التوزير.. بين العبث السياسي واستجداء الثقة
أمل غباين - أجمع سياسيون وكتاب على ان "توزير" النواب يعد ضربة للعمل السياسي الاردني سواء على الصعيد التشريعي أو التنفيذي.
واكدوا ان رئيس الحكومة د. عبدالله النسور افشل ما يعرف بالحكومة البرلمانية مشيرين الى ان ما حصل من وعود لتوزير النواب بمثابة "فضيحة" سياسية بامتياز.
واشاروا في تصريحات لـjo24 إلى أن قانون الانتخاب الذي افرز مجلس النواب السابع عشر كان بداية الضربة في خاصرة السلطة التشريعية فيما اجهزت عليها "صفقة" التوزير الموعودة، منتقدين في ذات السياق إعلان رئيس الوزراء د. عبدالله النسور عن التوجه لإجراء تعديل وزاري على حكومته بعد أن نالت الثقة.
المعارضة السياسية والنائب الاسبق توجان فيصل قالت ان وعود التوزير لا تقلل من شأن السلطة التشريعية، لانه وحسب قولها لم يعد قيمة لمجلس النواب الذي افرز نوابه قانون انتخابات غير توافقي قاطعته النخب السياسية ذات الوزن الثقيل، وبالتالي كانت الفرصة كبيرة امام نواب "ضعاف" كي يشغلوا كراسي المجلس.
واكدت أن النسور تعاطي مع ملف الحكومة البرلمانية لدرجة وصلت الى حد " السفاهة" مطالبة بمحاكمته شعبيا على تقزيمه للسلطة التشريعية، مشيرة الى ان اي قرار ستتخذه الحكومة التي ستضم نوابا إليها سيكون قرارا فاقد للشرعية.
وأضافت:" ان ما جرى مجرد صفقة أبرمها النسور للحصول على الثقة، حيث قام بشراء اصوات المانحين للثقة مقابل توزيرهم، وهذا بحد ذاته جريمة يعاقب عليها القانون كما يعاقب على شراء اصوات الناخبين".
وحسب قولها "داس" النسور على الشرعية من خلال " اللعبة" التي قام بها حيث حصل على الثقة عبر هذه الصفقة التي سانده فيها "المستوزرون" من النواب، على حد تعبيرها.
وعقبت فيصل على تحدي رئيس الوزراء بأن يكون قد سرق قرشا من المال العام ذات يوم بقولها:" لم تسرق قرشا لكنك سرقت وطنا عندما رفعت ابنك في وزارة الخارجية برتبة وزير، وعندما عقدت صفقات مشبوهة مع النواب".
استاذ العلوم السياسية في الجامعة الاردنية د. حسني الشياب يرى من ناحيته أن ما دار خلال الفترة الماضية من مشاروات حول تكليف رئيس الحكومة وما تم من وعود لتوزير النواب يعتبر "قلة" هيبة للسلطتين التشريعية والتنفيذية.
وتابع ان ما جرى لا يدخل تحت اي بند لسلوك الدولة ويناقض اطار التحول للحكومة البرلمانية كونها لم تنبثق عن الاغلبية النيابية، مشيرا الى ان قانون الانتخاب وضع اساسا كي لا تظهر اغلبية برلمانية صاحبة برامج.
واضاف ان ما جرى على الساحة النيابية مؤخرا من مشاروات ومداولات يعتبر عبثا دستوريا وتجن على علم القانون الدستوري والنظم الدستورية.
وقال "ان المشاورات التي تمت ولعبة منح الثقة وحجبها جاء من اصحاب المصالح الشخصية الذين دخلوا المجلس لحسابات مصلحية ضيقة وهذه فضيحة سياسية بامتياز".
وشدد على ان عملية التشاور لاختيار رئيس الوزراء كان الهدف منها احباط فكرة الحكومة البرلمانية، مضيفا ان النسور عندما حوصر واصبح مهددا بان تحجب عنه الثقة وعد النواب بالتوزير السريع، وهذا بحد ذاته يشكل عبثا سياسيا بامتياز.
وتساءل الشياب :" الا يخشى الرئيس من غضبة من لم يوزره من النواب على من وزره .. وما هي الخطط والاسس التي سيتم التعامل معها في هذا الملف؟!".
ورأى الشياب أن ما يجري على الساحة السياسية، خاصة بعد قيام نواب محسوبون على النظام بحجب الثقة، مؤشر خطير يدل على ان هنالك صراع لدى مراكز القوى في المملكة.
واشارت الى ان القانون الذي افرز مجلس النواب الحالي لا يعكس على الاطلاق الخطورة التي تتعرض لها البلاد، مضيفة بأن هذا القرار خطوة للخلف فيما يتعلق بالملف السياسي.
وحسب غنيمات لم يلجأ الرئيس لمثل هذه الخطوة الا بعد ادراكه بان نيله للثقة ليس باﻷمر الهين مؤكدة انه لو كان يضمن الثقة لما وعد بتوزير اي نائب.
وأكدت غنيمات أن التداخل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في ظل غياب البرامج التوافقية والاحزاب سيضعف الدور الرقابي في المجلس التشريعي.
وقال الكاتب والمحلل السياسي ماهر ابو طير من ناحيته أن اللافت للانتباه تراجع رئيس الوزراء عن اعلانه السابق بإجراء التعديل قبل نهاية العام ووعده للنواب بتوزيرهم خلال اسبوع، مشيرا الى ان هذا الامر لا ينصب الا في اطار محاولة استرضاء النواب وتخفيف حدة المعارضة داخل المجلس.
وقال ان توزير النواب يتعارض مع الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية خصوصا ان الناس انتخبت النائب حتى يراقب أداء الحكومة ولم تنتخبه ليكون وزيرا .
وحكم ابو طير على التجربة بالفشل مسبقا مؤكدا ان محصلتها النهائية ستكون المزيد من انخفاض شعبية النواب والحكومة على حد سواء.