستعصاء والتأجيل، فيما ظل الصراع على الاصلاح يأخذ منحى "اعتذارياً" بسبب الوهم الذي توّلد لدى البعض من قوة هذه "المراكز" واستعصائها عن الرضوخ لمنطق ضرورة التغيير.

اما الاتجاه السابع فقد اعتمد "الاستمزاج" حيث ظل الموقف السياسي تابعاً لمزاج الشارع، يتصاعد معه حين يتصاعد ويتراجع معه حين يتراجع، وبهذا تذبذت الاستجابات لمطالب الاصلاح تبعاً للزخم في الشارع، ولما كان طقس هذا الشارع متقلبا، فان مناخ القرار السياسي ظل متماشياً مع تغيرات هذا الطقس صعوداً وهبوطاً.

تعكس مجمل الاتجاهات السبعة السابقة التي جربناها في السنوات المنصرفة الموقف السياسي من الاصلاح، ومن الشارع والمجتمع وحراكاته، لكن يبقى السؤال: هل يمكن الان اعادة انتاج هذه الخيارات والاتجاهات مرة اخرى، وايها سيكون الانسب للتعامل مع اللحظة الراهنة، ثم هل يمكن ان تقودنا نحو الاصلاح الحقيقي وتقنع الناس بالخروج من الشارع؟ والاهم هل نحتاج الى البحث عن الخيار رقم 8 من خارج "صندوق" هذه الاتجاهات لكي نتجنب سيناريوهات مكلفة اكثر؟
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير