jo24_banner
jo24_banner

سلامًا أيها «الأردن» العزيز

حسين الرواشدة
جو 24 :





حين نحدق في مرآة عالمنا العربي ونرى صورة الاوطان المكسورة، والخيام التي توزعت على الحدود، والاطفال الذين يرددون آخر ما علق في ذاكرتهم من اناشيد البلد، والدماء التي سالت على حدود سيوف القبيلة والطائفة والعشيرة، ونبحث عن «بلاد العرب اوطاني «، او» لسان العرب يوحدنا»، او» الحب ديني وايماني»، لا نجد سواك ايها «الاردن» العزيز لكي يعزينا عمن رحل، او يطمأننا على من بقي، او يزرع فينا الصبر والهمة والامل، انت وحدك ايها الوطن ما تزال واقفا امامنا كالجبل، رحيما كالمطر، مضيئا مثل جباه الاردنيين الذين يحرسونك على الحدود، او يسقون شجرتك الوارفة بدمهم وعرقهم ..وحبهم ايضا.
قد يكون لديك -مثلي تماما - عشرات الملاحظات على تجربة بلدنا السياسية وعلى «الازمات» التي تضرب مجتمعنا، والتحديات التي تواجهنا وقد تعارض الحكومات وسياساتها واخطاءها،والنخب وصالوناتها وقد تشعر «بالاكتئاب» بسبب الاحوال الاقتصادية وعين الفساد التي لم تكسر بعد،، لكن ارجو ان تنتبه دائما بان «جحيم» بلدك افضل مئة مرة من «جنة» الآخرين، وبان لحظة تشعر فيها في بيتك او في الشارع بأنك في امان وبأن احدا لا يمكن ان يلقي عليك القبض بلا سبب ولا تهمة، وبان كرامتك محفوظة حتى لو كنت متهما بارتكاب جريمة، هي لحظة لا تقدر بثمن.
لا تقل لي -ارجوك - بان هذه الحقوق التي تتحدث عنها مسألة طبيعية وبان غيرنا من شعوب العالم يتمتع بها ولا تستحق ان نشكر عليها الحكومات لانها من صميم واجباتها، لاتقل لي -ايضا - بأنني اقارن احوالنا بأحوال دول اخرى انهكها العنف والاستبداد او الصراعات الداخلية.. صدقني انني اتحدث عن دول اكبر من بلدنا واغنى منها ولديها ديمقراطية قبلنا، ولكن لم يعوضها ذلك كله عن غياب الامن وفقدان حرية المشي في الشارع او الصلاة في المسجد (تصور..!)، واتحدث -ايضا - عن دول اخرى روى لي اصدقاء اعلاميون التقيتهم في احد المؤتمرات عن احوالها قصصا مرعبة ومع انهم يعتزون بها لانها بلدانهم، الا انهم لا يخفون قلقهم مما يواجهها من ازمات ولا -احلامهم - بأن ينعموا بما ننعم فيه ببلدنا من امن واستقرار.
لا يخطر ببالي - يشهد الله - ان اهوّن مما نعانيه من مشكلات، او ان اغطّي على اخطاء هنا او هناك، او ان ابرر تجاوزات وممارسات جرحت صورة بلدنا وازعجتنا، ولكنني بعد تجارب سفر عديدة، اطلعت فيها على بعض احوال اخواننا في اكثر بلداننا العربية والاسلامية، وفي العالم المتقدم ايضا،واستمعت الى شكاواهم ومعاناتهم وقارنت بين بلدنا وبلدانهم استطيع -وبعيدا عن حديث الشوق للاوطان - ان اقول بأننا في «نعمة» لم نقدرها بما يكفي ولم نحرص عليها بما يجب، وبان بلدنا ما زال «بخير» رغم ما يطفو على سطحه من اعراض وما يتغلغل داخله من امراض.
باختصار، صورة بلدنا في الخارج وفي عيون الاخرين افضل مما تراه عيوننا ومما تتناقله ألسنتنا، واوضاع بلدنا -رغم كل شكاوانا - احسن بكثير من اوضاع غيرنا.. و»حفنة» من تراب وطننا،او ابتسامة من شرطي او موظف في المطار، او «صحن حمص» في مطعم بوسط البلد، او لحظة تشعر فيها بأنك تخرج فيها من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب في اخر الليل دون ان تطاردك اشباح الخوف، كل واحدة تساوي قنطارا من ذهب.
وطننا بخير.. الحمد الله، لكننا نريده افضل من ذلك، والافضل دائما وابدا..
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير