من عمّان.. مرشح الرئاسة المصريّة خالد علي يستعرض تطوّرات الأوضاع في بلاده
تامر خرمه- استعرض المحامي خالد علي، مرشّح الرئاسة المصريّة، وعضو الجبهة الاشتراكية، أبرز المحطّات التي سبقت اندلاع ثورية يناير في مصر، كما سلّط الضوء على مجمل الأوضاع السياسيّة والاقتصاديّة التي تشهدها مصر هذه الأيّام.
جاء هذا خلال لقاء عُقد في منزل منسّق التيّار التقدّمي خالد رمضان، يوم الخميس الماضي، جمع محامي الفقراء خالد علي بحشد من نشطاء التيّار وشخصيّات وطنيّة وسياسيّة وعدد من الإعلاميّين.
ثورة يناير..
مرشّح الرئاسة المصريّة سلّط الضوء على بداية الفعاليات الاحتجاجية في مصر، والتي كانت تقتصر على التضامن مع الانتفاضة الفلسطينيّة والاحتجاج على غزو العراق، وقال: "القوى المصريّة تساءلت.. لماذا نخرج لدعم فلسطين والعراق وننسى أنفسنا، وهنا تشكّلت مجموعات لمواجهة التوريث".
واوضح خالد علي كيف تشكّلت الحملة الشعبيّة تحت شعار "الحرية الآن" وحركة كفاية، اللتان نظّمتا فعاليّة "شبرا الخيمة"، قبل ان تتشكّل مجموعات شبابيّة مستقلّة بدأت بمناهضة سياسات الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وأشار إلى تصاعد الاحتجاجات العمّاليّة خلال العامين 2004- 2006، والتي اتسعت رقعتها بسبب تعويم الجنيه المصري، وبالتالي انخفاض القوّة الشرائيّة، ناهيك عن خصخصة قطاعات الماء والكهرباء والتعليم والمواصلات، التي أدّت إلى ارتفاع الأسعار بشكل فاق قدرة المواطن على التحمّل.
ولفت إلى تصاعد الاحتجاجات خلال عاميّ 2007- 2008، حيث أعلن عمّال "المحلّة" قرار الإضراب العام في يوم 6- ابريل- 2008، ونشات حركة "خليك في البيت" الشبابيّة التي دعت إلى مناصرة العمّال والمشاركة في الإضراب من خلال امتناع المواطنين عن الخروج إلى اعمالهم.
ونوه كيف أن بيان الأمن المركزي الذي دعا المصريين الى عدم الخوف، والخروج من منازلهم بشكل اعتيادي، زاد من مخاوف الناس التي أدت الى امتناع الكثيرين عن مغادرة منازلهم.
واكد أن ذلك اليوم شكّل الصورة المصغّرة للثورة المصريّة، حيث قتلت قوّات الأمن 3 شباب مصريين، واعتقلت 500 مشارك في تلك الاحتجاجات، وفرضت حظر التجوّل على "المحلّة"، وواجهت الفعاليّات الاحتجاجيّة التي امتدت إلى 8 محافظات بالقمع والتنكيل. وقال مرشح الرئاسة المصريّة: "لقد مزّق الناس صور حسني مبارك، واحرقوها، وقتها كٌسرت هيبة النظام".
واستعرض خالد علي مجمل الاحتجاجات السياسيّة التي شهدتها مصر قبل الثورة، وأضاف: "كانت بعض الاحزاب تستهزئ بقدرة العالم الافتراضي على إقناع الناس بالنزول إلى الشارع، وبدا الحديث يدور حول نظرّية المؤامرة". وتابع: "جيوش المدوّنين كانت شكلا من أشكال التنظيم السياسي، ولم تقتصر على التواصل الاجتماعي، ولم يكن بإمكان الامن ملاحقة الدعوات الكثيرة للفعاليات الاحتجاجيّة التي كانت تتم بسرعة وبطريقة عفويّة".
وأكد ان ذلك الوقت شهد ميلاد حلم الثورة والتبشير بها رغم سواد الصورة، وقال: "اليساريون والناصريون اعلنوا وقتها ان الثورة قادمة.. وجاءت ثورة تونس التي قدّمت نموذج إمكانيّة الإطاحة بنظام قمعي".
