jo24_banner
jo24_banner

«لجان» انقطعت أخبارها..!

حسين الرواشدة
جو 24 : ستة أشهر مضت على تشكيل لجنة «النزاهة» الوطنية، لكن لا أحد يعرف أين وصلت والى أين انتهت؟ ايضاً بعد خمسة اشهر على اشهار لجنة مراجعة «الخصخصة» انقطعت الاخبار، فقد اجتمع الاعضاء – كما نشرت وسائل الاعلام – مرة واحدة.. ونرجو ان لا تكون الاخيرة.

في بلادنا لا يوجد اكثر من «اللجان» فبعد كل مشكلة او ازمة يبتدع المسؤولون فكرة «انشاء لجنة» سواءً للتحقيق او للتخطيط او للتوضيح وارضاء «الخواطر»، وغالباً ما تمضي هذه اللجان الى «المقبرة»، طبعاً بعد ان يحتدم «النقاش» حولها، وتتزاحم المقترحات، ويضرب البعض على صدورهم ويوشك الجمهور ان يصدق بانه «قضي الامر» وجاء الفرج.

ارجو ان لا يبادرني القارئ العزيز «بابتسامة» ساخرة، او ان يمطّ شفتيه اعتراضاً على ما قلته، باعتباره «امراً واقعاً» وتقليداً عابراً للحكومات، وباعتبار ان «الكلام» في هذا الموضوع لا جدوى منه، كما ان اثارته تدعو الى الشفقة.. وربما «الاستهزاء» ايضاً.

مع القارئ حق اذا اعتقد بأنني «اضرب» في جسد «ميت»، او بأنني انبش «موضوعات» قديمة وربما ليست ذات اولوية، لكن ليعذرني اذا قلت بان ما دفعني للكتابة في الموضوع امران: احدهما اعادة الاعتبار لذاكرتنا التي يتصور البعض انها اصبحت «مشطوبة» ومصابة بداء النسيان، وهذه تهمة لا تتعلق فقط في قضايا «صغيرة» مثل التي ذكرتها سلفاً وانما تتجاوزها الى قضايا اكبر واهم، سواءً على صعيد ذاكرتنا الوطنية وتاريخنا «المنسّي» او ذاكرتنا القومية والاسلامية التي تعرضت هي الاخرى لمحاولات المسح والتشويه والشطب.

الامر الآخر هو ان البعض يتصور بان طيّ الملفات في ادراج «اللجان» هو الحل الافضل للخروج من الازمات، بل يفتخر هؤلاء بأن ذلك هو عين «الدهاء» السياسي، ورهانهم – دائماً – على ضعف ذاكرة الناس، فيما الحقيقة ان ذلك غير صحيح، بل وخطير ايضاً، ولدينا من التجارب ما يؤكد ان منطق الاستغفال هذا أدخلنا في أزمات متراكمة، وولد انفجارات كان يمكن ان لا تقع لو واجهناها منذ البداية بحلول واقعية وسريعة.

في ادراج المسؤولين – الآن – عشرات (ان لم اقل مئات) اللجان التي شكلت حول مشكلات وموضوعات متعددة، بعضها مضى عليه شهور طويلة وبعضها ما زال «طازجاً»، خذ مثلاً « لجنة» التحقيق في احداث مسيرة اربد التي اثارت الرأي العام وتم تشكيلها بطلب من البرلمان، لم نسمع – حتى الآن – أية اخبار عن مجريات التحقيق ولا عن نتائجه، خذ – ايضاً- لجنة التحقيق في «السيارات الحكومية» التي تستنزف الملايين من موازنتنا «الفقيرة»، للأسف ما تزال السيارات ذات النمرة الحمراء تجوب الشوارع بلا رقيب، خذ – ثالثاً – لجنة التحقيق في «غرق الشاب الجراح».. ثم تصور بعد ذلك الى اين ستنتهي لجنة «التحقيق» التي ستشكل (او ربما شكلت) في احداث جامعة الحسين الاخيرة بمعان وتداعياتها المعروفة.

يمكن ان يسعفني القارئ العزيز بأسماء عشرات اللجان التي شكلت على صعيد المؤسسات والشركات، او البرلمان، او الحكومة او غيرها من الجهات، وان يتأمل في نتائجها التي غالباً ما تذهب الى «طيّ الصفحة» او الى الانحراف عن موازين العدالة لاسباب نعرفها، او الى «تغليظ» العقوبات دون مبرر ودون الالتفات الى جذور المشكلة وأسبابها، او الى تحميل «المسؤولية» لمجهولين لا نعرفهم وربما يكونون مجرد أشباح عبروا اجواءنا ولم نرهم.. اما توصيات اللجان ان قدر لها ان تخرج فمصيرها الادراج المغلقة.

بالتأكيد، المشكلة ليست فقط في «تراجع» مصداقية اللجان، ولا في الرهان على ذاكرة «الناس» التي أصابها النسيان (او نقص فيتامين ب)، وانما المشكلة الاهم في فقدان الناس ثقتهم بكل ما حولهم، حتى بأنفسهم ومجتمعهم، ومحاولتهم الردّ على ذلك «بالانتقام» من كل شيء، حتى من مجتمعهم وأنفسهم ايضاً.الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير