jo24_banner
jo24_banner

الإدارة التربوية ستموت واقفة في عهد حكومة النهضة

د. محمد أبو غزلة
جو 24 :


من المعروف أن الإدارة والقيادة في الثقافة المؤسسية قيمة عظيمة، لأنها تنبع من جوهر القدرات الشخصية والسمات الإنسانية العالمية للقائمين عليها، والخبرات التي يمكن تعلمها واكتسابها، وتطويرها بالتدريب والتوجيه، وبما يضمن تحقق الأهداف بكفاءة وفعالية عاليتين نتيجة تأثيرها في سلوك العاملين، فالإدارة والقيادة المؤسسة هي الحاضنة الإبداعية التي ترعى العاملين وتضمن لهم الحرية والتعبير عن أفكارهم وآرائهم وتطوير وتوظيف قدراتهم وتعظيمها لتطوير العمل المؤسسي، وإذا ما نظرنا الآن إلى أعرق المؤسسات الوطنية وأكثرها تأثيرا في الحياة العامة ألا وهي مؤسسة التربية والتعليم، نرى بأنها ستموت واقفة رغم محاولات هدمها الممنهج بفعل القائمين على إدارتها وحمايتهم من قبل رئيس وأفردا حكومة النهضة وغيرهم من أصحاب القرار في الدولة العميقة، ضاربين بعرض الحائط ما حققته هذه المؤسسة للأردن من مكانة عالية على خريطة الاحترام الدولي منذ تأسيسها من خلال الدور الكبير الذي لعبته في تحقيق التنمية المستدامة على مستوى الدولة، واسهاماتها الخارجية في تطوير الأنظمة التربوية في دول شتى، ويعود الفضل فيها إلى حكمة وبصيرة الرواد الذين تسلموا دفة الإدارة التربوية في الفترة السابقة بفضل المقومات التربوية والأخلاقية والعلمية والوطنية والاجتماعية والإنسانية التي كانوا يتمتعون بها.

إن الإدارة التربوية لقطاع التعليم العام في عهد النهضة أبت ألا تموت إلا وهي واقفة بالاعتماد على إرثاها العظيم على عكس ما يبذله بعض القائمين على إدارة المؤسسة التربوية لهدمها، والذين يتبنون اليوم الدكتاتورية والاستبداد بدلا من الديمقراطية، والظلم والشللية والمحسوبية بدلا من العدالة، والفردية بدلا فرق العمل الجماعية والمشاركة، والمركزية بدلا من التفويض، والتنفيعات بدلا من الحوافز والمكافآت على الانجاز، والخنوع والاستكانة بدلا من الحرية والتعبير، وتراشق المسؤولية بدلا من تحمل المسؤولية الفردية والجماعية، وهشاشة الفكر بدلا من اتقاده، وضعف المهارات والكفايات بدلا من التمكن منها، وتدني الأداء بدلا من التميز، والثعلبة والغممة بدلا من الوضوح الشفافية، والشيطنة بدلا من الصفات الانسانية النبيلة.

لعل نهج الحكومات المتعاقبة والذي توجته حكومة النهضة والعقد الاجتماعي في السنوات الأخيرة يعمل على تفكيك مؤسسات الدولة الأردنية من خلال المكلفين بإدارة هذه المؤسسات، والذين يتم اختيارهم لطمس التاريخ الأردني، والهوية الأردنية الجامعة، وتفكيك نسيجه الاجتماعي، وتشويه منظومة قيمه الوطنية والدينية والاخلاقية والاجتماعية والتعليمة والإنسانية، وإثارة الفتن وافتعال الأزمات اليومية لإيصال الناس إلى مرحلة القبول والاستسلام للأجندات التي يخططون لها، والتي لم تعد تخفى على أحد وذلك لضمان المحافظة عل بقائهم في مواقعهم، والجميع أصبح يدرك أن انتهاء الأزمة شارف على الانتهاء بعد انقضاء الاعلان عن أجندات صفقة القرن المشؤومة، لكن نقول لهم حتى لو مات الشعب الأردني فإنه سيموت واقفا، وإن مات الإدارة التربوية ستموت واقفة، ومن هنا فالمتتبع للأزمة نقابة المعلمين منذ نشأتها مع الحكومة يدرك بأن من يستلمون دفة إدارة العملية التعليمية هم من يريدون دفنها وهي حية، فنظرة واحدة للكتب الصادارة من الوزارة إلى النقابة والميدان التربوي عند كل مطالبة سيجد مفردات التهديد والوعيد، ومواد القانون، وآليات وطرق التفكير نفسها في التعامل مع هذه الأزمات والتي تعتمد على التجييش للمستكتبين والمستوزرين وبعض وسائل الاعلام، وأصحاب الدولة والوزراء السابقين الطامحين للعودة، وكذلك أصحاب السعادة والعطوفة الطامحين بالمنصب، وهم معروفون بعداواتهم للمعلمين، وهم جميعا لا يعرفون أبواب المدارس الحكومية لاهم ولا أبناؤهم ورواتبهم الشهرية تجاوز بعضها حاجز الستين ألف دينارا، حتى وصل بكم الأمر إلى تجييش الطلبة والأهالي لرفع قضايا ضد المعلمين، والتي لن تنجح جميعها بفضل وعي الأردنيين الجمعي.