وتابع: "بدأ الشباب بالدعوة للاحتجاج في يوم عيد الشرطة 25- يناير، وكان البعض يردّد ان العالم الافتراضي لا يمكن له ان يحقّق شيء على أرض الواقع، قبل ان يتفاجأ الجميع بالمظاهرة الكبرى امام "القضاء العالي".
ونوه إلى أن شباب اليسار والقوميين خرجوا في المسيرات التي انطلقت في عدّة مناطق شعبيّة، كبولاق وغيرها، وإلى انه رغم رفض الاخوان المسلمين لتظاهرة 25 يناير، إلا ان عددا من شبابهم شارك فيها.
وأضاف: "الأحياء الشعبيّة شهدت تظاهرات حاشدة تحت شعار "لا لرفع الأسعار"، وتمكّن المتظاهرون من إجبار اسطول الامن المركزي على فتح الطريق إلى الميدان، ليتضاعف العدد بشكل كبير".
وقال محامي الفقراء: "في الساعة الثانية عشر من ظهر ذلك اليوم، تمكن الامن من قمع التظاهرة، واستشهد ثلاثة شبّان.. امّا في السويس فكانت الشرطة تهرب من امام المتظاهرين.. كان الامر بمثابة الحلم، وادت التظاهرات امام أقسام الشرطة في الأحياء الشعبيّة إلى فقدان الأمن للقدرة على الاتصال والتحكّم".
واستعرض أبرز مشاهد ثورة يناير التي أدت إلى إسقاط حسني مبارك، قبل أن يمهّد المجلس العسكري لاجراء الانتخابات الرئاسيّة بما يمكّن الاسلاميين من الوصول إلى السلطة.
انتخابات الرئاسة..
"خطاب العدالة الاجتماعية الذي يطرحه اليسار هو ذاته ما يتحدّث به الناس"، أكد مرشّح الرئاسة المصريّة، مشيرا إلى أنّه تردّد بقبول ترشيحه في بداية الأمر، إلا أنّه وافق بعد ذلك، على أن يتوحّد اليسار على خطاب واحد ويتنازل لمرشّح يمثل كافة القوى اليساريّة، في حال الوصول إلى توحيد الخطاب.
وأضاف: "جمعنا للحملة الانتخابيّة 70 ألف جنيه مصري فقط، وجمعت 21 ألف توكيل من عمال وفقراء الفئات الشعبيّة، فقد قرّرت ألا أدخل الانتخابات إلا بتوكيلات شعبيّة".
وتابع: "الأمر كان أشبه بالمستحيل، فكان المواطن عند ذهابه للشهر العقاري، يسمع كثيرا من التحذيرات ويقال له أنني وحمدي صباحي كفرة، وعليه ألا يمنح توكيله لأي منّا، ناهيك عن المال السياسي، ورغم هذا كلّه جمعت 21 ألف توكيل، وكنا أنا وحمدين حريصين على صورة بعضنا البعض، وكان يتواصل معي باستمرار للاطمئنان على مجريات الأمور.. أمّا كرم الفقراء فكان غير محدود".
وأشار إلى ان القوى اليساريّة والقوميّة لم تتمكّن من التوافق على مرشّح واحد للرئاسة المصريّة، ما أدّى إلى هدر الأصوات. وقال: "لو جمعت كافّة الأصوات التي حصدها القوميّون واليساريون لوجدت انّها اكبر من تلك الأصوات التي نالها كل من أحمد شفيق ومحمد مرسي".
ونوه إلى ان لقاء جمعه بعد انتهاء المرحلة الأولى للانتخابات بكلّ من حمدين صباحي وعبدالمنعم أبو الفتوح ومحمد مرسي للنقاش حول تشكيل مجلس قيادة الثورة، وضمّ أحزاب وشباب لهذا المجلس الذي كان ينتظره الشارع، لكن محمد مرسي أخبره آنذاك إنّه قرّر خوض انتخابات "الإعادة" وسيوافق على فكرة المجلس في حال لم ينجح بالانتخابات.. وهكذا تبدّدت فكرة مجلس الرئاسة.
وأضاف خالد علي: "ونجح مرسي، وشهدنا الإعلان الدستوري، فتشكلت جبهة الدفاع عن متظاهري مصر، إلا أنني رفضت الانضمام لها، لأن العمل كان جاريا على تشكيل جبهة وطنيّة".
وتابع: "ولكن جبهة الانقاذ تراجعت، وقرّرت التصويت في الانتخابات، وشهدت تردّدا في مواقفها، ولكن بعض الأحزاب بدأت تنشط على المستوى التنظيمي الداخلي".
