تساؤلات في جدوى آليات تعيين رؤساء الجامعات
أ. د. اخليف الطراونة
جو 24 :
سألني أحدهم عن نجاعة آليات تعيين رؤساء الجامعات في السنوات الأخيرة مقارنة مع طريقة التعيين سابقا..
لعل الإجابة عن هذا السؤال ، تقتضي بالتأكيد تتبع أداء رؤساء الجامعات الأردنية الرسمية منذ أسست الجامعة الأردنية العام ١٩٦٢ وحتى البدء في عمل لجان اختيار وترشيح رؤساء الجامعات في العام الجامعي2015/2014؛ إذ نجد أن الخيارات ،في الغالب، كانت خيارات موفقة فمعظم هؤلاء الرؤساء كانوا قادة تربويين أو خبراء في مجال التعليم العالي( مع بعض التحفظات على بعضهم والذين ثبت فشلهم ، ومع هذا تم تدويرهم لجامعات أخرى وفشلوا فيها أيضا ) . ولكن ما تم حديثا هو وضع صيغة لانتقاء رؤساء الجامعات تبعد المتميزين من القادة الاكاديميين، وذلك من خلال تفصيل شروط للبعض أثبتت عدم جدواها، ونجم عنها اختيار قيادات مهزومة من الداخل، تكاد تكون مسلوبة الإرادة لا تقدر على اتخاذ ابسط أنواع القرارات ، ما جعل بعض ضعاف النفوس في عدد من الوحدات الإدارية هم من يديرون المشهد الجامعي، وبقيت ايادي هؤلاء الرؤساء المرتجفة تؤخر وتماطل وتبطىء نمو وإدارة ملفات الجامعة المهمة . وهذا من شأنه طبعا ان ينعكس سلبا على الروح المعنوية لدى أعضاء هيئة التدريس والتي بدورها تتسرب إلى الجسم الطلابي ، ويبقى الرئيس يردد ما يمليه عليه المقربون منه وكادره الإداري وبعض أفراد مؤسسات معينة من خارج الحرم الجامعي المقدس . أعتقد ان الدول المتقدمة لديها آليات مجربة، ويمكن الاستدلال بها والتي من أهمها انتقاء أعضاء ورؤساء لمجالس آمناء الجامعات يتمتعون بدرجة عالية من الصدق والشفافية والموضوعية ، ويكونون من الذين يشهد لهم بالنجاح في قيادتهم لمؤسسات تربوية أو اقتصادية مختلفة، ثم يتم منح هذه المجالس الاستقلالية في اتخاذ القرارات الخاصة بجامعة كل منهم ضمن الأطر العريضة العامة لقانون التعليم العالي، كما تكون لهم صلاحية تشكيل لجنة تقصي وبحث لاختيار رئيس لجامعتهم، يحقق أهداف الخطة الاستراتيجية للجامعة وينهض بها .
ان المتتبع لحالات بعض الرؤساء حاليا يؤلمه ما صار إليه المشهد الجامعي من ضعف وتردي ، يفقد التعليم سمعته المرموقة وتنافسيته المشهودة، إذ تمضي الأشهر وسقف الرئيس في القرار يتركز في نقل أو استجواب موظف صغير أو الاشتراك مع ضعاف نفوس لاتخاذ قرار انتقامي يخص تأخير ترقية زميل أو منع آخر من مكافأته أو تعديل مسماه الوظيفي وفئته أو حرمانه من حق مالي مقر ضمن قانون الجامعة وانظمتها واعرافها وتقاليدها ... وتبقى مهمة رئيس الجامعة في إدارة الجامعة وكأنه موظف إداري .. ولا اعتقد ان هذا يخدم دولة المؤسسات والإنتاج والإنسان الذي ينادي بها دولة رئيس الوزراء والذي هو بدوره أيضا؛ يساهم بالابتعاد عن تطبيق هذه المفاهيم من خلال سوء اختياره لقيادات في مواقع مختلفة .
لا يمكن أن تنهض الدولة اذا استمر الحال على ما هو عليه؛ حيث اتسع الخرق على الراقع. حفظ الله مسيرة التعليم العالي في بلدنا الغالي التي هي ذخر الوطن وعنوان تقدمه في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم .