حقوقيون واقتصاديون لـ الاردن24: حبس المدين مخالف للعهد الدولي.. ويجب التعاطي مع المطالبات بالغائه بالتدريج
جو 24 :
وائل عكور - فيما أطلقت غرف التجارة والصناعة ومبادرة "صُنع في الأردن" حملات اعلامية ضد المذكرة النيابية التي وقّع عليها (100) نائب للمطالبة بالغاء عقوبة حبس المدين نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الأردنيون، أكد اقتصاديون وحقوقيون ضرورة التعاطي مع المطالبات بالغاء حبس المدين بحذر شديد، وذلك بما يضمن عدم ضياع حقوق الدائنين، ومراعاة المدين المعسر.
وقال متحدثون لـ الاردن24 إن الطرف الدائن يجب أن يتحمل مسؤولية قبوله بالبيع بشيكات مؤجلة، كما أن الواجب أيضا ايجاد بدائل عن الحبس في حالات الاعسار، مشيرين إلى أن حبس المدين مخالف للعهد الدولي الذي لا يجيز السجن في الالتزامات التعاقدية.
الزبيدي: يجب اعادة الاعتبار للشيكات
الكاتب والمحلل الاقتصادي، الزميل خالد الزبيدي، أكد ضرورة اعادة الاعتبار لقيمة الشيكات كورقة مالية للدفع الفوري، وأن لا يكون أداة ائتمان واقراض، مشيرا إلى أن ما يجري هو "حالة أردنية بامتياز".
وقال الزبيدي لـ الاردن24 إنه يؤيد تعديل القانون باتجاه عدم حبس المدين بدينه، وأن يكون هناك جزء من المسؤولية على الشخص الذي يصدر الشيك والمستفيد منه، وأن الطرفان العبء والضرر المتأتي من اصدار الشيكات.
وشدد على ضرورة الاكتفاء بالجانب الحقوقي في الأوراق المالية والغاء الحبس واعتبار أن من يقبل بالشيك المؤجل مُلزم بتحمل المسؤولية.
الامام: حبس المدين يخالف العهد الدولي
الناشطة الحقوقية، المحامية نور الامام، أكدت من جانبها أن النص الذي يقضي بحبس المدين يخالف أحكام المادة 11 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والذي لا يجيز السجن في الالتزامات التعاقدية التي يمكن ان تنشأ عن تعاقد ودون اي سند.
وقالت الامام لـ الاردن24 إن الغاء حبس المدين يجب أن يتم بشكل تدريجي بعد ايجاد ضمانات للمؤسسات والتجار والبنوك لتحصيل الديون عند الاقتراض، حيث أن الغاء حبس المدين بشكل مفاجئ قد يؤدي إلى اختلال في تعاملات السوق.
وأكدت ضرورة أن لا يكون هنالك أي شكل من أشكال الاكراه بالحبس لغايات الدفع، وأن تجري تعديلات على قانون التنفيذ تتضمن وضع ضوابط للحبس التنفيذي وأن يكون تدريجيا.
وشددت الامام على رفضها التنفيذ الجبري وخاصة مع الأشخاص المعسرين ممن ليس لديهم عمل ولا يملكون المال فالحبس سيكون عقوبة وليس حبساً تنفيذيا لغايات الاكراه لدفع الدين.
وأكدت على ضرورة ايجاد ضوابط واستثناءات على هذه المادة، وأن يكون هناك تقليص لمدة الحكم "فلو كان على شخص خمسة ديون، ولكل دين 90 يوما، فهو بذلك سيقضي سنة كاملة في السجن"، لذا يجب ان تتواءم ضوابط هذه المادة مع أغلب التشريعات العربية التي وضعت ايضا ضوابط لهذه المادة.
