jo24_banner
jo24_banner

سيناريوهات إنجاز "الصفقة".. هل تقرع واشنطن طبول الحرب من عمّان ؟!

سيناريوهات إنجاز الصفقة.. هل تقرع واشنطن طبول الحرب من عمّان ؟!
جو 24 :

كتب تامر خرمه

حاملة طائرات أمريكية ترسو في أم الرشراش "ايلات" وفقا لما نشرته صحيفة "هآرتس" ونقلته وكالة الأنباء الأردنيّة "بترا"، في ذات الوقت الذي نشرت فيه صحيفة "القبس" الكويتيّة أنباء تفيد بأن مقاتلي حزب الله يحتشدون على الحدود السوريّة الأردنيّة، وذلك بعد أن بات معلوما للجميع أن واشنطن بدأت بإرسال جنودها إلى الأردن، الذي سمحت فيه السلطة لطائرات التجسّس "الاسرائيلية" باستخدام أجوائها، وفقا لما تمّ تداوله من أنباء.. في مشهد يوحي بأن الحرب على الأبواب، وأن الأردن الرسمي فشل بالحفاظ على موقفه والنأي بنفسه بعيداً عن التورّط في الأزمة السوريّة.. فهل حقّا ستقرع طبول الحرب من عمان ؟!

وزارة الخارجيّة الأردنيّة أعلنت في تصريحات لوكالات أنباء أن اجتماعا لمجموعة 'أصدقاء سورية' على مستوى وزراء الخارجيّة سيعقد في الأردن منتصف الأسبوع المقبل، لمناقشة محادثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة وروسيا.. ولكن لماذا اختار الروس واليانكيز عمّان مقرّاً للتباحث بشان "الصفقة" التي يستعدّ الطرفان لإبرامها بما يضمن مصلحة كليهما، وبالطبع بعيدا عن أيّ اعتبار سواء لمصلحة سورية او حتى مصالح بقيّة دول الجوار ؟

صفقة الغاز والجغرافيا التي يتباحث بشأنها من وصفوا أنفسهم ب "أصدقاء سورية" والتي يدفع الشعب السوري ثمنها من دمه، تتّخذ من العاصمة الأردنيّة في الأيّام القليلة القادمة محطّة لاستدعاء إدارة الشقيقة الكبرى (السعوديّة) إلى جانب الإدارة القطريّة من أجل ما سمي "بالتباحث" حول "مستقبل" سوريّة.. في ظلّ اجواء من التوتّر الذي يدفع بصنّاع القرار في المنطقة إلى أقصى درجات القلق، إدراكا منهم بأن ما تحمله الأيّام لسوريّة سينعكس سلبا على كافّة دول الجوار، حيث لن يحقّق سقوط النظام السوري مصلحة أيّ من الأنظمة الأخرى، التي لا يمكن لها أن تكون لاعبا إقليميّا كتركيا على سبيل المثال، التي استضافت "أصدقاء سورية" -سابقا- لغاية في نفس يعقوبها.

الامتثال إلى ما يتّفق عليه الروس والامريكان هو باختصار ما سيكون مطلوباً من الأطراف الاخرى المشاركة في هذه المباحثات، ولكن هل حسمت واشنطن على الأقل موقفها ممّا قد تؤول إليه الأوضاع بعد سقوط النظام السوري ؟ وهل سيتمكّن المتشدّدون من الوصول إلى الحكم في سوريّة بعد سقوط النظام ؟ وهل ستسمح واشنطن لتيّار اسلامي متشدّد باستلام السلطة في دولة مجاورة ل "اسرائيل" ؟! أم أنّها تسعى إلى إجراء بعض التعديلات على بنية النظام السوري وفقاً لما يتوصّل إليه اللاعبين الوحيدين في مباحثاتمها ؟

المشهد الذي بدأ يرتسم على الأرض يوحي بإجابة مفادها أن بنود الصفقة باتت جاهزة للتنفيذ، بل يذهب المشهد إلى أبعد من ذلك في رسم ملامح الحرب القادمة، وهي الحرب التي كشف رئيس الوزراء د. عبدالله النسور لعدد من الكتّاب والصحافيين أن الأردن يتوقّع نشوبها قريباً، وهنا تجد الإدارة الأردنيّة كافّة مبرّرات القلق، بعد أن وجدت نفسها أمام املاءات خارجيّة لا تملك إلا ان تنفّذها رغم تناقضها حتى مع مصلحة النظام الأردني.

