jo24_banner
jo24_banner

الصفقة : كابوس أم فزّاعة!!!

د. عزت جرادات
جو 24 :
أوجدت التسريبات الإعلامية (الصهيو-أمريكية) حول ما يسمى (صفقة القرن)... أوجدت حالة أشبه بحالة الاستنفار لدى الصحافة العربية، أو معظمها، فمتابعة الصحف في بعض الأقطار العربية، المهتمة أو المعنية بالصفقة، تدل على أنها أصبحت (موضوعاً) للكتاب والسياسيين أشبه ما يكون بالموضوع التقليدي كموضوع الإنشاء التقليدي مع بدء العام الدراسي الجديد: كيف قضيت العطلة الصيفية! فأصبح حديث الألسنة في اللقاءات والندوات ووسائل الاتصال الاجتماعي في صفقة القرن المنتظرة، بين الحقيقة والخيال، وأصبحت عبئا عقلياً، أو فزّاعة فكرية في مواجهة المواطن العربي.

 أن من أخطر الأمور، أن تؤخذ التسريبات عن تلك الصفقة، كحقائق، وهي خطيرة للغاية، أو أن تعتبر كأدوات اختيار، وهي مخاطرة... فتقسيم الأوطان وتجزأتها في عصر وعي الشعوب يختلف عن ذلك الوقت الذي كانت ترسم فيه البلدان (بخطوط على الرمال)، فالفرضية، أنها تسريبات تفتقر إلى الصحة، أو كما وصفها أحد فرسان (ترامب) الأربعة المعنيين بصفقة القرن، بأن ما نشر (عارٍ عن الدقّة) وليس (عار من الصحة) والفرق بينهما واضح... مما يدل على أن ثمة معلومات عن الصفقة...ولكنها غير دقيقة... وهذا يتطلب أن لا تناقش تلك التسريبات، كما يجري في معظم وسائل الإعلام في الأقطار العربية المعنية بالقضية الفلسطينية، فمناقشتها يصب في الترويج لها، بقصد أو بغير قصد؛ كما يسهم في عملية تهيئة العقل أو الفكر العربي لقبولها أو التمهيد للتعامل مع (المحتوى المجهول) لها، أو أنها ستصبح (أمراً واقعاً لا محالة).

 يمكن القول، أن الموقف الأمريكي ما زال في المنطقة الرمادية: لا لطرح الصفقة للمناقشة أو للتعديل، وربما بمنطق (الكاوبوي الامريكي)،خذها أو اتركها وهما أمران أمرّهما مرّ، فمن يقبل قد ينال مغنماً، ومن لا يقبل (أو يرفض) فهو شأنه، وهو موقف مرفوض شعبياً لدى البلدان المعنية، وغير مقبول دولياً، بمنطق السياسة الدولية على الأقل، وقد تكون المفاجأة، رفض إسرائيل للصفقة، أذا ما أخذ بالاعتبار تصريح (لكوشنر) بأن على إسرائيل والفلسطينيين اتخاذ مواقف بتنازلات صعبة أو مؤلمة....

أما الموقف العربي، فما يزال النظام العربي يؤكد عدم معرفته بالصفقة، شكلاً ومضموناً، على الرغم من التصريحات الأمريكية السابقة، أن بعض الأطراف العربية قد اطلعت عليها، كما يؤكد الموقف العربي تمسكه بالسلام، خيار استراتيجي وحيد، وبحل الدولتيْن، وبالمبادرة العربية... وفي الوقت نفسه، جاء على لسان أحد (مهندسي) الصفقة، أنها لن تتطرق إلى ما يسمى (حل الدولتيْن)، وأنها تمثل حلاَّ اقتصادياً لإنعاش المنطقة بمساهمة عدة دول تدور في الفلك الأمريكي.

 أصبحت الأمة العربية، أو بعض بلدانها، أمام كابوس (أو بعبع) ما يسمى صفقة القرن، فتنتظر ظهوره أو أصبحت الصفقة (فزاعة) تحول دون اتخاذ إجراءات الإصلاح السياسي/ الديموقراطي، ولتكريس الأمر الواقع. ولا مناص أمام النظام العربي، إلا بأعمال العقل لأدراك التحدي المنتظر، ومبادرات المواجهة قبل وقوعه، بتضامن عربي حقيقي، وموقف عربي موحد، ودونما انتظار... 


تابعو الأردن 24 على google news