ولفت إلى أنّه في ذلك الوقت بدأت انتخابات اتحاد الطلبة، وعمل الطلبة القوميون واليساريون معاً، وتمكنوا من اكتساح الاخوان في كافّة الجامعات المصريّة.
ونوه إلى ان القوائم المدنيّة تمكذنت أيضا من اكتساح الاخوان في الانتخابات النقابيّة للصحافيين والأطباء والصيادلة، وغيرها.
مصر اليوم..
وقال محامي الفقراء: "النظام الدولي والمجلس العسكري عملوا على تمكين الاخوان من الوصول إلى السلطة، بعد أن طرحوا أنفسهم على أنّهم ملتزمون بمعاهدة كامب ديفيد، وبدوا تعهدات واضحة بأنّهم جزء من النيوليبراليّة، ولا يهدفون لتبنّي خطاب اقتصادي اجتماعي.. لذا قام الاخوان بعد الوصول الى السلطة باقتراض المليارات، وارتفع الدين الخارجي، كما ارتفع سعر الدولار من 6.15 جنيه إلى 7 جنيه في فترة قصيرة، وتشكّلت السوق السوداء".
وأضاف: "وبدأت السلطة بفرض الضرائب غير المباشرة استجابة لصندوق النقد الدولي، وقرّرت حصر الدعم ب 3 أرغفة للمواطن و6 ليتر لوقود السيارة، وتعهّدت باستكمال برنامج الخصخصة.. ما ادّى إلى غليان الشارع".
وتابع: لقد طوينا صفحة مبارك، لكن الصفحة اليوم رهن بقدرتنا على التحدّي وتنظيم صفوفنا.. فالاخوان يستخدمون الدين من أجل مشروعهم.. والخطاب السائد في الشارع المصري اليوم: "الحرامي كان مشغلها.. بتوع ربّنا مش عارفين يشغلوها ليه ؟!".
وأكد خالد علي أنه لا بديل عن تشكيل قائمة موحدة لليساريين والقوميين لمواجهة الاخوان في انتخابات مجلس الشعب، مشيرا إلى ان الاسلاميين لن يتمكنوا هذه المرّة من التوحد على قائمة واحدة، فالسلفيين سيشكلون قائمة وتيّار الوسط قائمة أخرى والجماعات الجهادية ستنفرد في قائمتها ويكون الاخوان في القائمة الرابعة، أو قد تتشكل ثلاث قوائم اسلاميّة في أحسن الاحوال.
ولفت إلى أنه: "الممكن حدوث تغيّرات دراميّة يتحرّك إثرها الجيش ويطيح بمحمد مرسي، ولكن سيكون هذا خطأ، وعلى الجيش ان يبتعد عن الخلاف السياسي، لكن مع الأسف هناك من اليساريين والقوميين من يطالب بتدخّل الجيش كلاعب أساسي، وهذه مسألة خطيرة، فالسلاح لم يحم سورية ولا ليبيا.. والحل يكمن في الرهان على الناس".
وتطرّق إلى ظاهرة التحرّش الجنسي بالمتظاهرات في ميدان التحرير، مؤكدا أنا عمليّة منظّمة تستهدف توجيه رسالة رعب للمرأة، باعتبارها الجندي المجهول في الثورة المصريّة، حيث شكلت نساء مصر الجسم الرئيس للجان الشعبيّة.. فجاءت هذه الظاهرة لاغتيال المرأة وتحطيمها.
وقال: "الحكم القادم على مصر سيكون اليسار بمفهومه الواسع، ويؤسّس للعدالة الاجتماعيّة، وكلّ ما تحتاج إليه المسألة هو الإيمان".
وختم خالد علي، مرشح الرئاسة المصريّة، بقوله: "لا تتخيلوا ان مصر لو تغيّرت ستتغيّر المنطقة العربيّة، بل إنّنا بحاجة لدعمكم أنتم، باعتباركم خارج الصورة، فانتم الأقدر على رؤيتها بكافّة أبعادها.. التواصل هام للغاية، ولا ننسى كيف كانت الإرشادات التي أرسلها لنا شباب الثورة التونسيّة في غاية الاهميّة.. الانتصار في مصر لا يتحقّق إلا إذا كانت المعارضة قويّة في كافّة البلاد العربيّة".
...
...
...
...
...