حلم العودة.. دفقة الأمل الوحيدة في مخيّم الزعتري "فيديو وصور"
أحمد الحراسيس - "أهنتونا.. والله يا خالتي أهنتونا، والله ما جيناكم يا أردنيين حتى ناخذ علبة طن أو عدس، العشم كان أكبر من هيك".. هكذا استقبلت الحاجة أم عبدالرؤوف "أبناءها" الاعلاميين خلال جولتهم الصحفية في مخيم الزعتري.
الخالة أم عبدالرؤوف لم تستطع التحدث بأية كلمة قبل أن تعبّر عن غضبها من الهجوم الكاسح الذي شنه بعض النواب على اللاجئين السوريين في الأردن، مؤكدة اعتزازها بالشعب الأردني وادراكها أن كل مجتمع "فيه المليح والعاطل"، وأن "العشم بالملك عبدالله كان كبيرا".
ورغم الحزن الذي اتسم به حديث الخالة أم عبدالرؤوف، إلا انها لم تُخفِ الأمل الكبير لديها برؤية حفيدها المفقود منذ عامين، بعد اعتقاله على يد قوات بشار الأسد.
"سأعود إلى بيتي الذي يضم أربعة شقق عما قريب".. تقول السبعينيّة ام عبدالرؤوف التي مازالت تحتفظ بدفقة أمل، في الوقت الذي هيمنت فيه حالة من اليأس على فئة كبيرة من شريحة الشباب، فيما اتجهت فئة أخرى للبدء بأعمال تجارية خاصة بهم.
واختلفت غايات الأعمال التجارية في أسواق الزعتري، بين من يحاول سدّ رمقه وتحقيق الحدّ الأدنى من الربح من خلال ما يقدّمه من خدمة، وبين من وجد فيها منفعة ومصلحة له، فانتشرت محال بيع الفواكه والخضراوات، والمخابز، وأكشاك بيع المياه، والوجبات السريعة، والملابس، وصالونات الحلاقة، ومحال بيع الأجهزة الخلوية ولوازم المدخن.
وبشكل عام، يرى أصحاب محال الخضار والمخابز في وجودهم ضرورة قصوى، وهو ما يعتقده أيضا اللاجئون الآخرون؛ فاستمرار اعتمادهم على ما توفره المساعدات من "الطن، العدس" دون غيرهما من المواد لفترة طويلة أمر صعب وأقرب للاستحالة.
وخلال الجولة في "سوق الزعتري"، بدا واضحا النشاط التجاري، وانتشار فكرة "بيع المحلات" -غالبا لعدم التفرغ- كما أن تداول العملة السورية كان الغالب في تعاملات البائع والمشتري السوري، في حين العملة الأردنية لم تكن تستخدم إلا في حال كون المشتري أردنيا.
الشاب ابراهيم وبلقائنا به خلال تعبئته قوارير المياه الخاصة به، أوضح أن الأولوية لدى اللاجئ هي تأمين ثمن قارورة مياه معدنية، خاصة وأن "نسبة الكلور في المياه الواردة للمخيم عبر الأنابيب عالية جدا، حتى بدأ تأثيرها يظهر على جلد اللاجئ، في ظل الأجواء المناخية السيئة التي يعيشها المخيم".
أما الطفل وائل، من درعا، فقد كشف عن وعي يجعل من حقيقة اندلاع الثورة السورية على يد أطفال عبروا عن أنفسهم بالكتابة على جدران المحافظة الجنوبية، أمرا غير مستغرب.
وائل، الذي تحدث بطلاقة، أكد أن معلمته لا تتوقف عن التهجم على السوريين وشتمهم، لكنه قال إنه لا يصدّق فكرة "أن كل الأردنيين مثلها يكرهون الشعب السوري"، متمنيا عودة قريبة إلى "البلاد"، حيث بقي والده.
الطفل وائل، ابن الثانية عشرة، يستطيع أن يفرق تماما بين معنى الرجولة والذكورة، فهو يصنف والده وكل من بقي في سورية على أنهم "رجال" إضافة إلى الكبار في السن الذين لجئوا إلى الأردن قسرا، فيما ينتقد الشبابَ اللاجئين الذين يعملون في بيع "الدخان" مثلا، متسائلا: "اذا أجت الزلم هون، مين بده يظل بسورية؟!"
المشاهد التي رصدناها لا تقتصر على وائل وأم عبدالرؤوف وابراهيم، ولا الخباز وبائع الخضار أو الماء، فهم جميعا يشتركون بذات الهمّ، كما أن ما يطلبونه من الأردن لا يتجاوز تأمين مياه صالحة للشرب، وأسلوبا حسنا في المعاملة، خاصة وأنهم "لا يحملون للأردنيين إلا مشاعر الحب والأخوة".
وتبقى العودة إلى سورية هي الحلم الذي لم يراود اللاجئين في الزعتري، والذي يتحدث حوله أطفال لم يكتسبوا من اللغة إلا كلمات معدودة.
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
..
.