في أحوال المعلم وامتيازاته
د. عزت جرادات
جو 24 :
*يتفق معظم المهتمين بالإصلاح التعليمي على أن عملية الإصلاح الفعلي في مختلف جوانب العملية التربوية... يبدأ من دور المنظومة الثلاثية المتمثلة بالمنهاج والمعلم والطالب... فالتربية في جوهرها عملية مستقبلية، وأداة للإعداد المستقبلي ومعلم المستقبل هو العنصر الأقوى والأكثر فعالية في عملية التعلّم والتعليم، وعلى عاتقه وجهده تقع مسؤولية إعداد الفرد في المجتمع، باعتباره الركيزة الحاسمة في مدى نجاح جهود عملية الإصلاح التربوي، وبخاصة في مرحلة التعليم العام الذي يعنى بتشكيل عقل الطالب وتكوينه، وبتوجيه اهتماماته وبتحفيز ملكة الابتكار لديه.
* وحتى يكون للمعلم الدور الفعلي في وصنع المستقبل التربوي فأن ذلك يتطلب الاهتمام بظروفه الاجتماعية والاقتصادية والمهنية والتكنولوجية، باعتبارها البيئة التي يعمل فيها، وذات تأثير وأثر في مستوى أداءه؛ ولتمكينه أيضا من أنجاز عملية تربوية تفجر طاقات الطلبة وقدراتهم الإبداعية، وتجعل للمعلم الدور القيادي في الإصلاح والتطوير والتغيير ولعل أهم الجوانب التي تمس المعلم في بيئته تلك هو الجانب الاقتصادي، الذي ينعكس ايجابياً على ظروفه الاجتماعية والمهنية والتكنولوجية، وفي دراسة قامت بها (منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية-OECD) بناء على بيانات تم جميعها عالمياً خلال ست سنوات حول الدخل المادي والامتيازات التي يحصل عليها المعلم، فقد جاءت أول خمس دول في أفضل راتب للمعلم، وعلى الترتيب: لوكسمبورغ، ايرلندا، كوريا الجنوبية، وألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، ولا حاجة لذكر الأرقام فهي منسوبة إلى المستوى الاقتصادي / المعيشي للفرد والمجتمع .
وفي دراسة مماثلة لمركز أبحاث التعليم في جامعة شيكاغو جاءت كندا، وايطاليا، وجنوب إفريقيا، والهند، والولايات المتحدة الأمريكية، أما على المستوى العربي، فقد تم رصد الرواتب في (13) دولة، وجاءت أعلى خمس دول منها: قطر، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، والسعودية والبحرين.
*وفي حصر للامتيازات المرافقة لرواتب المعلمين، فيمكن عرض نماذج لخمس دول مختلفة النهج الاقتصادي:-
-فاليابان: تتميز بحصول المعلم على دعم كبير يتمثل في علاوة مجزية ثلاث مرات سنوياً، وبدلات اجتماعية، وخدمات طبية وأسرية وترفيهية.
-وسنغافورة، تحرص على الارتقاء بالتعليم والمعلم، مكانة ومسؤولية وتدريباً وامتيازات معنوية ومادية... مع التزامه بقواعد المهنة والاهتمام بالطالب.
-أما اندونيسيا، فتعتبر مهنة المعلم ( رحلة الإنسان النبيل) فتوفر له الحوافز المادية والمعنوية والجوائز للارتقاء بمهنة التعليم.
- وبريطانيا، تعتبر من أكثر الدول اهتماماً بالتعليم، وتعتمد الثقة بالمعلم وتعزيز ثقته بنفسه كي يحرص على احترافيته، وتمسكه القيم السلوكية، وإدراكه العميق للمنهاج والتدريس الفعّال.
- إما الولايات المتحدة الأمريكية فتركيزها فيحصر في ثلاث مراحل لترقية المعلم في المهنة: الإعداد للمهنة، و الالتحاق بالمهنة، ثم الاحتراف المهني ولكل مرحلة امتيازاتها المادية والمعنوية.
*أما عن دور المعلم في عملية تحسين التعلّم والتعليم، فثمة تأكد على ثلاثة أدوار:
- زيادة مشاركة المعلم في أنشطة تطوير المهنة.
-اتخاذ دور قيادي في عملية الابتكار في التعليم وانجاز الطلبة.
- إسهام حقيقي في الحوار المستنير حول التعليم وتطويره.
* ومن الأهمية الإشارة إلى ما أوصت به منظمات المعلمين في الوطن العربي في أهمية التعاون البناء مع نقابات المعلمين، وتعميق علاقاتها الايجابية مع الجهات المسؤولة عن التعليم؛ وكلما زاد الاهتمام بالتعليم الجيد، كلما زاد النمو الاقتصادي والوعي الديمقراطي في المجتمع، فهل من مزيد من الامتيازات لمعلمنا الأردني المعطاء.