الغارمات .. نساء في مهب الصناديق .. !!
ايمان العكور
جو 24 :
الغارمات..
مصطلح جديد على الثقافة والمجتمع الأردني لم نسمع به إلا منذ زمن قصير. وحتى اللحظة أتحدى أن يكون جميع الاردنيين على دراية بمعنى هذا الاسم..!!
ولكنه وللاسف وبكل جدارة استحق لقب " شبح الرعب للسيدات"..فهو ينقض فجاة على احلامهن التي يلونها لهن حتى يقعن في الفخ..وتصبح رقابهن تحت رحمته..!!
شكرا لجلالة الملك على وقوفه إلى جانب الغارمات من خلال اللفتة الانسانية التي أطلقها والتي تجسد صورة من صور التكافل الاجتماعي التي افتقدناها مؤخرا اما بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الوطن..او بسبب الطمع وانعدام روح العطاء عند اصحاب رؤوس الاموال..وفي كلتا الحالتين الوطن هو الخاسر الأكبر.
من خلال تعاملي مع عدد من النساء اللواتي استنجدن بنا كي نبعد رعب زنزانة السجن عن بيوتهن ومن خلال عشرات القصص التي سمعتها منهن وبحثي عن حقيقة مثل هذه الصناديق التي تبيع الاردنيات احلاما مؤقتة طريقها السجن لا محالة..لابد وأن نتوقف قليلا ونفكر..
١) لماذا كانت غالبية مؤسساتنا مغيبة عن مسؤوليتها الاجتماعية والتي يتم تفصيلها فقط بناءا على ما يخدم مصالحها واشخاصها ومعظم المبالغ التي ترصد لهذه المسؤولية تذهب لاشخاص وليس لمجتمعات ولهذا لا يكون لها اي اثر يذكر بعد فترة.
٢) انا لست ضد ان يتم تخجيل بعض من اصحاب رؤوس الاموال والمؤسسات الكبرى من قبل جلالة الملك شخصيا كي يشاركوا في الفزعة حتى ولو من باب المفاخرة وادراج اسمائهم في قائمة المتبرعين طالما أن الأمر في النهاية يصب في مصلحة الوطن..رغم أن بعض المبالغ لعدد من كبرى الشركات والبنوك التي ضمتها القائمة كانت مخجلة ولا ترتقي إلى حجم المكاسب التي يحصلون عليها من الوطن..!
لكن إلى متى..!!
لماذا لا يكون الحس الإنساني حاضرا دائما سواء بتخجيل ملكي ام لا..!!
٣) النقطة الاهم والأخطر في موضوع الصناديق والمؤسسات الاقراضية هو انها متروكة علنيا دون حسيب او رقيب إلا على الورق وهذا يعد اختراقا خطيرا لأمن مجتمعنا الاقتصادي والذي نلاحظ اثاره الكارثية حاليا على الأسر الاردنية.
ترى هل ترك الساحة على مصراعيها أمام حيتان الصناديق هو أمر ممنهج كي نغرق حتى المواطن البسيط في مستنقع الديون تماما كما هي الحكومة..!!
هل هي واحدة من أوراق الضغط الاقتصادي على الاردني المقهور اصلا اقتصاديا من أجل تمرير صفقات أكبر..!!
٤) الأرباح الهائلة التي تجنيها هذه الصناديق الاقراضية سهلت الطريق أمام أصحاب النفوس الجشعة( نساءا ورجالا) في نهج نفس اسلوب الجباية المغلف بالعسل.
استمعت لقصص من نساء غارمات ولكن الجهة التي تضع السيف على رقابهن ليست الصناديق التي نعرف اسمها بل ( صناديق) بل مافيات من السيدات من القرى نفسها تحت مسميات مساعدة/ اقراض/ تسهيل والفوائد مرعبة..
نساء تعمل دون رقابة للايقاع بنساء تقترض دون دراية..!!
٤) بالرغم من انسانية هذا النداء الملكي الذي سينقذ آلاف الاردنيات البسيطات اللواتي معظمهن من القرى وبلا( اي خلفية تجارية أو اقتصادية) ..بلا اي تدريب على إدارة اي مشروع كما توحي لهن تلك الصناديق كي تستدرجهن للاقتراض..الا انني بنفس الوقت حزينة ..
يا جلالة الملك...
اعلم انك لا ترضى أن يكون هناك اي أردني مقهور وتعمل على الانتصار لكرامته دوما..
لكن اسمح لي أن أقول لك أن الملايين التي سيتم جمعها للاسف ستكون مكافاة لحيتان الصناديق الاقراضية الجشعة التي همها في النهاية المكاسب المادية والربح وليس مصلحة المواطن والوطن..!
بالرغم من أن تلك الملايين ستدخل الفرح على آلاف البيوت الأردنية.. الا ان آلاف من البيوت ستبقى بلا ام او اخت لان الفزعة لن تشملها..ولا ادعو هنا إلى ضرورة أن تشملها اطلاقا بل إلى ضرورة ايجاد حل لتلك الصناديق والطلب من الحكومة اعادة دراسة جدواها وخطرها على المجتمع.
صدقني سيدي..
الحل هذا ورغم انسانيته ..الا انه اذا لم يلحق به إجراءات فورية في مراقبة الية عمل تلك المؤسسات الاقراضية او حتى الغائها فلن نلمس إلا اثرا مؤقتا له..إذ ومن خلال البحث معظم تلك النساء يعدن ثانية للاقتراض وللوقوع في المصيدة حتى ولو بمسميات واغراءات جديدة..
ما الحل..!!
سؤال يحق للجميع ان يسأله
فلندعو اصحاب العقول الاقتصادية الأردنية إلى تقديم حلول وطروحات لإنهاء موضوع الغارمات والغاء المصطلح من قاموس اللغة الأردني..!
الحلول قد تكون على شكل مسابقة او منافسة وطنية وبرعاية ملكية مباشرة يشارك بها اردنيون من داخل وخارج الوطن..تكون علنية شفافة ويتم اشراك المواطن بمرحلة منها.
الاهم..ان يكون هم الوطن هو الهاجس
أن لا يصر المسؤول ومن أجل اخفاء عجزه، على افشال اي خطة ناجحة من غيره..ان نفتح باب حب الوطن لمن هم فعلا يحبون الوطن ويظهرون ذلك فعلا وليس مجرد قولا عند الطلب فقط..!!
شكرا سيدي..!!
والله يكون بعونك..!!