فرق بين مسؤول.. ومسؤول..!
حسين الرواشدة
جو 24 :
فرق كبير بين «مسؤول « يضع موازين العدالة بين عينيه حين يوقع على اي قرار، او يفكر باتخاذ اي اجراء، وبين « مسؤول « يصعد على منصة «الواسطة والمحسوبية» فتنتفخ اوداجه امام « معارفه « وهو يمارس سلطته، بدون اي من ضمير.
فرق كبير بين مسؤول يسخر كل شيء لخدمة الناس والتسهيل عليهم، ويتعامل مع العاملين معه بتواضع، ويضع المصلحة العامة امامه، ويؤمن بان « الكراسي « دوارة، وبان ما ينفع الناس يبقى في الارض، وغيره من الامتيازات « والبرستيج « مجرد زبد يذهب جفاء، وبين مسؤول يتجبر على خلق الله، ويغلق الابواب في وجوههم، ويعتقد ان المنصب سيدوم للابد، وان كل من حوله مسخّر لخدمته، وان امامه فرصة ذهبية « لينهب « كل شيء، ويضمن ما يلزم من « مصالح « بعد انتهاء الوظيفة.
الاول، ابن البلد، وامثاله قليلون، يتحرك في دائرة الاحساس بالمسؤولية الاخلاقية والوطنية والمهنية، همه الوحيد ان يخدم ابناء بلده، وان يحافظ على سمعته و يفتخر به ابناؤه من بعده، وان يبقى « نظيف « اليد لا يمدها الى الحرام، يختم عمله برضى الله ورضى الوالدين.
الثاني ابن البلد ايضا، وامثاله كثيرون،، يفكر باللحظة التي تداهمه ويبحث عن الشهرة المزيفة، وكلما صحى ضميره اعاده الى « زنزانته «، همه الاول ان يحظى برضى من هم فوقه، وان يضمن بقاءه في موقعه او الوصول الى اعلى موقع ممكن، يحرص - دائما - على التزلف للاعلام الرخيص، ولا يتردد احيانا في «تصدّر»مواسم الخير،او اخذ ما يلزم من الصور مع اليتامى والمحتاجين.
فيما مضى من تاريخنا الوطني المشرف، كان الحرام او العيب، او « الشرف الوطني « والوظيفي، كفيل بردع المسؤول عن الاخلال بابسط قواعد واخلاقيات الخدمة العامة، كان لدينا نماذج لمثل هؤلاء الذين دخلوا الوظيفة فقراء، وخرجوا منها فقراء، ورأوا في النفاق اكبر فساد، واغضبوا اقرب الناس اليهم، لانهم رفضوا المحسوبية على حساب حقوق الاخرين.
لكن مع ما طرأ على مجتمعنا من تحولات امطرت علينا وابل النفاق والفهلوة والشطارة، دخل الى الوظيفة العامة اصناف اخرى من الموظفين الذين اختاروا اسوأ ما في تراثنا من مقولات، واسوأ ما اوصلتنا اليه حالة التخلف من شعارات: « اكسب واهرب « او « حط راسك بين الرؤوس « وغيرها مما يستند اليه الهابطون من « البراشوت « لتبرير تجاوزاتهم واخطائهم الفادحة.
اكتب وانا اشعر « بالخيبة « والحسرة مما اصاب مجتمعنا من انكسارات في منظومة قيمه واخلاقه، وكنت اتمنى ان نسأل انفسنا : ماذا حدث لنا ؟ولماذا.؟ لكن الاجابة على ذلك تطول وتطول، ما يعزيني فقط انه ما زال بيننا في طبقة المسؤولين من يستحق الاحترام، كل الاحترام، ومن نستطيع ان نذكره بخير، وان نقدمه لابنائنا كنموذج يطرد من داخلهم اليأس والاحباط.