مؤتمر وارسو وفرص النجاح
تعيش المنطقة والعالم في السنوات العشر الاخيرة حالة من المخاضات واعادة التحالفات الدولية التي سرعان ما نراها تتقلب او تتغير استراتيجيها نظرا للاحداث المتغيرة وما تشهده المنطقة من مستجدات في كثير من القضايا والملفات سواء في الموضوع السوري وما تشهده الحالة التركية وسياسة الرضا والحرد والولايات المتحدة الامريكية وما اسفرت عنه الانتخابات العراقية وتعثر تشكيل الحكومة اللبنانية والاوضاع في ليبيا واليمن. والتردد الذي يسيطر على السياسة الامريكية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ونظرتها او خطتها للسلام وعلى رأسها ما تم التعارف عليه بصفقة القرن.
ومع كل هذا فان الولايات التحدة الامريكية ترى ان الوضع الصعب والاخطر والهدف المهم لها، يتمثل بالملف الايراني التي الغت الاتفاق النووي معها واعلنت عن سحب قواتها من سوريا للهدف نفسه ساعية الى عقد مؤتمر دولي في العاصمة البولندية منتصف الشهر القادم لمناقشة الملف وتشكيل تحالف دولي لهذه الغاية.
وعلى الرغم من اعلان وزارتي الخارجية في الولايات المتحدة وبولندا ان المؤتمر سيبحث مستقبل الشرق الأوسط والأوضاع الأمنية في المنطقة، وأن جميع دول العالم مدعوة لحضوره، وانه سيركّز على «استقرار الشرق الأوسط والسلام والحرّية والأمن في هذه المنطقة، او للتأكد من أن إيران لا تمارس نفوذا مزعزعا للاستقرار».
والاخير هو المهم بالنسبة لمنظمي المؤتمر الذي يروج ويحشد له وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية مايك بومبيو الذي زار المنطقة العربية للتحشيد الا ان تقارير صحافية تشير الى تردد دولي. وفقا لمصالح البعض ونظرتها الى الموضوع مما يدفعنا الى تساؤل حول امكانية نجاحه وتحقيق طموح منظميه في ظل عدم حماس اوروبي بعد تقارير اعلامية تحدثت بان موغيريني، الممثلة العامة للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، لن تحضر قمة «الشرق وارسو»، كما لم يعلن الرعاة الرئيسيون الثلاثة للاتفاق النووي، بريطانيا وفرنسا، وألمانيا، عن الحضور.
ويحاول بومبيو اقناع الدول العربية المشاركة من خلال ترويجه بان ايران هي العدو المشترك لبلاده والدول العربية حيث إن وزراء خارجية إسرائيل والسعودية ومصر والأردن والبحرين والإمارات مدعوون للمشاركة.
الا انه من الواضح عدم وجود حماس كبير لدى بعض الدول العربية للمشاركة في المؤتمر انطلاقا من مصالح واستراتيجيات مختلفة، فالاردن الذي تمكن من الخروج من الدائرة الضيقة التي كانت حوله بفضل سياسته المعتدلة وتبنيه نظرية التأني والتروي فان هذا التحالف قد يؤثر على مصالحه الاقتصادية مع العراق وسوريا التي اقترب قطاف ثمارها بعد سلسلة من اللقاءات والزيارات وسنوات من الانتظار.
كما ان العراق ليس له اي مصلحة في المشاركة لاسباب يعرفها الجميع، اما مصر فانها تتبع سياسة الاعتدال والوسطية في علاقتها مع ايران وتتخذ دائما موقفا ينسجم مع مصالحها وسياستها ويبدو ان الزيارة الاخيرة التي اجراها رئيسها عبد الفتاح السيسي للاردن ولقائه جلالة الملك عبدالله الثاني تشير الى رؤية مشتركة حول الموضوع.