وقد يكون هذا ما دفع الملك للتواصل مع طهران -إن صحّت الأنباء التي أوردتها صحيفة السياسة- حول تحذير الملك لايران من ضربة عسكرية "اسرائيلية" بعد "بروفة" الاعتداء على سورية.. ولكن لا نجد فيما يدور على أرض الواقع ما يؤكّد صحّة هذه الأنباء بذات اللغة التي أوردتها "السياسة".

القوى الإقليميّة القادرة على التأثير، كتركيا وايران، لها أجنداتها التي قد تحدث فرقا في النتيجة التي تتّجه إليها محصّلة القوى، ولن تكون واشنطن بأي حال من الأحوال راضية عن الفرق الذي قد يحدثه تأثير طهران في المنطقة، وهنا نجد أن مصلحة السعوديّة على وجه الخصوص تتمثّل بالاستجابة لكلّ ما تطرحه واشنطن حول رسم سيناريو المرحلة المقبلة، أملاً بالتخلّص من "البعبع" الإيراني.. هذا إن سلّمنا بحتميّة الحرب المقبلة.

ولكن ألا يمكن أن تكون عسكرة الأرض، سواء على الأراضي الأردنية أو فيما يتعلّق بحاملة الطائرات الأمريكية الراسية في موانئ "اسرائيل"، هي مجرّد رسائل للطرف الآخر الممثّل بالتقاء مصالح روسيا وإيران والنظام السوري لتوجيه الصفقة بما يقلّل المكاسب الروسيّة لصالح التحالف الغربي ؟ خاصّة وأن اشتعال المنطقة يفتح الباب واسعاً على كافّة الاحتمالات التي قد تهدّد "أمن اسرائيل" ؟؟

السيناريو الأكثر ترجيحا -بعد التوصّل لاتّفاق روسي أمريكي حول "صفقة" سوريّة- يتمثّل بضربة خاطفة تمهّد لإعادة ترتيب بنية النظام السوري بعيدا عن تدخّل إيران، التي من المبكّر خوض الحرب ضدّها في هذا الوقت الذي تنشغل فيه واشنطن بتطوّرات الاوضاع في الشرق الأقصى، والتي تعدّ الآن بالنسبة لنظام "الفيتوقراط" الأمريكي أكثر أهميّة من تطوّرات الأوضاع في الشرق الأوسط.

أمّا بالنسبة لطهران فإن خسارة الحليف السوري مقابل السماح لها بالبقاء كقوّة إقليميّة -وإن تراجع تأثيرها- سيكون أفضل بكثير من اضطرارها لخوض حرب لا تحتمل نتائجها، ما يعني أنّها ستقبل بهذا السيناريو دون التورّط بأيّ تدخّل مباشر، على الأقلّ حتى إعادة تدوير النظام السوري وإجراء التعديلات اللاّزمة عليه، وهنا سيكون مطلوباً من إحدى دول الأطراف أن تلعب دور الوسيط بين الغرب وطهران.

وليس بالضرورة أن يحتلّ هذا السيناريو مكانه على أرض الواقع اليوم بالتحديد، فكلّما استمرّت دوّامة الموت في سوريّة لوقت أطول، كلّما كان هذا أنسب للمصالح الأمريكيّة، ولكن لا بد من التدخّل في اللحظة التي تتّسع فيها دائرة الصراع وتهدّد بتجاوز الحدود السوريّة بما يهدّد طفل العالم المدلّل، لذا فإن "التوقيت" يمثّل كلمة السرّ لإتمام الصفقة التي تحتاج إلى المزيد من المجازر بحق الشعب السوري لإتمامها، والتي سيدفع الأردن أيضاً كلفة "الخطأ النسبي" الناجم عن إبرامها !!

والمنقذ -إن صحّ التعبير- من نتائج هذه الصفقة يتمثّل بالشعب، ليس في سوريّة فحسب بل كذلك في الأردن، فاستمرار الضغط الشعبي على النظام الأردني لكبح جماح انغماسه في صفقة الموت، من شأنه تقليل الكلفة التي سيدفعها الأردن لتحقيق مصالح واشنطن، التي تتماهى مع مصالح الأطراف سواء في الدوحة أو في الرياض، أمّا بالنسبة للشعب السوري فإن من شأن تجسيد "البديل الثالث" بقوّة على الأرض تغيير المعادلة بما يحقّق مصالح شعوب المنطقة، ومن هنا تأتي أهميّة "التوقيت" بالنسبة لواشنطن، وحتى بالنسبة للطرف الروسي المقابل، فيما يتعلّق بسيناريو "الضربة الخاطفة".

تابعو الأردن 24 على google news