نعم لقد بليت الوزارة بالفترة الأخيرة ببعض الوزراء المنفذين لما يكتب أو يتم تضليهم فيه باستثناء من نصبوا أنفسهم أعداء للمعلمين وهم رأس الفتنة التي نعيشها اليوم، وهم من زرعوا مثيري الفتنعلى رأس الهرم التعليمي، فلا أعرف كيف يعهد للأشخاص الذين لا يمتلكون أبسط المهارات أوالكفايات التعليمة أوالإدارية العلمية على قيادة مثل هذه المؤسسات؟ وكيف يسمح لهم بالاستمرار بعملهم بعد استمرار اثارتهمللفتن مع المعلمين، وفشلهم في إدارة الأزمات؟ لكن أقول لكم يا دولة الرئيس إن الحماية التي توفرنها لهم لن تنفعهم وأن الدعوة لاسقاطهم أصبحت واجبا قبل االعلاوات المادية التي يطالبون بها إذا ما استمر الحال على ما هو عليه الآن.

لا أحد في وطني أو خارجه ينكر حجم التراجع الكبير في أداء المنظومة التعليمية وانحدار مستواها في السنوات الأخيرة، وأن جميع المشكلات المؤسسية ترجع في الأساس إلى فشل الإدارة في هذه المؤسسة ففي الثقافة المؤسسية أينما تكون مشكلة فعليك أن تدرك أن سببها الإدارة، ولا أحد في وطني يخفى عليه ما تشهده غالبية المؤسسات الوطنية من مشكلات وانتشار للفساد والمحسوبية وتدنى الأداء، وغيره من الظواهر السلبية التي تأثرت فيها الحياة العامة نتيجة فساد القائمين على إدارة هذه المؤسسات، وفشل السياسات التي تتبناها أو الحماية التي يوفرون لهم.

من هنا نقول للساسة الفاسدين أن اللعب على حبال الوقت لتمرير ما تريدون من أجندات والإمعان في إذلال الشعب الأردني أصبح أمرا مكشوفا، وأن إمعانكم في إفساد المؤسسات من خلال من تولينهم إداراتها أيضا أصبح مكشوفا، وإن ما نشدة من نتائج لفسادكم من ضحايا على الطريق الصجرواي، وغرق عمان، وتدمير الاقتصاد، وإنهيار الجسور والطرق، وفي تطفيش المستثمرين، وفشل مصفوفات ومؤشرات خططكم الاستراتيجية لمحاربة البطالة والفقر، وترهات تحفيز مشاركة الشباب في القرار، وفي اسنادكم مهمة التعليم لغير اصحابها وحمايتهم فإن جميعها تؤشر على فشل سياساتكم التي تحسدون عليها بتسجيلكم المرتبة الأولى في الفشل فيها.

إن تصريحاتكم العبثية والممجوجة يا دولة الرئيس "بايجاد مجتمع قوي لا يستقوى على الدولة والمال العام، وانما يعرف حقوقه وواجباتهم" تصريح فيه اثارة فتنة على المعلمين الذين عجزتم عن التعامل معهم لخدمة جهات متنفذه معروفة للجميع، وإن كذبة الظروف المالية والاقتصادية ترهات لم تعد تنطلي على أحد، وإلا بماذا تفسر أن تديروا ظهركم لشريحة هي عصب الحياة في المجتمع وتؤثر في بيت كل أردني، وتنصرفون لزيارة مركز صحي أصبح مزارا لكم كمزارات أهل البيت، فهذا لا ينفصل على السياسات التي تتبعونها في إدارة البلاد والعباد، فلا أعرف كيف تكون لديكم جرأة اطلاق تصريحات بأنكم عملتم برامج اصلاح لم تحدث على وجه الأرض إلا إذا قصدتم فرض الضرائب للتنكيل بالشعب فانتم محقون بذلك، فمن يصدق يا ساسة أنكم حققتم نموا في الاقتصاد أكثر من كل الدول المجاورة، وفي نفس الوقت توقفون المشاريع الرأس مالية التي هي عصب الحياة، والله يا دولة الرئيس أعرف أننا كشعب صامد وموارد وبشرية مؤهلة ومدربة محسودون من قبل الضعفاء والمتسلقين والفسادين الذين تولونهم أمرنا جراء السياسات الفاشلة التي تمارسونها في اسناد مفاصل الدولة لهم.

وهنا اختم هل خطر ببالك يا دولة الرئيس الآثار السلبية وأسباب التراجع في المنظومة التعليمة جرءا التصفيات وافراغ الوزارة الممهنج من الخبرات التربوية من قبل من يتولون إدارتها وتقدمون لهم الحماية؟ وهل خطر ببالكم حجم الخسائر الكبيرة التي ستلحق بالنظام التعليمي جراء التدمير الذي يقومون فيه وبغير من أنظمة الدولة تلبية لنزوة مبطنة في ترشيق جهاز الخدمة في القطاع العام عموما، ومغريات الاحالات القسرية على التقاعد؟ هل هذه هي النهضة التي وعدت بها، فمن سيغفر لك هذه الزلة؟ ولكن أريد أن تطمئن يا دولة الرئيس أنت والمرتزقة والفاسدين بأن الأجيال القادمة ستلعن سياساتكم إلى يوم الحساب، وان سياساتكم الممنهجة لزيادة نقمة المتقاعدين والمسحوقين من الشعب الأردني على الدولة، وعلى نظامها السياسي لن تفلح لأنهم يؤمنون بقيادتهم الحكيمة التي تسهر وتجوب العالم لتحقيق الحياة الكريمة لهم، وأعلم بأنها ستقذف بكم عندما يحين الوقت المناسب.
 
 
تابعو الأردن 24 على google news