عنف «الجامعات» .. خطأ في التشخيص
حسين الرواشدة
جو 24 : اختزال “العنف” في الجامعات فقط، وبتحميلها مسؤوليته، ليس جزءا من “خطاب” مسطح يحاول ان يغطي على “المشكلة” ويحشرها في زاوية معزولة، وانما –ايضا- محاولة غير بريئة للهروب الى عناوين غير دقيقة، هدفها “تصغير” القضية، وعزلها عما يحدث في المجتمع، وتبرئة “المتورطين” في ايصالنا الى “الحافة” من مسؤولياتهم، وايهام البعض بان “احوالنا” بخير باستثناء ما يحدث في حرم الجامعات.. هذا الذي يبدو “صوتا” نشازا يعكر مزاجنا العام.
الخطأ في التشخيص يقود بالنتيجة الى خطأ في المعالجات، وهذا ما حصل فعلا، فقط بدأنا منذ سنوات طويلة “ماراثون” الحملات –بأنواعها- ضد العنف في الجامعات، كتبنا وحاورنا والتأمت لجان متخصصة اصدرت بياناتها ومقترحاتها.. وهبّ الجميع لاستنكار ما يحدث والتوافق على انهائه على الفور.. لكن هذا المسلسل بحلقاته الطويلة والمملة لم ينته، بل على العكس تماما، تحوّل الى “فيلم” مرعب، اختلطت فيه الادوار والأدوات حتى سال “الدم” مع الأسف.
لم ننتبه، ربما، الى ان “الجامعات” تعكس صورة المجتمع، والى ان طلابها والعاملين فيها هم من “طينة” هذا المجتمع يتحدثون باسمه ويمارسون افعالهم بالنيابة عنهم، ونحن –بالتالي- نرى “صورتنا” في مرآتهم، تعكس عافيتنا حين يكون لدينا عافية نتمتع بها، وتعكس “ازماتنا” واختناقاتنا واحباطاتنا حين تضل اقدامنا طريق الصواب.. ونفقد “مناعتنا” ضد العلل والامراض.
حين نتوجه الى “تطويق” العنف في الجامعات، دون ان نمرّ من “الحاضنات” التي انتجته داخل المجتمع، ودون ان نعترف “بالمراكز” التي سوقته والاخرى التي اوصلتنا اليه، فكأننا ،عندئذ، نمارس العملية بالمعكوس، نحاكم النتائج والافرازات ونهمل الاسباب والمقدمات، نتعامل مع الجامعات “كمحميات” وننسى ان وراء اسيجتها “وحوشا” يمكن ان تتسلل في اية لحظة.. فيقع المحظور.
الصورة الاخيرة التي وصلتنا من معان (وهي بالمناسبة ليست الاولى) تبدو مفزعة، وهي –بالتأكيد- لا تعبّر عن “قيمة” الجامعة المفترضة، والاعتبارات التي يجب ان تلتزم بها، لكنها –للأسف- تعكس بدقة ما حدث في مجتمعاتنا من اختناقات وما انتهت اليه احوالنا من خيبات.. انها –باختصار- المرآة التي يتوجب ان نحدق فيها لرؤية “وجه معجتمعنا” وما طرأ عليه من جراحات واصابات، اما هؤلاء الذين “تورطوا” في العنف واولئك الذين وقعوا ضحايا له، فهم –ايضا- مجرد “نسخة” لآخرين ينتشرون في شوارعنا وبيوتنا ومؤسساتنا، او –ان شئت- “بروفة” شاهدناها ويمكن ان نشاهدها مرارا.. واللافت ان “حرم” الجامعة لأسباب تتعلق “بالاجتماع البشري” والتماس المباشر وطبيعة الحضور واعمارهم وحماسهم، هو المكان الذي صدّر لنا “الصورة” فيما لا يمكن ان نفترض بأنها قد “تلتقط” في اماكن اخرى اذا ما توفرت لها الظروف ذاتها.
باختصار،حرم الجامعات ليس اكثر من “شاشة” لعرض “فيلم” العنف، اما “الحواضن” التي خرج منها فهي داخل المجتمع، و”ابطال” العنف وضحاياه الذين ينتشرون في جامعاتنا ليسوا الا “ابناءنا” الذين يخرجون من بيوتنا ومدارسنا وتفرزهم مقرراتنا في التعيين والقبول.. اما السؤال “الغائب” الذي ما زلنا نلتف عليه فهو: هذا العنف صناعة من؟ ومسؤولية من؟ ومن المستفيدون منه ؟ هل نذهب الى “الجامعة” لاستئصاله او نحاصر “ملاذاته” في المجتمع والدولة؟ هل نواجهه بالحوارات والمقترحات او بالمقررات والاجراءات؟ هل نحتاج فعلا الى “تغيير” قواعد اللعبة لنضمن تجفيف منابعه او ان حضوره في “المشهد” مع ادارة “ازمته” سيمكننا من اقناع انفسنا –مع كل حادثة- اننا بخير وان ما يحدث في جامعاتنا هو مجرد استثناء وتحت السيطرة ايضا؟الدستور
الخطأ في التشخيص يقود بالنتيجة الى خطأ في المعالجات، وهذا ما حصل فعلا، فقط بدأنا منذ سنوات طويلة “ماراثون” الحملات –بأنواعها- ضد العنف في الجامعات، كتبنا وحاورنا والتأمت لجان متخصصة اصدرت بياناتها ومقترحاتها.. وهبّ الجميع لاستنكار ما يحدث والتوافق على انهائه على الفور.. لكن هذا المسلسل بحلقاته الطويلة والمملة لم ينته، بل على العكس تماما، تحوّل الى “فيلم” مرعب، اختلطت فيه الادوار والأدوات حتى سال “الدم” مع الأسف.
لم ننتبه، ربما، الى ان “الجامعات” تعكس صورة المجتمع، والى ان طلابها والعاملين فيها هم من “طينة” هذا المجتمع يتحدثون باسمه ويمارسون افعالهم بالنيابة عنهم، ونحن –بالتالي- نرى “صورتنا” في مرآتهم، تعكس عافيتنا حين يكون لدينا عافية نتمتع بها، وتعكس “ازماتنا” واختناقاتنا واحباطاتنا حين تضل اقدامنا طريق الصواب.. ونفقد “مناعتنا” ضد العلل والامراض.
حين نتوجه الى “تطويق” العنف في الجامعات، دون ان نمرّ من “الحاضنات” التي انتجته داخل المجتمع، ودون ان نعترف “بالمراكز” التي سوقته والاخرى التي اوصلتنا اليه، فكأننا ،عندئذ، نمارس العملية بالمعكوس، نحاكم النتائج والافرازات ونهمل الاسباب والمقدمات، نتعامل مع الجامعات “كمحميات” وننسى ان وراء اسيجتها “وحوشا” يمكن ان تتسلل في اية لحظة.. فيقع المحظور.
الصورة الاخيرة التي وصلتنا من معان (وهي بالمناسبة ليست الاولى) تبدو مفزعة، وهي –بالتأكيد- لا تعبّر عن “قيمة” الجامعة المفترضة، والاعتبارات التي يجب ان تلتزم بها، لكنها –للأسف- تعكس بدقة ما حدث في مجتمعاتنا من اختناقات وما انتهت اليه احوالنا من خيبات.. انها –باختصار- المرآة التي يتوجب ان نحدق فيها لرؤية “وجه معجتمعنا” وما طرأ عليه من جراحات واصابات، اما هؤلاء الذين “تورطوا” في العنف واولئك الذين وقعوا ضحايا له، فهم –ايضا- مجرد “نسخة” لآخرين ينتشرون في شوارعنا وبيوتنا ومؤسساتنا، او –ان شئت- “بروفة” شاهدناها ويمكن ان نشاهدها مرارا.. واللافت ان “حرم” الجامعة لأسباب تتعلق “بالاجتماع البشري” والتماس المباشر وطبيعة الحضور واعمارهم وحماسهم، هو المكان الذي صدّر لنا “الصورة” فيما لا يمكن ان نفترض بأنها قد “تلتقط” في اماكن اخرى اذا ما توفرت لها الظروف ذاتها.
باختصار،حرم الجامعات ليس اكثر من “شاشة” لعرض “فيلم” العنف، اما “الحواضن” التي خرج منها فهي داخل المجتمع، و”ابطال” العنف وضحاياه الذين ينتشرون في جامعاتنا ليسوا الا “ابناءنا” الذين يخرجون من بيوتنا ومدارسنا وتفرزهم مقرراتنا في التعيين والقبول.. اما السؤال “الغائب” الذي ما زلنا نلتف عليه فهو: هذا العنف صناعة من؟ ومسؤولية من؟ ومن المستفيدون منه ؟ هل نذهب الى “الجامعة” لاستئصاله او نحاصر “ملاذاته” في المجتمع والدولة؟ هل نواجهه بالحوارات والمقترحات او بالمقررات والاجراءات؟ هل نحتاج فعلا الى “تغيير” قواعد اللعبة لنضمن تجفيف منابعه او ان حضوره في “المشهد” مع ادارة “ازمته” سيمكننا من اقناع انفسنا –مع كل حادثة- اننا بخير وان ما يحدث في جامعاتنا هو مجرد استثناء وتحت السيطرة ايضا؟الدستور