لماذا تحرك «عبيدات» في هذا التوقيت مرتين..؟!
حسين الرواشدة
جو 24 :
ما أشبه الليلية بالبارحة ..!
في ايار قبل ثماني سنوات تماما (21/5/2011) اشهر رئيس الوزراء الاسبق احمد عبيدات الجبهة الوطنية للاصلاح، وفي التاريخ ذاته ( 20/5/2019) خرج الرجل لاشهار « التجمع الوطني للتغيير «، المفرادات تغيرت : فمن الجبهة للتجمع، ومن الاصلاح للتغيير، فيما ظل العنوان « الوطني « كما هو. ترى هل تغير الشكل فقط ؟ ام ان المضامين والمشاركين والظروف والحضور تغيروا ايضا ؟ .
امس الاول حدقت في صورة « المولود « الجديد، جلس عبيدات على المنصة والى جانبه ممثلون لثلاثة احزاب فقط وبعض الشخصيات التي شاركت الاحتفاء انذاك بميلاد « الجبهة «، لكن غاب شريكه طاهر المصري، كما غاب « الاخوان « الذين اتهموا ذات زمن « بابتلاع « الجبهة، لم يحضر ايضا معظم الاحزاب السبعة التي « اقسمت « على وثيقة الاصلاح آنذاك، نتذكر - هنا - ان خمسة منها غادرت المنصة بعد عام ونصف على تشكيل الجبهة ( تشرين 2012 ) اثر خلاف على المشاركة في الانتخابات البرلمانية وبعدها انفرط عقد « الجبهة « بالكامل .
دققت اكثر في الصورة وفي الخطاب معا، عبيدات العائد من مارثون الاصلاح في جولته الاولى القصيرة، يبدو اكثر استعجالا واقل حماسا من عبيدات حين انطلق مع زخم احتجاجات الشارع ليرفع راية « الاصلاح « قبل ثماني سنوات، ربما كان احساسه الان بان « قطار الزمن فات «، او بانه يخرج من تربة اخرى، لا احزاب فيها ولا تيارات سياسية ولا قاعدة شعيبة معتبرة، هو الذي جعله يكرر الخطاب ذاته الذي سبق واعلنه في حفل اشهار الجبهة، ويؤجل اصدار خريطة الطريق « للتغيير»، بل ويصارح الحاضرين بان «التجمع لم يكتمل بعد « .
كل شيء في بلادنا يبدأ على عجل، لكنه للاسف لا يكتمل، لدينا قدرة على « التراجع «، واحيانا على اجهاض كل فكرة وشيطنة اصحابها، لكن لدينا ايضا ذاكرة يكمن ان نستعيدها اذا لزم الامر، هنا ثمة لحظة تفرض علينا ان نقارب بين الجبهة والتجمع، بين الاصلاح والتغيير، وبين المفارقات التاريخية لسيرة الجالسين على المنصة الذين يبشروننا بغد اجمل، ليست مجرد مقاربة بين مصطلحات عابرة وانما بين مخاضات وازمنة وظروف محملة بالاحداث والالغاز ، كما تفرض علينا ايضا ان ندقق في حساباتنا اكثر، وان لا نذهب بعيدا في التوقعات والامال، لان تواضع الانجاز الذي تحقق يفاجئنا - كالعادة - بالخوف من تكرار الفشل .
كيف يكمن ان يتحرك اي « رأس « يفكر بالاصلاح ( جذريا اكان ام سطحيا ) بمعزل عن « جسد « ورصيد شعبي يمده بطاقة الحركة، كيف يمكن « لكتلة» تاريخية ان تتشكل دون ان تمثل اطياف المجتمع والفاعلين الحقيقيين فيه، كيف يمكن لتجربة جديدة ان تنجح، وهي تكرر الخطاب ذاته، والاشخاص انفسهم، وكأنها نسخة من تجربة سابقة خيبت امالنا لانها لنا لم تصمد في ميدان الدفاع عن الاصلاح، ولم تتمكن من انتزاع ثقة الناس، ولم تقدم الا الشعارات ذاتها التي «تنتجها» الاحزاب من مكاتبها الفاخرة؟.
لا يخطر في بالي ابدا ان اضع العصي في الدواليب التي تدور من اجل اعادة الحياة للسياسة واصلاح عجلتها المعطلة، او ان اسارع الى اصدار الاحكام المسبقة التي تغتال الامل لدى الباحثين ( خاصة الشباب) عن ضوء في نهاية النفق، لكنني اخشى ان نتفاجأ، كما حدث في المرة الاولى، بصدمة تعيدنا الى الكهف مرة اخرى ، او بانكشاف الامل عن وهم يكرس فينا مزيدا من القنوط والاحباط.
يبقى سؤال مهم، لماذا تحرك الرئيس الاسبق عبيدات في هذه اللحظة، وبذات التاريخ الذي خرج فيه قبل 8 سنوات بالتمام، هل هي مجرد مصادفة بالتوقيت..؟ الايام القادمة كفيلة بالاجابة عن ذلك.