ولفتت إلى أهمية أن يكون هنالك تمهيد للمجتمع الأردني قبل التعديل على القانون، خاصة أن هذا التعديل يتعلق بشريحة واسعة من المجتمع وان تتغير نظرة المجتمع بالاكراه لغايات الدفع المتعارف عليها لتحصيل الديون بالحبس وضرورة ايجاد وعي عام وبدائل للحبس لغايات منع الاشخاص من التهرب من سداد الديون وتحضير للمجتمع لضمان حقوق الدائنين وحتى لا يكون هذا الحبس عقوبة لشخص معسر.
عايش: يجب تحديد حالات الاعفاء من الحبس
ومن جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي حسام عايش أن عبارة حبس المدين تحوي غموضا على اعتبار أنها تعني الوفاء بالالتزامات والتي في الأصل ان يكون طرفاها على بيّنة وثقة، وعدم توفرها يمكن ان ينجم عنه شيوع حالة من الفوضى في حال حبس المدين.
ورأى عايش أنه في بعض الحالات لا داعي لحبس المدين، وذلك لوجود عسر مالي مفاجئ وطارئ، مع توافر النية بالسداد والوفاء بالتزاماته، وعندها يمكن القول ان هناك ما حال دون وفائه بالتزامه، مستدركا بالقول "إن اعفاء المدين بالمطلق والتوقف بعدها يعتبر تجاوزا على العلاقة المتبادلة على أطراف هذا الدين من جهة، وشكلاً من اشكال الاستخدام غير الصحيح للاعفاء من الحبس من اصحاب النوايا السيئة للاستفادة من هذا التعديل".
وقال عايش لـ الاردن24 إن الغاء حبس المدين قد يفتح بابا لاستغلال المستثمرين القادمين إلى الأردن واستغلال التجار الذين يعانون من تعثر الحركة التجارية، الامر الذي قد يوفر للبعض منهم الاستفادة من هذه الحالة والحصول على سلع وخدمات ومنتجات مقابل شيكات لا يفون بها، وبالتالي نضع الحركة التجارية والاقتصادية في مأزق من الصعب السيطرة عليه فيما بعد.
واقترح عايش أن يكون هناك تحديد للحالات التي يُعفى المدين من الحبس فيها، والقياس على هذه الحالات، مشيرا إلى أن بعض المبالغ البسيطة لا حاجة لاشغال المحاكم والسجون بها.
ولفت إلى أهمية ادراج الاشخاص المتهربين عن السداد والمستفيدين من هذه الحالة ضمن سجلات لتقنين هذا القانون بما يخدم أهداف اقتصادية واجتماعية وليس فقط لصالح طرف على طرف آخر .
وأشار إلى أهمية دراسة هذه التعديلات المقترحة من زوايا مختلفة، وعدم التعامل معه فقط فيما يتعلق باعفاء المدين، فلا بد من توفير ضمانات فعلية وملموسة وضرورة تحمّل التجار مثلا جزء من المسؤولية في عمليات البيع بالأجل أو بالشيكات، فعلى التاجر ان يكون على بيّنة مع من يتعامل من خلال الاستعلام عن أي فرد أو مؤسسة و شركة تقوم بالشراء بالدفع الآجل (شيكات مؤجلة).
وقال عايش إن القانون يجب أن يوفّر الضمانات التي يمكن الحصول عليها من الطرفين لتعزيز الثقة والسماح بعملية تجارية آمنه وليس الى مزيد من الفساد والافساد المالي والاقتصادي، حيث أن مثل هذا التعديل قد يسمح للبعض بانتهاك القوانين واستيفاء الحق بالذات من خلال تأجير الديون أو بيعها إلى أشخاص خارجين عن القانون وبالقوة.
وأشار عايش إلى ضرورة الاستفادة من الظواهر الاجتماعية والاقتصادية السائدة، وأن يتم تحديد الهدف الذي نسعى إليه من تعديل القانون والتخفيف على المدين والتقليل من المحاكم ودورها، فالقانون وجد لخدمة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.