غياب العدالة: تفاصيل مزعجة!
حسين الرواشدة
جو 24 : اخشى ما اخشاه ان نكتشف في لحظة ما بان الابواب امامنا اصبحت مسدودة تماما، وبان “المشكلات” التي تراكمت تحولت الى ازمات عصية على الحل، وباننا - بالتالي - عدنا الى نقطة الصفر.
لا اتحدث - هنا - عن “القضايا” الكبرى التي نحتاج الى جبهة داخلية “قوية” ومتماسكة لمواجهتها، ولا عن “تراجع” هيبة الدولة وانحسار موجة الديمقراطية وزلزال “المديونية” فهذه كلها تشكل عناوين اساسية يمكن مناقشتها على “طاولة” وطنية، لكن اريد ان اشير فقط الى عنوان اخر يفترض ان يكون في مقدمة اولوياتنا اذا كان لدينا حقا رغبة في وضع اقدامنا على “السكة” السليمة، وهو عنوان “العدالة”.
اللافت ان وراء كل شكوى تسمعها، او - حتى - انين مخنوق الصوت، مشكلة سببها الشعور “بالظلم” لدرجة ان العلاقة بين الناس والدولة اصبحت “مجروحة” وحين تسأل: لماذا؟ تأتيك عشرات الاجوبة، حول “تقصير” المسؤولين في الاستجابة لمطالب هذه الفئة او تلك المنطقة، او حول “احساس” بدأ يتغلغل بان المجتمع تحول الى طبقتين احداهما اخذت كل شيء، ولم تقدم الا القليل، والاخرى تم تهميشها وافقارها ومطلوب منها ان تدفع وتضحي.. وهي تسأل لماذا ايضا؟ يقال بان الدولة غابت حين داهمت الناس “المشاكل” خذ مثلا ما حدث في معان وقبلها في المفرق واربد.. وغابت ايضا حين خرج الناس لمحاسبة الفاسدين، وحين “تدفق” مئات الالاف من اللاجئين السوريين، وحين تستفرد باحد “الموظفين” - حتى الكبار منهم - وتسأله عن الاحوال العامة والخاصة، يسرد لك مئات الامثلة عن تجاوزات وترقيات وامتيازات بلا وجه حق، مقابل “اهمال” شبه متعمد لاخرين، والمعيار ليس الاحقية او الكفاءة وانما دائما المحسوبية والشطارة والفهلوة.
ربما تبدو بعض “المشكلات” التي اشرنا لها صغيرة، وحلها ميسور، لكنها مع الاهمال تتحول الى “دمامل” مليئة “بالقيح” والدم وقابلة للانفجار او التعفن.. خذ امثلة اخرى، طالب حاز على مرتبة متقدمة في امتحان الثانوية و “عوقب” برفض منحه بعثة دراسية اسوة بمن هو اقل منه معدلا.. موظف احيل الى التقاعد قبل آوانه وتم “مكافأة” من هو اقل منه بالترفيع، ام تبحث عن “حل” للغز وفاة ابنها الشرطي الذي كان يرافق وفدا سياحيا، ام اخرى تبحث عن “تحقيق” في وفاة ابنها داخل احد السجون.. منطقة لم يزرها المسؤولون منذ سنوات، عشائر استثنيت من تعيين ابنائها في مواقع وظيفية.. الخ.
كل هذه القضايا يمكن ادراجها تحت لافتة “غياب” العدالة او “سوء” توزيعها، بعضها حقيقي، والاخر انطباعي، لكن ما حدث ان كلا من هؤلاء اصبح لديه “مشكلة” مع الدولة، ويرى بعينيه ان ظلما ما قد وقع عليه، وبتراكم هذه المشكلات وامتدادها وعدم قدرتنا “او رغبتنا” في التوجه الى العناوين الاساسية “الاصلاح الحقيقي والديمقراطي ودولة القانون.. الخ” التي يفترض ان تعيد تفكيك وتركيب بنية المجتمع وعلاقته مع دولته، وقعنا - عندئذ - في المحظور، وتعمقت هذه “المشكلات” في وعي الناس ثم امتدت وتغلغلت واعطت انطباعا عاما بان الدولة تخلع عن المجتمع، وادخلت بالعلاقة معه.. وبالتالي تولد لدى الناس نزعة انتقامية او ثأرية او عدائية تجاه انفسهم ومجتمعهم ومؤسساتهم، واخذوا يبحثون عن “ملاذات” اخرى تحميهم، كالمنطقة او العشيرة، فيما وجد اخرون ان “العنف” باشكاله هو الحل، او ان العزوف والعصيان هو الرد الافضل.
باختصار، حين يشعر معظم الناس ان لديهم “مشكلة” مع اي جهة داخل بلدهم، ويتعزز لديهم شعور بغياب العدالة، يفترض ان نتوقف لنسأل انفسنا: “ لماذا لا نبحث عن حلول حقيقية “لمواجهة” هذا الواقع قبل فوات الاوان؟الدستور
لا اتحدث - هنا - عن “القضايا” الكبرى التي نحتاج الى جبهة داخلية “قوية” ومتماسكة لمواجهتها، ولا عن “تراجع” هيبة الدولة وانحسار موجة الديمقراطية وزلزال “المديونية” فهذه كلها تشكل عناوين اساسية يمكن مناقشتها على “طاولة” وطنية، لكن اريد ان اشير فقط الى عنوان اخر يفترض ان يكون في مقدمة اولوياتنا اذا كان لدينا حقا رغبة في وضع اقدامنا على “السكة” السليمة، وهو عنوان “العدالة”.
اللافت ان وراء كل شكوى تسمعها، او - حتى - انين مخنوق الصوت، مشكلة سببها الشعور “بالظلم” لدرجة ان العلاقة بين الناس والدولة اصبحت “مجروحة” وحين تسأل: لماذا؟ تأتيك عشرات الاجوبة، حول “تقصير” المسؤولين في الاستجابة لمطالب هذه الفئة او تلك المنطقة، او حول “احساس” بدأ يتغلغل بان المجتمع تحول الى طبقتين احداهما اخذت كل شيء، ولم تقدم الا القليل، والاخرى تم تهميشها وافقارها ومطلوب منها ان تدفع وتضحي.. وهي تسأل لماذا ايضا؟ يقال بان الدولة غابت حين داهمت الناس “المشاكل” خذ مثلا ما حدث في معان وقبلها في المفرق واربد.. وغابت ايضا حين خرج الناس لمحاسبة الفاسدين، وحين “تدفق” مئات الالاف من اللاجئين السوريين، وحين تستفرد باحد “الموظفين” - حتى الكبار منهم - وتسأله عن الاحوال العامة والخاصة، يسرد لك مئات الامثلة عن تجاوزات وترقيات وامتيازات بلا وجه حق، مقابل “اهمال” شبه متعمد لاخرين، والمعيار ليس الاحقية او الكفاءة وانما دائما المحسوبية والشطارة والفهلوة.
ربما تبدو بعض “المشكلات” التي اشرنا لها صغيرة، وحلها ميسور، لكنها مع الاهمال تتحول الى “دمامل” مليئة “بالقيح” والدم وقابلة للانفجار او التعفن.. خذ امثلة اخرى، طالب حاز على مرتبة متقدمة في امتحان الثانوية و “عوقب” برفض منحه بعثة دراسية اسوة بمن هو اقل منه معدلا.. موظف احيل الى التقاعد قبل آوانه وتم “مكافأة” من هو اقل منه بالترفيع، ام تبحث عن “حل” للغز وفاة ابنها الشرطي الذي كان يرافق وفدا سياحيا، ام اخرى تبحث عن “تحقيق” في وفاة ابنها داخل احد السجون.. منطقة لم يزرها المسؤولون منذ سنوات، عشائر استثنيت من تعيين ابنائها في مواقع وظيفية.. الخ.
كل هذه القضايا يمكن ادراجها تحت لافتة “غياب” العدالة او “سوء” توزيعها، بعضها حقيقي، والاخر انطباعي، لكن ما حدث ان كلا من هؤلاء اصبح لديه “مشكلة” مع الدولة، ويرى بعينيه ان ظلما ما قد وقع عليه، وبتراكم هذه المشكلات وامتدادها وعدم قدرتنا “او رغبتنا” في التوجه الى العناوين الاساسية “الاصلاح الحقيقي والديمقراطي ودولة القانون.. الخ” التي يفترض ان تعيد تفكيك وتركيب بنية المجتمع وعلاقته مع دولته، وقعنا - عندئذ - في المحظور، وتعمقت هذه “المشكلات” في وعي الناس ثم امتدت وتغلغلت واعطت انطباعا عاما بان الدولة تخلع عن المجتمع، وادخلت بالعلاقة معه.. وبالتالي تولد لدى الناس نزعة انتقامية او ثأرية او عدائية تجاه انفسهم ومجتمعهم ومؤسساتهم، واخذوا يبحثون عن “ملاذات” اخرى تحميهم، كالمنطقة او العشيرة، فيما وجد اخرون ان “العنف” باشكاله هو الحل، او ان العزوف والعصيان هو الرد الافضل.
باختصار، حين يشعر معظم الناس ان لديهم “مشكلة” مع اي جهة داخل بلدهم، ويتعزز لديهم شعور بغياب العدالة، يفترض ان نتوقف لنسأل انفسنا: “ لماذا لا نبحث عن حلول حقيقية “لمواجهة” هذا الواقع قبل فوات الاوان؟الدستور