تفاهمات مع النقابات تضرب معايير العدالة في تطبيق قانون الضريبة.. نظام الفوترة الوطني ليس وطنيا
جو 24 :
وائل عكور - صحيح أننا وقفنا -كما كثير من الأردنيين- ضدّ قانون ضريبة الدخل الذي أقرّته حكومة الدكتور عمر الرزاز على اعتبار أن آثاره ستكون كارثية على الاقتصاد الوطني وعلى معيشة المواطنين، وصحيح أننا نؤمن بضرورة ذهاب الحكومة نحو الغاء كثير من الضرائب أو خفضها إلى أدنى مستوياتها من أجل تحسين نسب النمو الاقتصادي وليس فرض مزيد منها، إلا أننا لا نقبل الانتقائية في تطبيق هذا القانون وتحويله إلى أداة لاسترضاء القطاعات التي لا يهمها إلا المساومة على مصلحة الوطن والمواطن..
مؤخرا، أسفرت لقاءات (حكومية - نقابية) عن تسهيلات كبيرة لعدة قطاعات فيما يتعلق بتطبيق قانون ضريبة الدخل، عبّرت عنها نقابات "المهندسين، الأطباء، وأطباء الأسنان"، وغرفة تجارة عمان، فيما بدا أن العروض الحكومية لم تُقنع نقابة المحامين التي دعت منتسبيها لعدم الالتزام بالنظام على الاطلاق!
كان الأجدر بالتجار والمهنيين -وعلى رأسهم نقابة المهندسين باعتبارها أكبر النقابات المهنية ونقابة المحامين التي يُفترض أنها تمثّل أحد رموز العدالة في بلادنا- أن يتخذوا موقفا حاسما تجاه قانون ضريبة الدخل بشكل كامل إذا كان لديهم مشكلة مع نظام الفوترة الذي ينصّ عليه القانون، أمّا أن يتركوا الشعب الأردني يتلقى صفعة ضريبة الدخل دون أن يسانده أحد، فهذه قمّة النرجسية.
الحكومة، وعلى لسان مدير عام دائرة ضريبة المبيعات والدخل، حسام أبو علي، تقول إن هناك اعتبارات خاصة لبعض الجهات والقطاعات جرت مراعاتها، لكن الرجل لم يوضح السند القانوني لتلك المعاملة الخاصة! ولماذا لا تكون هذه المعاملة الخاصة للجميع؟! لماذا الانتقائية على قاعدة "خيار وفقوس"؟! ثمّ لماذا لا نُلغي كلّ التعديلات التي جرت على القانون وزعمت الحكومة أنها جاءت لمواجهة ومحاربة التهرب الضريبي عبر نظام الفوترة إذا كُنّا سنقوم باستثناء عدة قطاعات؟!
اسئلة كثيرة تطرحها تفاهمات أبو علي والنقابات المهنية؛ ألم تكن القطاعات المهنية أكثر القطاعات المتهمة بالتهرب الضريبي؟! لماذا تقدّم الحكومة كلّ هذه التسهيلات التي تنسف جوهر الفوترة وضبط التهرب الضريبي؟! كيف نقول إننا نستهدف ايجاد نظام فوترة وطني والحكومة تجري توافقات مع أكثر القطاعات المتهربة ضريبيا وتعبث بأركان الفاتورة الضريبية ومدة الاحتفاظ وآلية التطبيق؟!
نفهم استحالة تطبيق نظام الفوترة على بعض القطاعات مثل المخابز والبقالات الصغيرة، لكن لا نعرف كيف توافق الحكومة على "اعتماد دفتر يومية للأطباء يتم تسجيل الدخل اليومي عليه، وتقديم هذا الدفتر مع نهاية العام، ودون اشتراط تسجيل الأسماء أو تفاصيل الحالة المرضية، بالاضافة لترك الزامية اصدار الفاتورة رهن رغبة المريض"، وكيف تقبل الحكومة "اعتماد النماذج التي يقدمها المكتب الهندسي لنقابة المهندسين ضمن العقد بدلا عن تقديم فاتورة"، بينما يتمّ الزام الشركات الأخرى باصدار فواتير فورية وتوريدها للضريبة كلّ شهرين.
الواضح أن ما نشهده اليوم من توافقات هي نتاج "صفقات" أبرمتها نقابات مهنية مع الحكومة على ظهر الشعب الأردني وعلى حساب الفقراء، لتمرير قانون الضريبة المجحف.. وهو ما يفسّر عدم احتجاج النقابات على الرزاز كما فعلت مع سلفه هاني الملقي..
الأصل بحكومة الدكتور عمر الرزاز إن كانت حريصة على ما تبقى لها من مصداقية في الحديث عن سيادة القانون أن تقوم بتطبيق نظام الفوترة على جميع القطاعات وعلى قدر المساواة، أو أن تلغيه بشكل كامل.. لا أن تذهب لعقد الصفقات مع المهندسين أو المحامين أو الأطباء وغيرهم.