فواتير لها رائحة!!
خيري منصور
جو 24 : هناك واقعة تروى عن صحفي عربي تقاضى مبلغا من المال من عاصمة عربية وبالتحديد من وزارة اعلامها وحين سئل عن كونه لم ينشر مديحا لنظام تلك العاصمة اجاب بان ما اخذه ليس مقابل المديح. بل هو مقابل صمته عن الهجاء، في تلك الايام كانت ثقافة الحرب الباردة تمارس نفوذها وكانت التسعيرة السياسية والاعلامية لا تزال معقولة، لكن ما ان حسم الامر وانتهى الى قطب واحد حتى فقد ساسة واعلاميون اسعارهم القديمة، لهذا منهم من صمت ومنهم من استمر في الخدمة بالمجان لان النفاق يسري في شرايينه، ولا يستطيع النوم اذا لم يقم بالدور تماما كالماسوشي الذي يصاب جلده بحكة لا تهدأ الا اذا جلد بالسوط.
فيما مضى كانت الفواتير الاعلامية تتخفى وراء مواقف سياسية لكنها الان عارية وسياحية. ولان الخجل غادر هذا العالم فلم تعد حتى الدعارة بحاجة الى اقنعة، سواء تعلقت بالجسد او العقل والمواقف على اختلاف مجالاتها اخلاقيا وسياسيا.
كم تدفع؟ هذا هو السؤال المباشر الذي لا يتردد في طرحه المعروضون للايجار ولا بأس ان يكونوا مع الله صباحا ومع القيصر عند الظهيرة، ومع الشيطان اذا حلّ الظلام.
فيما مضى كانت هذه التجارة ارقى وبها قدر من الذكاء، بحيث لا تحرق الاوراق كلها من اول جولة، وكانت هناك دول ووزارات ومؤسسات تطلب من الزبائن أن يضعوا ولو قليلا من المساحيق على ما يكتبون كي لا يكون المشهد عاريا ومفضوحا، لكن ما يحدث الان هو ان المستأجر لم يعد يطيق المجازر او الاداء المراوغ وحمال الاوجه فلكي تستحق الاجرة عليك ألا تدع اي مجال للتأويل او الشك في انك الخادم الامين، الذي لا يدخر اي احتياطي يدافع به عن نفسه لحظة المساءلة.
ولهذه التجارة بورصتها ايضا، لكن سهمها تدنى الى حدّ يثير الغثيان فالاجرة احيانا لا تزيد عن وجبة طعام او ربطة عنق، لان فائض الزبائن المعروضين للايجار لا يقابله فائض في الطلب، فالخائن لم يعد بحاجة الى تسمية خيانته اجتهادا او وجهة نظر، تماما كما ان البغي لم تعد بحاجة الى الكذب والادعاء بانها موظفة او ربة بيت.
كل شيء الان مباح ومتاح لمن يشاء وهذه هي الشفافية الوحيدة التي انجزها العرب، انها شفافية لا علاقة لها بالسياسة ونظم الحكم بل بالبغاء على اختلاف صوره وتجلياته.
واذا كان العالم قد انتظر عقودا قبل ان تصدر كتب تفتضح البورصة الاعلامية والثقافية للحرب البادرة، فنحن على موعد محتم مع كتب سوف تصدر لافتضاح البورصة الاعلامية العربية هذه الايام.
فالفواتير اما ان تدفع مباشرة او تؤجل لتضاف اليها نسبة من الربا السياسي، لكن استمرار هذه الحفلة التنكرية الى ما لا نهاية امر مستحيل وليس من طبيعة التاريخ حتى لو كان من صناعة الاعلام.
ومن يبدأ بسؤال كم تدفع قد ينتهي الى التطوع بالمجان بعد ان يصاب بحالة من ادمان اللعق..!
الدستور
فيما مضى كانت الفواتير الاعلامية تتخفى وراء مواقف سياسية لكنها الان عارية وسياحية. ولان الخجل غادر هذا العالم فلم تعد حتى الدعارة بحاجة الى اقنعة، سواء تعلقت بالجسد او العقل والمواقف على اختلاف مجالاتها اخلاقيا وسياسيا.
كم تدفع؟ هذا هو السؤال المباشر الذي لا يتردد في طرحه المعروضون للايجار ولا بأس ان يكونوا مع الله صباحا ومع القيصر عند الظهيرة، ومع الشيطان اذا حلّ الظلام.
فيما مضى كانت هذه التجارة ارقى وبها قدر من الذكاء، بحيث لا تحرق الاوراق كلها من اول جولة، وكانت هناك دول ووزارات ومؤسسات تطلب من الزبائن أن يضعوا ولو قليلا من المساحيق على ما يكتبون كي لا يكون المشهد عاريا ومفضوحا، لكن ما يحدث الان هو ان المستأجر لم يعد يطيق المجازر او الاداء المراوغ وحمال الاوجه فلكي تستحق الاجرة عليك ألا تدع اي مجال للتأويل او الشك في انك الخادم الامين، الذي لا يدخر اي احتياطي يدافع به عن نفسه لحظة المساءلة.
ولهذه التجارة بورصتها ايضا، لكن سهمها تدنى الى حدّ يثير الغثيان فالاجرة احيانا لا تزيد عن وجبة طعام او ربطة عنق، لان فائض الزبائن المعروضين للايجار لا يقابله فائض في الطلب، فالخائن لم يعد بحاجة الى تسمية خيانته اجتهادا او وجهة نظر، تماما كما ان البغي لم تعد بحاجة الى الكذب والادعاء بانها موظفة او ربة بيت.
كل شيء الان مباح ومتاح لمن يشاء وهذه هي الشفافية الوحيدة التي انجزها العرب، انها شفافية لا علاقة لها بالسياسة ونظم الحكم بل بالبغاء على اختلاف صوره وتجلياته.
واذا كان العالم قد انتظر عقودا قبل ان تصدر كتب تفتضح البورصة الاعلامية والثقافية للحرب البادرة، فنحن على موعد محتم مع كتب سوف تصدر لافتضاح البورصة الاعلامية العربية هذه الايام.
فالفواتير اما ان تدفع مباشرة او تؤجل لتضاف اليها نسبة من الربا السياسي، لكن استمرار هذه الحفلة التنكرية الى ما لا نهاية امر مستحيل وليس من طبيعة التاريخ حتى لو كان من صناعة الاعلام.
ومن يبدأ بسؤال كم تدفع قد ينتهي الى التطوع بالمجان بعد ان يصاب بحالة من ادمان اللعق..!
الدستور