jo24_banner
jo24_banner

الأزايدة يكتب عن: مفهوم الاعتذار و ثقافة الرجوع عن الخطأ

الأزايدة يكتب عن: مفهوم الاعتذار و ثقافة الرجوع عن الخطأ
جو 24 :
كتب أسامة أحمد الأزايدة - 

لا أستغرب تشدّد الحكومة بالامتناع عن الاعتذار للمعلمين؛ فهي حكومة كغيرها من حكومات العالم الثالث بُنيت عقليتها التراكمية على أساس السلطة من جانب والشعب من جانب آخر فتكرست بذهنيتها -وهماً- أن للحكومة هيبة يجب ألّا تُكسَر، ومردّ ذلك أنها تظنّ أن الوطن ودولته تمثلهما الحكومة، وذلك غير صحيح.

الحكومة أداة تنفيذية واجبها ضمان سيادة القانون وحماية المجتمع؛ وذلك المجتمع هو الذي يحدد جمعياً معايير الصواب و الخطأ.. هو الذي يتولد من ممارساته العرف والذي يصبح بعدها قانوناً، فالمعروف عرفاً كالمشروط شرطاً، و ما دور الحكومة و السلطة التشريعية إلا بأن تترجم نتاج المجتمع، وأي سلطة في الكون يسعى أفرادها الى مناكفة المجتمع فهي زائلة لا محالة، و لربما ان الدول الاستعمارية اقتنعت بذلك أمام الشعوب المحتلة وأدركت منذ سبعة عقود هذا الامر في حين أننا نرى أن حكومات محلية لم تدرك ذلك و تظن أن المجتمع قابل للتطويع والامتثال لفكرة يضعها فرد أو أفراد لبسوا مؤقتاً ثوب السلطة؛ و اقتنعوا -دون مبرر- أنهم يمثلون هيبة الدولة رغم أنهم حطموا النوافذ بجهلهم، فالهيبة التي يجب ألّا تنكسر هي هيبة هذا الوطن بمكوناته أما الحكومة فهي أفراد يخطئون.. لهم الشكر إن أحسنوا وعليهم الاعتذار إن أخطأوا، هذا المفهوم الذي بلغته هذه العقلية التي وإن حاولت أن تلبس ثوب الانفتاح على العالم ومع الشعب فهي رجعية جدا وكثيرا، و لطالما كان الاعتذار من المسؤول الى الرعية طريقاً نحو تكريس المسؤولية و المساءلة، ولعل معظم المسؤولين يحتاجون فهم اللغة حتى يدركوا ان اصل المصطلح (مسؤول) هو (سأل سائلٌ مسؤولا)، فمن له حق السؤال له حق الجواب و للسائل -عند عجز المسؤول- حق الاعتذار..

هذا العجز الحكومي البائس اليائس المنطلق من فراغ ذهني اسفنجي مشبع بالهُلام تنتابه أعراض جنون البقر فيرى أن المجتمع فريق وهو فريق في الجانب الاخر إنما يؤدي ليس فقط الى كسر هيبة الدولة بل الى كسر هيبة الوطن مجتمعاً ومؤسساتٍ، تلك الهيبة التي إن انكسرت فلن تعود..
 
تابعو الأردن 24 على google news