jo24_banner
jo24_banner

بإيجاز: النكبة السبعون +1

د. عزت جرادات
جو 24 :


عاشت النكبة (48) مع جيلنا، وعشنا معها، فلا تمر ذكراها السنوية هادئة، سواء في النفوس أم في الشارع... ومع أن نكبات أخرى حلّت بفلسطين سكاناً وأرضاً، نكبة (67)، ونكبة هجرة المليون يهودي روسي، وأخيراً، وليس آخراً، نكبة (قانون قومية الدولة الصهيونية) التي تعتبر بالنكبة الرابعة مع كل ذلك، لتظل نكبة (48) الأشد جرحاً وإيلاماً، فلم يحدث في التاريخ، على حد تعبير المؤرخ زريق (النكبة- آب 1948)، أن تمكنت أقليّة من المحاربين الغرباء بطرد أكثرية المواطنين من بلادهم وموطنهم الأصلي، فأصبحت البلاد فارغة من أصحابها، وحسب بن غوريون آنذاك، لم يكن من الممكن لصهيوني أن يتصور حدوث شي كهذا!!!.

ولسنا بمعرض الأسباب التي أدت إلى النكبة، لكن الحرب النفسية التي مارستها العصابات الصهونية للتأثير على السكان كانت أشدّ فتكا من أسلحتها:

- فالإذاعات اليهودية السرية الموجهة للعرب كانت تحذر من انتشار الإمراض الخطيرة.

- وتوزيع المناشير التي تنذر بوقوع جرائم القتل الجماعي (أرحل من اجل سلامتك)! وتفجيرات بمجمعات الأسواق التجارية والشعبية وعبر (اينال آلون) فيما بعد، كان الهدف تطهير الجليل الأعلى قبل انتهاء الانتداب البريطاني ودخول الجيوش العربية.


هزّت النكبة (48) البني العربية، المادية والفكرية، والتي دعت إلى إعادة النظر الشاملة في تلك البني، وكان أسرع نتائج النكبة هي النتائج السياسية التي وجهت السهام للنظام العربي- والذي كان متهما بالعجز أو التخاذل أو التواطىء، فكانت الانقلابات والاغتيالات من جانب، ونشاط النخب الثقافية والفكرية والحركات السياسية من جانب آخر وبدلاً من المطالبات بالنهج الديمقراطي ومشاركات الشعوب بوعي سياسي عقلاني، أرتفع صوت العاطفة العربية وهديرها، ورفع النظام العربي شعار (لا صوت يعلون فوق صوت المعركة) فامتدت النظم الشمولية لتغطي الساحة العربية.

وتجاهلت إعداد الإنسان العربي الواعي، وبناء المجتمعات العربية الديمقراطية، وتفعيل دورها ومشاركتها المستقبلية... فكان من البدهي أن تكون هذه الردود على النكبة مؤدية إلى الفشل، نظرياً وعملياً.


أما على الصعيد الثقافي التنويري، فقد عبرّت إبداعات شعرية وروائية ومسرحية وقصصية عن النكبة وإبعادها، وتعمقّها في الوجدان العربي... إلا أن الفكر العربي لم ينجح في بلورة الوعي العربي بإخراج (مشروع عربي مستقل) مبنيّ على إعمال العقل، والتحليل المنهجي، والرؤى المستقبلية القابلة للتطبيق لتوحيد الجبهة العربية القومية أو إنقاذ الأمة مما أصاب روحها المعنوية، وضعف ثقتها بنفسها لتدرك متطلبات نهضة الأمة وتمكينها من مواجهة الآثار بعيدة المدى لهذه (الكارثة) بتعبير القائد عبدالله التل،أو (المأساة) تعبير المؤرخ (دروزه)، وتظل (النكبة) حسب (زريق) تعبر عن الكارثة والمأساة للشعب العربي الفلسطيني، بخاصة والأمة العربية بعامة.


أن النكبة (48) واستذكارها، وإدراك حجمها، وإبعادها المستقبلية، والتمسك بالحق العربي، متمثلا بالصمود السكاني على أرض فلسطين، والدعم العربي الحقيقي والجادّ للقضية الفلسطينية، بمختلف الجوانب وبجميع الإمكانات والقدرات، هي وحدها الرد الحاسم لإسقاط جميع مشاريع التسوية مع الصهيونية، أو الصفقات المنتظرة لتصفية القضية الفلسطينية. 

 
تابعو الأردن 24 على google news