إيران تستوعب الضربة وتنتقل إلى الهجوم
تسير الاحداث المتعلقة بالملف الايراني عكس التحليلات والتوقعات ففي الوقت الذي تميل فيه الولايات المتحدة الامريكية الى التهدئة بعد الوعيد والتقاط انفاسها، تسعى ايران الى تازيم الوضع ووضع حد لنهايته قبل العام القادم.
فبعد ان خلقت الولايات المتحدة الامريكية الازمة بخروجها منفردة من الاتفاق النووي الايراني، واعلان رئيسها دونالد ترامب ذلك في مايو العام الماضي .
واعادة فرض عقوبات اقتصادية عليها في اب من العام نفسه متدرجة فيها حتى وصلت الى ذروتها لتصبح اكثر صرامة في التاريخ الايراني، معيدة فرض دفعة من العقوبات الاقتصادية. ومنع كلّ من يتعامل اقتصادياً معها من دخول السوق الأمريكية.
وبعد ان استوعبت ايران ضربة العقوبات واحتجاز السلطات في إقليم جبل طارق، الذي تسيطر عليه بريطانيا، ناقلة نفط قبالة جبل طارق، كانت في طريقها إلى سورية بحجة الاشتباه في أنها تخرق العقوبات المفروضة من جانب الاتحاد الأوروبي على سورية.
اصبحت الان تتحكم بخيوط اللعبة وتسعى الى التازيم لاحراج الولايات المتحدة، كاقدامها على اسقاط طائرة بدون طيار أمريكية فوق مياه مضيق هرمز، بصاروخ أرض-جو.
واعلانها بدء خفض التزامها بالاتفاق الموقع عام 2015، عبر زيادة نسب تخصيب اليورانيوم المتفق عليها مع أطراف الاتفاق. بعد ان أمهلت طهران في 8 أيار الماضي، الدول الأوروبية المشاركة بالاتفاق (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، 60 يوماً للوفاء بتعهداتها تجاه إيران بموجب الصفقة. لإيجاد آلية للتبادل التجاري ونظم المدفوعات الدولية، في ظل العقوبات الأمريكية المفروضة ضدها، كما اعلن الحرس الثوري الإيراني، في 19 تموز الماضي احتجاز ناقلة نفط بريطانية في مضيق هرمز.
ان انتقال ايران الى حالة الهجوم يعود الى عدة اسباب لعلمها ان الولايات المتحدة لن تقدم على اي حرب عسكرية خاصة في هذا الوقت اي قبل الانتخابات الامريكية، لان اي ضربة سيتأزم الامر في المنطقة وبالتالي سينعكس على اسعار النفط في العالم، كما يخالف تعهدات الولايات المتحدة بعدم خوضها اي حرب خارج اراضيها.
فشلها او عدم قدرتها لغاية الان من تشكيل تحالف دولي بحجة حماية الملاحة البحرية في منطقة الخليج، بعد ان وجهت الدعوة لاكثر من 60 دولة بقصد اضعاف الموقف الايراني واجبارها على مفاوضتها دون شروط،الا انها لم تتلق ردودا ايجابية باستثناء اسرائيل.
ولا ننسى عدم رضا بعض الدول الاوربية عن الانسحاب الامريكي من الاتفاق النووي لانه اضر بمصالحها التجارية، و اعاد الازمة النووية الى مربعها الاول ابان رئاسة بارك اوباما.
لذا فان ايران تدرك ان فرصتها مواتية الان وتسعى الى الحصول على مكتسبات وتحسين شروط التفاوض مع الطرف الامريكي قبل الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية العام القادم لانه في حال نجاح ترامب، فان خيوط اللعبة ستتغير ولا يمكن التكهن بنتائجها ومجرياتها.
وكنت قد اشرت في وقت سابق وعبر هذه الزاوية ان الطرفان يلعبان لعبة عض الاصابع ومن يصمد اطول.