jo24_banner
jo24_banner

الاردن بين قمة السعودية.. وورشة البحرين

زهير العزة
جو 24 :


تعرض الاردن ويتعرض لضغوط كبيرة منذ سنوات ،من اجل الرضوخ للمطالب الامريكية المتعلقة بإيجاد حل للقضية الفلسطينية، وفق المنظور الإسروامريكي، ولعل اكثرالضغوط إيلاماً هي تلك القادمة من بعض الأشقاء العرب الذين وجهوا طعنة في الظهر للأردن عندما ارتضوا ان يسيروا بالمشروع الامريكي كضاغطين ومروجين وأدوات لهذا المشروع الرامي لتصفية القضية الفلسطينية.

الأردن الذي تلقى دعوة سعودية لحضور مؤتمر قمة طارئة في مكة، من اجل مناقشة آخر الأحداث في الخليج العربي والصراع المحتدم بين إيران من جهة وأمريكا وحلفائها في الخليج من جهة أخرى، سيتخذ موقفاً مسانداً لهذا التحالف التزاماً بمواقفه المبدئية التي عبر عنها اكثر من مرة والمتمثلة بالدفاع عن اي قطر عربي يتعرض للتهديد الخارجي، بنفس الوقت الذي يشعر فيه بالخذلان من عدم عقد قمة طارئة من أجل اتخاذ موقف موحد لمواجهة الطروحات الأمريكية، الرامية الى تصفية القضية الفلسطينية، وخاصة بعد إعلان ترامب القدس عاصمة لدولة الكيان الصهيوني، وضم الجولان الى اراضي فلسطين المحتلة عام 1948 .

ولأن جدول أعمال المؤتمر لم تدرج عليه التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ومشروع تصفيتها من خلال ما يسمى "بصفقة القرن"، فإن من الصعب على الأردن تناول هذه القضية في هذا المؤتمر الطارئ من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن بعض دول الخليج منخرطة في هذه الصفقة، بل وتروج لها باعتبارها طريق الخلاص من أي شيء يمكن أن يعكر صفو وجود الكيان الصهيوني على ارض فلسطين التاريخية المحتلة عام 1948، وامام هذا الوضع القاهر للأردن، فإن المطلوب وجود تنسيق أردني فلسطيني يتم من خلاله الطلب من قيادة السلطة الفلسطينية أن تطلب من السعودية إدراج القضية الفلسطينية على جدول اعمال المؤتمر لاتخاذ موقف عربي ولو إعلامي عبر بيان يصدر عن المؤتمر برفض ما يسمى "صفقة القرن "ما لم تتضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المتمثلة بالحد الأدنى وهي القدس وحق العودة والتعويضات وإقامة الدولة الفلسطينية على كامل الارض الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل في عام الـ 67.

ولعل الوضع الأصعب الذي سيواجه الاردن هو ما يسمى "بورشة البحرين "والتي ستعقد نهاية حزيران القادم تحت عنوان "الاستثمار في السلام" والمتوقع خلال انعقادها أن يعلن صهر الرئيس الامريكي جارِيد كوشنِر عن التصور الأمريكي للحل من خلال ما يسمى "بصفقة القرن" لتمريرها من خلال المؤتمر وبحضور الدول العربية والقطاع الخاص، والتي تقوم على تأمين استثمارات إقتصادية للفلسطينيين، مقابل موافقتهم على التنازل عن القدس وحق العودة للاجئين وإقامة دولة مستقلة في كامل الأراضي المحتلة العام 1967، وقبول دولة منزوعة السلاح في غزة، وإدارة محلية في مدن الضفة الغربية بعد ضمّ المستوطنات للكيان الصهيوني ، كما تضمن دفع مبالغ مالية للدول المستضيفة للاجئين الفلسطينيين من أجل توطينهم.

فالأردن حليف للولايات المتحدة الامريكية ويرتبط معها بمعاهدات ويتلقى مساعدات مالية وعسكرية منها، كما هو مرتبط بعلاقات متميزة مع نظام الحكم في البحرين سواء على صعيد الدولتين او حتى على الصعيد الشخصي بين القيادتين، فهل سيقوم برفض الحلول الاقتصادية المطروحة ..؟ وهل سيطالب بالحلول السياسية أولاً .. ؟ وان فعل ذلك هل يستطيع تحمل الضغط الامريكي الخليجي وأيضا "الحرد "من البحرين التي تقوم بدور العراب لهذا المؤتمر تنفيذاً للمطالب الامريكية..؟

في الواقع إن الاردن ومن موقع المصلحة الخالصة ،لابد ان يرفض أية طروحات تمس بجوهر القضية الفلسطينية ما لم تقم على أسس العدالة الدولية ،والقرارات الصادرة عن الامم المتحدة الخاصة بالقضية ، سواء المتعلقة باللاجئين وحق العودة، واقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على الاراضي التي احتلت عام 1967، حيث أن أية قرارات تتخذ عكس ذلك ستؤثر عليه داخلياً، وخاصة ما يتعلق في مسألة التوطين.

إن الرفض الفلسطيني الجامع لورشة البحرين هو "المدماك الاول" على طريق بناء موقف أردني يرتكز عليه للخروج من أية ضغوط قد يحاول البعض فرضها عليه هذا من ناحية، كما ان القطاع الخاص الاردني والذي قد يدعى للمشاركة بهذه الورشة، سيواجه برفض شعبي يصل إلى حد التخوين والعمالة، وبالتالي من غير المتوقع ان يشارك بالورشة كما هو حال القطاع الخاص الفلسطيني،الذي عبر عن رفضه المشاركة بهذه الورشة ، وهذا ينطبق على مؤسسات المجتمع المدني .

والواقع أن حضور إسرائيل لهذه "الورشة" فرصة كبيرة للتطبيع الاقتصادي مع الدول العربية، وهو ما يمثل أحد أهم أهداف إسرائيل، وبالتالي إن أي مشاركة من القطاع الخاص الفلسطيني أو العربي مدان، وهو بمثابة خيانة لدماء الشهداء، الذين سقطوا ويسقطون كل يوم في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين التاريخية.

ومن هنا لا بد من التأكيد على أن استسلام بعض الأنظمة العربية لا يمكن ان يغير في معادلة الصراع قيد أنملة ،لأن الشعب الفلسطيني لن يقبل بالتنازل عن حقوقه التاريخية ومعه الشرفاء من أبناء الأمة العربية هذا من ناحية، ومن ناحية اخرى سيكتشف الواهمون من بعض القيادات العربية التي تهرول باتجاه الكيان الصهيوني، أن عروشهم ستهتز مع كل خطوة باتجاه هذا الكيان، ولن تستطيع امريكا حمايتهم، فمن الخطأ الاعتقاد أن امريكا بإمكانها فرض الحل باعتبارها مسيطرة على المنطقة كما يعتقد هؤلاء، وهذه المؤشرات إذا ما أضيفت الى الموقف الأردني الرسمي والشعبي الحازم والرافض لأية حلول لتصفية القضية الفلسطينية فإنها تمثل عناصر قوة لا يمكن تجاوزها أو القفز عليها ،وقد أثبت الشعب الأردني قدرته على مواجهة التحديات سواء جاءت على شكل حصار أو منع المساعدات وحتى محاولات اللعب او العبث بالداخل، فالأردن اليوم هو أقوى من أردن الأمس بفضل الوعي الكبير الذي يملكه أبناء الشعب، وسيقاوم حتى باللحم الحي.
 
تابعو الأردن 24 على google news