jo24_banner
jo24_banner

خميس المعلم: الاستجابة لمطلبهم هو السبيل الوحيد لوقف الاعتصام

د. محمد أبو غزلة
جو 24 :


ثبت للجميع وبما لا يدعو للشكّ أن الحكومة أصبحت عاجزة بشكل كبير عن التفكير في إيجاد الحلول للتعامل مع المطالب التي أتت من أجلها بعد رحيل الحكومة السابقة، بدلالة استمرار الفعاليات الاحتجاجية الأسبوعية على سياسات الحكومة الفاشلة، والتي أصبحت تؤثر وبشكل كبير على القطاعات كافة، لكن يبدو في ظل العجز الحكومي فإن الخميس الأول من شهر أيلول لهذا العام سيكون أسود على الحكومة إذا ما استمرت في عدم فتح الحوارات مع المعلمين والمحتجين وتجاهل مطالبهم، كما أن هذا الخميس يأتي مختلفا عما سبقه ليس في مصادفته مع وقفة المحتجين الأسبوعية بل جاء لوعد قطعه المعلمون على أنفسهم وفاء لنقيبهم -عليه رحمة الله- الذي نذر نفسه لخدمتهم واستطاع أن يعيد بناء الثقة بين أعضاء نقابتهم ووحد صفهم وأهدافهم وحدد مطلبهم وأوصي بالعمل على تحقيقه.

ومن هنا فإن هذه الوقفة ستشهد مشاركة أعداد كبيرة من المنتسبين متسلحين بعقيدة الإيمان بعدالة مطلبهم، والذي إذا ما تحقق سيؤثر بشكل إيجابي على هذه القطاعات ومنطلقين من قناعة أن السياسات الحكومية المتعاقبة تتعمد تهميش مطالب المنتسبين لهذا القطاع في ظل تمادي الفاسدين على المال العام وتغوّل بعض الجهات على المنح والمساعدات التي تأتي للوزارة، ومخصصات الوزارة، في الوقت الذي يسمعون حلو الكلام من المسؤولين عن دورهم ومكانتهم في المجتمع وأهمية التعليم في التنمية لكبح جماحهم عند المطالبة بحقوقهم.

لعل استمرار الحكومة بتبني السياسات التي أسهمت في انتشار الفساد وحماية الفاسدين وافتعال الأزمات الداخلية وانتشار الجريمة، واجترار ممارسة سياسة التجييش والتهديد التي تستخدمها الحكومة من خلال أبواقها وممثليها في وزارة التربية والتعليم إلا دليل قاطع على ضعفها، وعدم قدرتها على التحاور والتعامل وفتح قنوات الحوار مع المشاركين في هذه الوقفة ناهيك عن وهنها وغياب الرؤية لديها نتيجة اختلاف المرجعيات لأعضائها، والذي أدى إلى زيادة ضعف الرئيس وعدم قدرته على إدارة فريقه.

تعلم الحكومة بأن هناك وعودات قطعت من وزراء سابقين للتربية والتعليم وبمشاركة بعض النواب لمنح المعلمين زيادتهم المستحقة مجدولة، ويعلمون ان هذه الوعودات زائفة وأنها كانت تهدف إلى ترحيل المشكلات، لكن الحكومة تعاملت مع هذه الوعود بحوارات زائفة وتسويف ومماطلات مع المعلمين أيضا، معتمدين في ذلك على معلومات قدمت لهم من مسؤولين في الوزارة تفيد بقدرتهم على إيجاد اختراقات بين أعضاء المجلس للاختلاف مشاربهم ، وأنهم يستطيعون تفريق وتشتيت المنتسبين وشراء ذممهم، وتقديم فرص الترقية لهم مقابل ما سيبذلون في بعثرة وتشتيت جهود النقابة، ولأن الحكومة اعتمدت على هذه على الترهات المقدمة لهم، ونتيجة قصور التفكير لديهم فقد غابت عنهم الحقيقة والتي يمكن أن توحد المنتسبين للنقابة بكل توجهاتهم وبغض النظر ن مرجعيات أعضائها، لذا تقف الحكومة والوزارة عاجزتان الآن عن إيجاد البدائل للتعامل مع هذه الوقفة لأنها زالت تفكر بعقلية تسلطية للتعامل مع الوقفة وتحاول إقحام الأجهزة الأمنية والأهالي والمؤسسات الإعلامية في صدام مع النقابة مستخدمة بذلك أساليب غير اخلاقية لإثارة الفتن بين فئات ومكونات المجتمع .

لا أحد ينكر صعوبة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية التي يعيشها الوطن، ولا أحد يطمح في استمرار هذه الأوضاع لأنها تؤثر على الحياة كافة، لكن لا أحد يقبل أيضا استمرار سياسات متعاقبة فاشلة لم تجلب إلا المزيد من الفقر والتجويع وانتشار الفساد وتغول المتنفذين والمسؤولين على حقوق الآخرين نتيجة غياب العدالة وتكافؤ الفرص. فكيف لمعلم أو مواطن أن يقبل بمبررات بعدم تلبية مطالب المعلمين بسبب عدم القدرة المالية في الوقت الذي تتآمر فيه الحكومة مع النواب على التطاول على المال العام في مؤسسة الضمان، وكيف لمعلم أن يقبل بارتباط مطلبه بمسار مهني أنظر إليه أنا شخصيا بأهمية كبيرة شريطة أن يكفل حق الطرفين بعد تعديله وتطويره لكن كيف به أن يقبل به في الوقت الذي تغدق الأموال على المسؤولين والعاملين في المؤسسات المستقلة وغيرها بدون مقابل وتوضع الشروط على المعلم فقط.

أقول أنا ما زال هناك فرصة كبيرة لتفادي هذه الوقفة الاحتجاجية وآمل بتدخل ملكي كما عودنا عليه جلاله الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه التدخل دائما عندما تعجز الحكومات عن تقديم الحلول، والحفاظ على مكانة الدولة وتعزيز قطاعات الشعب كافة ومنهم حملة الرسالة من المعلمين، فالحكومة العاجزة عن تقديم مبادرة حسن نية للتعامل مع هذه المطالب بطرق مختلفة وميسورة لا تستحق أن تستمر لا سيما ان كان لديها فرصة للتقدم بمشروع يصدر به إرادة ملكية أو التقدم بمبادرة ملكية للمعلمين تشتمل على حوافز مادية ومعنوية تكفل العيش الكريم للمعلم وتؤمن له ولأسرته متطلبات الحياة الكريمة وتحقق له المكانة الاجتماعية التي يستحقها، كما كان لديها الفرصة أن تعيد النظر وتكف عن تبني السياسات التي تقترح عليها من المسؤولين في الوزارة ، والتي تعتمد على تنصيب العداء لمنتسبي النقابة بعد ان ثبت فشلها عبر السنوات والتي ما زال مقترحوها يديرون هذه الوزارة، كما كان لها أن تتخلى عن دعم النافذين (...) في الوزارة ، وأن تجري تغييرا جوهريا في إدارة النظام التعليمي لو أردت أن تعبر لبر الأمان وتسهم في تحقيق بيئة أمنة للعاملين في الوزارة تقوم على العدالة والمساواة والمصداقية والشفافية التي فشل القائمين على إدارة النظام من تحقيقها.
 
تابعو الأردن 24 على google news