jo24_banner
jo24_banner

ديمقراطية في خوذة جنرال!!

خيري منصور
جو 24 : بعد عاشوراء الالفية الثالثة، اي مرور عشر سنوات على احتلال العراق، نسمع من يعيدون النظر في مواقفهم التي كانت تحرض على الغزو الامريكي المعولم للعراق، وكأن ثمن هذه العودة للوعي تدمير البلاد والعباد لعشر عجاف، والان نقول لهؤلاء.. اما انكم كنتم قصار النظر او متواطئين.

وكلا المصيبتين اعظم من الاخرى، لكن الدليل على ان الوعي لم يعد لمن فقدوه انهم يكررون الرهان الاخرق ذاته، في كل مكان وأوان، ولو كان لدينا كعرب تقاليد رصينة وصارمة في الثقافة والفكر لعوقب هؤلاء على ما اقترفوا من حماقات، خصوصا من له صلة منهم بالرأي العام، الذي كان ضحية تضليل لا مثيل له، وقد غاب عنهم ان الديمقراطية ليست ملحقا بدبابات وحاملات طائرات وصواريخ اللهم الا اذا كانت ديمقراطية ترتدي خوذة وتعطي الحق لمن يحتكرها لصالحه ان ينكل بالاخرين!

قبل العراق كانت مصطلحات من طراز البلقنة والافغنة واللبننة تضطرنا لاستخدامها في سياقات تعني التقسيم والطائفية والانتحار الاهلي، لكن بعد العراق اصبحت العرقنة هي الامثولة وليس المثال فقط.

فهل ثمة من يسعون الى عرقنة العالم العربي كله، ومن يستعصي على العرقنة فان الوصفة الاخرى وهي الصوملة له بالمرصاد.

كأن قدرنا ان نعيد حكاية فئران جمايكا التي جربت في خمسينيات القرن الماضي حيث نضطر دائما للاستغاثة بالنموس ضد الفئران، ثم تأتي النموس على الفئران وعلى كل شيء حولها.

فعلها امرئ القيس من قبل ودفع الثمن عندما اهداه القيصر ثوبا مسموما اضافة الى سيوف ودروع يثأر بها من ابناء عمه، ومات بعد ان تهرأ جلده في جبل عسيب بتركيا.

لا يعقل ألا تتلقح هذه الشعوب رغم تكرار اللدغ من الحجر ذاته. ولو صدق ادعاؤها بالايمان لما لدغت عشرين مرة وليست مرتين فقط!

ان من يخلطون الحرية والديمقراطية بالدبابة الغازية والطائرة المدمرة يصح عليهم عنوان فيلم عربي كوميدي هو سمك تمر هندي او ما يقوله المصريون بمرارة عمرها الاف السنين وهو صناعة الشربات من الفسيخ.

اية ثقافة تاريخية واي وعي هذا الذي خلط الاوراق على نحو لا تفعله قطة برية عبثت بكبة صوف؟ واذا كان لهذه الامة مثقفون جديرون بهذه الصفة فان عليهم ان يقولوا فك هذا الاشتباك، كي لا تسيل المفردات والمصطلحات على بعضها في القواميس وتصبح اللغة مغنية صلعاء على طريقة تلك المسرحية العبثية ليوجين يونسكو، عندما تحولت اللغة الى وسيلة لتعميق سوء التفاهم.

ان العرقنة في اقسى تجلياتها تتمدد الان لجعل كل قرية دولة، وكل حارة وطنا!

ومن ابتكروا لنا كيمياء سياسية غير مسبوقة تربط الاحتلال بالتحرير والغزو بالديمقراطية يستحقون براءة اختراع!

فيا جدهم الابعد امرئ القيس قل لهم ماذا فعل بك قيصر عندما استنجدت به من ابناء عمك؟

ويا غساسنة ومناذرة الروم والفرس انهضوا من قبوركم وانتم رميم وقولوا لهم ما هو عقاب من يستخدم درعا ضد ذويه!!.الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير