قراء تحليلية شاملة لنتائج مشاركة الأردن في اختبار تيمز (TIMSS)) 2023 ومقترحات تطويرية
د. محمد أبو غزلة
جو 24 :
من المعروف أن الدول التي تستثمر في مواردها البشرية في مجال التعليم تسعى جاهدة لتقييم أداء أنظمتها التعليمية بوسائل مختلفة ومنها المشاركة في التقييميات الدولية والتي تعكس مؤشراتها حيوية وكفاءة هذه النظم وفاعليتها لأن هذه الأدوات التقييمية مثل اختبارات(تيمز TIMSS ) ، وغيرها والتي تعمل على تحييد المتغيرات التي تؤثر على شفافية نتائجها، وبالتالي فهي الاختبارات غير معنية بتحسين صورة القائمين على هرم النظم التعليمية بقدر ما هي تقدم لهم تشخيص وتحليل دقيق لماهية أداءات هذه النظم والسبيل الكفيلة لمعالجة المجالات التي تحتاج إلى تحسين أو تعظيم جوانبها، وعليه فمن المهم أن تكون التقييمات الدولية التي تبنت الوزارة المشاركة فيها لتحسين جودة التعليم جزءاً لا يتجزأ من عملية التدريس والتعليم، وأحد المداخل المهمة لتطوير التعليم وإلا سنبقى ندور في حلقة مفرغة ولن نتقدم، ولأن المعلم هو المحور الأساس فيجب الاعتناء به وتوفير سبل الحياة الكريمة له، والتركيز على تطويره وتدريبيه وتمكينه ومتابعة اداءه من قبل المعنيين في الإدارات المدرسية و الإشراف التربوي وغيرهم لأنه ،وبعيد أي جدال فالمعلم ومدير المدرسة والمشرف التربوي، والطلبة هم المسؤولون عن هذه النتائج المتأخرة مع اختلاف مسؤولياتهم مع أن المعلم هو المحرك الرئيس لها مما يعني ضرورة مراجعة أدوارهم ومتابعة أداءاتهم..
لقد كان الأردن من الدول السباقة في المشاركة في هذه التقييمات الدولية منذ العام 1999 وفي الدورة الثانية من اختبارات تيمز (TIMSS) ، وحققت الأردن سابقا نتائج متقدمة عربيا وخاصة في عام2007 حيث كان الأول عربيا في العلوم والثاني في الرياضيات بعد لبنان وتعد هذه الاختبارات أدوات عالميـة لتقييـم تحصيل الطلبة في العلوم والرياضيات للصفين الرابع والثامن الأساسين، وتقييم فعالية تعليم هاتين المادتين في مدارس الدول المشاركة على مستوى العالم. وتتم هذه الدراسة تحت إشراف الرابطة الدولية لتقييم التحصيل التربوي (International Association for The Evaluation of Educational Achievement (IEA))، وتنفذ كل أربع سنوات، وتتضمن هذه الاختبارات كل البيانات التي تتعلق بسياقات تعلم العلوم والرياضيات فمنها ما يتعلق بالبيئة المنزلية للطلبة، والبيئة المدرسية، وبيئة الفصل الدراسي، وملخص تجارب ومواقف الطلبة، وسياقات الوعي البيئي للطلبة.
وقد اعدت الرابطة الدولية مقياسا لإنجاز اختبار (TIMSS) في عام 1995 بناءً على توزيع الإنجازات المجمعة لجميع البلدان التي شاركت في TIMSS 1995. لتوفير نقطة مرجعية لمقارنات البلدان، وتم وضع نقطة مركز المقياس (500) نقطة عند متوسط توزيع الإنجازات المجمعة للبلدان وبانحراف معياري قدره (100) نقطة ،وعليه لن يتم تحليل النتائج على متوسط الدرجات العام والمقدر (500) نقطة مركزية للمقارنات او على نتائج تيمز (TIMSS)في معايير الأداء وفق معايير المتقدم والعالي والمتوسط والمنخفض لأن الرابطة الدولية تضع متوسط دولي وفقا لأداءات الدول في كل دورة يكون أعلى أو اقل من نقطة مركز المقياس المرجعية التي وضعتها عام 1995 تشجيعا للدول على المشاركة في هذه الاختبارات كما أنه لو تم التحليل وفق لمتوسط المحدد بـ ( 500) نقطة سيكون مستوى الانخفاض كبيرا جدا والدول المحققة له قليلة جدا .
وبالوقوف على مشاركة الأردن منذ العام 1999وحتى العام 2023في مادني العلوم والرياضات وللصف الثامن وفي نتائج الصف الرابع الذي نشارك فيه للمادتين في هذه الدورة فقط وفي دورة 2015 في مادة الحساب نجد أن النتائج المتحققة جميعا كانت دون المتوسط الدولي لهذه المشاركات وفي جميع الدورات، وبل أصبحنا نشهد تراجعا مستمرا في الأداء وفي التربيب الدولي والعربي في كل دورة عن سابقتها، وللعلم فقط فقد كشف التحليل لهذه الدورة أن هناك مجموعة من الدول قريبة من نتائج أداء الأردن وتتشابه معها في بعض المتغيرات.
ومن هنا سيتم مناقشة النتائج في ضوء المتوسط الدولي الذي وضع بناء على أداءات الدول لمادتي العلوم والرياضيات لكل من الصفوف (الرابع والثامن للعلوم والرابع والثامن للرياضيات) و سيتم تناول النتائج التي ظهرت في التقرير الدولي للدورة الحالية 2023 والتي لم يلعن عنها رسميا في الأردن ، حيث شارك في هذه الدورة (58) دولة إضافة إلى بعض المدن المشاركة كمناطق معيارية، ونلاحظ ان النتائج كانت في مادة العلوم للصف الرابع ( 418) نقطة في حين كان المتوسط الدولي للطلبة ( 494) نقطة أي كانت نتيجة الأردن أقل عن المتوسط الدولي بـ (76) نقطة حيث احتل الأردن الترتيب (53 ) دوليا من أصل (58 ) دولة مشاركة و( 5) مدن معيارية ، وهي المشاركة الأولى لنا في الصف الرابع للعلوم ، وفي مادة الرياضيات لنفس الصف الرابع كانت النتيجة(427) نقطة والمتوسط الدولي (503 ) نقطة أي اقل من المتوسط الدولي بـ( 76) نقطة، وكان ترتيب الأردن (51 ) دوليا من أصل (58 ) دولة من الدول المشاركة و( 5) مدن معيارية مع العلم أن الأردن لم تشارك في العام 2019 في اختبار الرياضيات بينما شارك في دورة2015 في مادة الحساب فقط .
أما في اختبار مادة العلوم للصف الثامن فقد حقق الأردن (413 )نقطة ، والمتوسط الدولي ( 478 ) نقطة مما يعني أن نتيجة الأردن كانت اقل من المتوسط الدولي بـ ( 65) نقطة واحتل الأردن المرتبة (37 ) دوليا من أصل ( 42) دولة مؤهلة للمشاركة من الدول (44) التي شاركت ، وهي أقل معدل من المشاركة في العام 2019 التي بلغت (420 ) نقطة وكانت المقارنة مع المتوسط الدولي الذي حدد في (500)نقطة ، و كانت نتيجة الأردن أقل بـ (80) نقطة، وذلك لاختلاف عدد الدول التي بلغ عام 2023 ( 44) دولة في حين كانت عدد الدول في عام 2019( 39) دولة، وكان ترتيب الأردن في عام 2019 الخامس عربيا من (10) دول عربية مشاركة بينما تراجع الترتيب لهذا العام 2023ليكون في المرتبة (7) عربيا من أصل (9) دول عربية مشاركة.
كما أن مادة الرياضيات للصف الثامن فقد حقق الأردن ( 388) نقطة في حين كان المتوسط الدولي ( 478 )نقطة أي أن نتيجة الأردن كانت اقل من المتوسط الدولي بـ (90 )نقطة واحتل المرتبة ( 39 ) دوليا من أصل ( 42) دولة مؤهلة للمشاركة من (44) دولة ، ومقارنة ذلك مع نتيجة عام 2019 حيث كانت (452) نقطة والمتوسط الدولي المحدد بـ ( 500) نقطة أي أن نتيجة الأردن كانت أقل بـ(48 ) نقطة ، وذلك لاختلاف عدد الدول المشاركة و التي بلغت عام2023 ( 44) دولة في حين كانت عدد الدول المشاركة في عام 2019( 39) دولة، وكان ترتيب الأردن للعام 2019 الخامس عربيا بينما تراجع الترتيب لهذا العام ليكون في المرتبة (7) من اصل (9) دول عربية مشاركة.
ومع أن المقارنة يجب أن تتم بين الدورة الحالية 2023 ، والدورة السابقة 2019التي كانت أداء الدولة فيها أفضل من الدورة الحالية بالرغم من ـاثير جائحة كوفيد -19 على الأنظمة كلها، ومنها النظام التعليمي، ولكن ونظرا لعدم مشاركتنا في اختبارات العلوم والرياضيان للدورة 2019 فلن تكون المقارنة مكتملة ، وإذا قارنا بنتائج مشاركتنا في عام 2015 في اختبار علوم الصف الثامن سنجد أيضا بأنها كانت متدنية حيت كان ترتيب الأردن (32 ) من اصل( 39) مشاركة، وحقق الأردن ( 426) نقطة مقارنة بالمتوسط الدولي الذي كان (486 ) نقطة أي كانت بأقل بـ(60) نقطة من المتوسط الدولي وعربيا كان في المرتبة (5) من (10) دول مشاركة، والشيء نفسه في اختبار الرياضيات للصف الثامن حيث كان ترتيب الأردن ( 32 ) من أصل ( 39) دولة مشاركة حيث حقق ( 386) نقطة والمتوسط الدولي (481 ) نقطة أي اقل من المتوسط الدولي بـ(95) نقطة وعربيا واحتل المركز ( 8) من (10) دول مشاركة ، وفيما يتعلق بنتائج اختبار الرياضيات/ الحساب( Numeracy) فقط للصف الرابع2015 فقد حقق الأردن (388 ) نقطة والمتوسط الدولي ( 504) نقطة وحل الأردن في المرتبة ( 45) دوليا من أصل (49 ) دولة مشاركة أي اقل بـ( 116 ) نقطة من المتوسط الدولي، وحل في المرتبة (5) عربيا من أصل ( 8 )دولة عربية مشاركة.
ويلاحظ من الترتيب الدولي للأردن بأن الأردن جاء متأخرا بالترتيب حيث جاء بعده في اختبار العلوم للصف الرابع ( 5) دول فقط وهي ( أوزبكستان، كوسوفو، المغرب، الكويت، جنوب افريقيا)، وفي اختبار العلوم للصف الثامن أيضا جاء ترتيبه متأخرا حيث جاء بعده ( 5) دول أيضا وهي ( أذربيجان، أوزبكستان، فلسطين، جنوب افريقيا، المغرب)، وفي اختبار الرياضيات للصف الرابع أيضا جاء ترتيبه متأخرا حيث جاء بعده ( 7) دول وهي ( عُمان، ايران، السعودية، البرازيل، المغرب، الكويت، جنوب افريقيا)، وفي اختبار الرياضيات للصف الثامن جاء أيضا الترتيب متأخرا ، حيث جاء بعدة في الرتيب الدولي ( 3) دول هي ( فلسطين، البرازيل، المغرب) .
أما على ى صعيد الترتيب العربي فقد تقدمت كل من الامارات وقطر وعُمان والبحرين والكويت والسعودية على الأردن في الصف الثامن علوم وجاء بعده عربيا (1) دولة واحدة وهي (المغرب) ، وأيضا تقدمت الامارات والبحرين وقطر وعُمان والسعودية على الأردن في الصف الرابع علوم وجاء بعده عربيا (2 ) دولتان وهما (المغرب، الكويت ) ، كما تقدمت الامارات وقطر والبحرين على الأردن في رياضيات الصف الرابع وجاء بعده عربيا ( 4 ) دول وهي ( عُمان، السعودية، المغرب، الكويت)، كما تقدمت الامارات وقطر والبحرين وعُمان والكويت والسعودية على الأردن في الرياضيات للصف الثامن وجاء بعده عربيا ( 2 ) دولتان وهي (فلسطين، المغرب).
كما كشفت النتائج أن الفروقات بين الذكور والإناث في الأداء لطلبة الأردن كانت لصالح الإناث في العلوم والرياضيات للصفين الرابع والثامن، حيث بلغ في العلوم للصف الثامن ( 424) نقطة مقابل ( 403) نقطة للذكور وبفارق ( (-21) نقطة لصالح الاناث، وأيضا في مادة علوم الصف الربع بلغ متوسط الأداء ( 428) نقطة مقابل ( 406) نقطة للبنين وبفارق ( -22) نقطة لصالح الإناث، وبالمثل في الصف الثامن في مادة الرياضيات فقد بلغ ( 394) نقطة للبنات ، وللبنين ( 383) نقطة للبنين، وبمعدل ( -11) نقطة لصالح البنات ، وفي مادة الرياضيات للصف الرابع فقد بلغ (431) نقطة مقابل ( 422) نقطة للبنين وبفارق ( -9) نقطة لصالح الاناث.
ولعل من أسباب هذا التراجع في الأداء والذي يمكن أن تساق وهو التحول في طريقة أداء الاختبارات فقد شهدت دورة 2023 الانتقال الكامل إلى نظام تقييم قائم على الكمبيوتر، مع دمج تناوب الكتيبات التكيفية لموازنة نسبة الكتيبات الأكثر والأقل صعوبة للدول ذات متوسط الإنجاز المتوقع والمرتفع جدًا أو المنخفض جدًا، وتعد المشاركة الأولى لطلبة الصف الرابع في الأردن في اختبارات العلوم والرياضيات ،وبالتالي لا شكل بانهم قد واجهوا صعوبات في التعامل مع الأجهزة مع أنه تم الإعلان مسبقا لجميع الدول بانه الاختبار للدورة 2023سيكون الكترونيا مما يعني ان متغير المشاركة الكترونيا طبق على جميع الدول وهذا كان يستدعي الاستعداد له وتدريب الطلبة على نماذجه الإلكترونية كما فعلت بعض الدول والتي حققت نتائج متقدمة رغم انها تشارك لأول مرة في طريقة أداء هذه الاختبارات، و هذا يقودنا إلى أهمية تمكين الطلبة من المهارات التكنلوجية التي أصبحت حاجة ماسة للطلبة والمعلمين ويتفق ما دعت اليه التوجهات الملكية والخطط الوطنية وخطابات الحكومات المتلاحقة، كما ان قد يكون موضوع ترجمة الأسئلة للعربية عائقا لكنه أيضا طبق على جميع الطلبة في كل الدول العربية التي شاركت، وبالتالي فإن متغير ترجمة الأسئلة للغة العربية ليست هي السبب في التراجع ، ومن المهم ان ندرك ان هناك تباينا كبير في الإنجاز ليس فقط بين المشاركين، بل وأيضًا داخل كل بلد وهذا يتضح من الانحراف المعياري، والنطاق الربعي، والفرق بين النسب المئوية العاشرة والتسعين لتوزيع الإنجاز وبالتالي سيكون من الخطأ افتراض أن جميع الطلاب في أي بلد يحققون درجات أعلى من الطلاب في بلد آخر في حين أن متوسط الإنجاز في دولة ما قد يكون أعلى من متوسط الإنجاز في دولة أخرى لأن كل دولة لديها بعض الطلاب الأقل إنجازًا وبعض الطلاب الأعلى إنجازًا، ولعل الفرق في الأداء بين طلبتنا الذكور والاناث والتي اشرنا اليه يثبت ذلك ، كما قد يكون الفرق أيضا واضحا بين أداء طلبة المدرسة نفسها وبالتالي فإن متوسط الإنجاز عبر الدول يمكن أن يوفر انطباعا أوليا عاما عن الإنجاز في الدول المشاركة خاصة أن المعلومات اتصفت بانها أكثر شمولاً عن في كل دولة وارتبطت بالعوامل السياقية التي تم ذكرها مما يوفر فهمًا أعمق لأداء الطلاب بالنسبة لخلفياتهم التعليمية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها .
ولضمان تحسين مشاركتنا في المستقبل فمن المهم ان تبحث الوزارة عن آلية لزرع الاهتمام والجدية لدى كل المعنيين في التعليم وعلى جميع المستويات لأهمية هذه الاختبارات واثرها على سمعة النظام التعليمي دوليا وعربيا لأن غياب الاهتمام بهذه الاختبارات و نتائجها قد يكون هو السبب الأهم في تدني هذه النتائج ، والعمل على توعية الطلبة والفئات المستهدفة بهذه الاختبارات من المشرفين التربويين ومديري المدارس و المعلمين واولياء الأمور بأهمية هذا الاختبار وإيجاد طريقة لتحفيز الطلبة المشاركين في هذه الاختبارات بمنحهم درجات إضافية في ضوء نتائجهم، وذلك لحفزهم على الاستعداد والاهتمام، وأيضا تحفيز المشرفين ومديري المدارس و المعلمين وأولياء الأمور كما يمكن للوزارة ربط تقييم أداء المعلمين ومديري المدارس المشاركة في العينة بنتاج أداء طلبتهم ،إضافة إلى عدم السماح لمعلمي التعليم الإضافي لتدريس هذه الصفوف لأنهم في حقيقة الأمر يؤثرون على نتائج الطلبة، كما يمكن وضع خطة تنمية مستمرة ليس فقط من أجل تطوير المشاركة في الاختبارات بل لتطوير أداء المعلمين والطلبة، وعدم الاعتماد على التدريب الذي يتم قبل الاختبارات بفترة قصيرة لأنه لا يمكن ان يؤتي ثماره فيجب ان تكون الاختبارات الدولية والاختبارات عموما جزءا أساسيا من عمليات التدريس اليومية، وليس من اجل الاختبارات الدولية فقط مما يعني ضرورة النظرة الشمولية لتطوير عناصر المنظومة التعليمية واهمها المحتوى التعليمي وطرق تدريسه، كما من المهم التعاون مع المركز الوطني للمناهج لضمان ادخال الموضوعات والمفاهيم والمهارات التي تركز عليها الاختبارات الدولية و الاهتمام بتطوير طرق التقويم والتركيز على التقويم البنائي وقياس المهارات المكتسبة فكريا وعلميا ، والتقليل من أسئلة التذكر و الحفظ، وإجراء دراسات تتبعية للطلبة الذين اختبروا في الصف الرابع ثم اختبروا في الصف الثامن، ومقارنة نتائج الاختبارات للطلبة أنفسهم إضافة إلى توجيه محتوى الاختبارات الوطنية لخدمة الاختبارات الدولية، ناهيك عن عمليه تأهيل وتدريب المعلمين وتطوير أساليب تدريسهم، لتمكين المتعلمين من تدريس المهارات المتقدمة التي تضمنتها الكتب المدرسية فلا يعقل أن يتم تدرسها بأساليب تقليدية. كما انه من المهم عمل محطات تقييم في المراحل المختلفة، وتطوير البيئة التعليمية والإدارات المدرسية، وتطوير أداء المشرفين التربويين، والتركيز على مرحلة التأسيس التي تتقدم من خلالها أداءات النظام التعليمي.
وعلينا في الدورة القادمة إذا أردنا ان نتقدم ونطور من الأداء ونحسن من سمعة النظام التعليمي علينا التركيز في تدريس الطلبة من قبل المعلمين لضمان رفع استعداداتهم للمشاركة في اختبار العلوم للصف الثامن ، والعمل على تحديد جميع موضوعات التي يجب أن يتم التركيز عليها في العلوم وخاصة الموضوعات الأربع لهذه الدورة و وفق النسب المخصصة لها وهي علم الأحياء والكيمياء والفيزياء وعلوم الأرض على ان يتم التركيز عند تدريسها على تقيم أداء طلاب الصف الثامن في المجالات المعرفية الثلاثة والمتعلقة بمهارات المعرفة ،والتطبيق ، والاستدلال ، لتغطية الإطار في الصف الثامن في العلوم، وأيضا عند تدريس مادة الرياضيات الصف الثامن لا بد من التركيز على تدريس على جميع موضوعات العلوم وخاصة الموضوعات الأربع لهذه الدورة وخاصة الاربع مجالات لهذه الدورة وهي - العدد والجبر والهندسة والقياس والبيانات والاحتمالات وفق النسب المخصصة لها مع التركيز على تقيم طلاب الصف الثامن في المجالات المعرفية الثلاثة المعرفة ، والتطبيق ، والاستدلال لتغطية الإطار الرياضيات في الصف الثامن، والشيء نفسه في مادة العلوم للصف الرابع يجب التركيز في تدريس العلوم على موضوعات علوم الحياة، والعلوم الفيزيائية وعلوم الأرض ووفق النسب المخصصة لها، وتقيم أداء طلاب الصف الرابع في المجالات المعرفية الثلاثة: المعرفة ، والتطبيق ، والاستدلال ، لتغطية الإطار العام في الصف الرابع، وفي مادة الرياضيات للصف الرابع يجب التركيز على تدريس الموضوعات والمفاهيم المتعلقة بالعدد جنبًا إلى جنب مع المفاهيم الجبرية التمهيدية والقياس والهندسة والبيانات مع التركيز عند تقييم أداء الطلبة في الجوانب المعرفية الثلاثة المعرفة والتطبيق والاستدلال. لتغطية الإطار في الصف الرابع لان جميع هذه الموضوعات والمهارات هي التي يتم قياس أداء الطلبة فيها في هذه الاختبارات.
كما لابد من زرع الاهتمام بهذه الاختبارات والمشاركة فيها من قبل جميع الأطراف المعنية بما فيها الحكومية نفسها لما لها من أثر على سمعة النظام التعليمي، و الاهتمام بتوجيه السياسات التعليمية للتركيز على مرحلة التأسيس وهي جوهر العملية التعليمية، وإعادة النظر والمراجعة والدراسة لحقيقية للاستفادة من ما تم وضعه من اللجان الخارجية المتخصصة التي تم تشكيلها لإعداد خطة تطويرية للنظام التعليمي بحيث تتناول عناصر المنظومة التعليمية كافة، وتكون هذه الخطة بمثابة خطة إنقاذ وطني للنظام التعليمي مما أصابه من تراجع خلال السنوات الأخيرة في هذه الاختبارات وغيرها ، وعلينا أن نستلهم من الرؤى الاستشرافية لجلالة الملك وخاصة في الرؤية الاقتصادية 2033 وفي محور الريادة والابداع وفي المجال المتعلق بالتعليم، ومن اورق جلالة الملك النقاشية وخاصة الورقة النقاشية السابقة، والتوجهات الحكومية ، والتعاون مع أكاديمية الملكة رانيا العبدالله للتعليم التي خسرنا دعمها طوال السنوات الماضية، وأيضا إعادة النظر بالتكوين المهني للمعلمين وربطه التعاون معه بالإنجاز المحقق وحل كل القضايا المتعلقة بالمعلمين حتى لا تبقى التجاذبات التي اثرت سلبا على أداء النظام التعليمي وسمعته ، وعلينا وضع خطط إجرائية قابلة للتنفيذ و الاسترشاد بالنظم التعليمية العالمية والعربية المتقدمة ونجرب آلياتها وادواتها في المشاركة في هذه الاختبارات الدولية شريطة أن يكون محتوى المناهج مرتبطا بالمهارات التي تحاكيها الاختبارات الدولية والمتطلبات المستقبلية التي فرضتها التغيرات المختلفة ، وأن تكون التقييمات الدولية جزءاً لا يتجزأ من عملية التدريس والتعليم، وأحد المداخل المهمة لتطوير التعليم كما علينا الانتقال إلى التعليم القائم على مستوى متقدم من المهارات العملية والمهنية والتقنية التي يتطلبها سوق العمل المحلي والدولي مع ضرورة تفعيل توظيف التكنولوجيا التفاعلية في مواقف التعلم المختلفة، هذا بالإضافة إلى تفعيل نظام المساءلة التعليمية الحقيقية على المستويات كافة.
* الكاتب خبير تربوي ومدير إدارة التخطيط والبحث التربوي سابقا