شهادتان من "مطبخ" تطوير المناهج
حسين الرواشدة
جو 24 :
اذا كانت خطة تطوير المناهج التي تم انشاء مركز وطني مستقل للمباشرة بتنفيذها، ستكرر ما حدث لكتابي العلوم والرياضيات للصفين الاول والرابع مع المناهج الاخرى قيد التطوير، فمن واجبنا ان "نعدّ للعشرة"، ليس فقط لان ما جرى كان صادما ومخجلا، وانما لانه -ان احسنا الظن- يشير الى اهمال كبير، وربما يؤسس لعملية تطوير مغشوشة، لا علاقة لها بالتحديث، ولا بمصلحة ابنائنا الطلبة، ولا بالتعليم الحقيقي ونواميسنا التربوية والوطنية .
لكي لا استغرق بالتفاصيل، او يتهمني البعض بالانحياز لاي طرف، اضع بين يدي القارئ الكريم "شهادتين" من داخل "مطبخ" تطوير المناهج، واترك له المقارنة بينهما، ثم الفهم والحكم على النتيجة.
الشهادة الاولى جاءت على شكل تصريحات لمديرة المركز الوطني لتطوير المناهج، نشرتها الصحف يوم 7/ 8/ 2019، واستعرضت فيها القصة الكاملة لتطوير الكتابين، قالت بالحرف: "ان الكتب الجديدة تنسجم مع مصلحة الطلبة، وتهدف الى تسليحهم بمقومات النجاح في القرن الواحد والعشرين"، ثم أضافت "الكتب الجديدة تتميز بحداثة وثراء المحتوى والمعلومات، وتستخدم اساليب تعليمية متنوعة لترسيخ المفاهيم وربط العلم بالحياة العملية وبيئة الطالب".
هل هذا صحيح..؟ الشهادة الثانية التي سجلها رئيس اللجنة الاستشارية للمجلس الاعلى للمناهح ( د. ذوقان عبيدات) جاءت بمثابة رد واضح على ما ذكرته مديرة المركز، قال باختصارفي نهاية مقال نشرته الزميلة "الغد" عن كتاب العلوم للصف الاول "الرقابة التربوية كانت غائبة جدا، لا تفكير ولا مفاهيم عابرة للمواد، ولا قيم انسانية او اخلاقية او حتى وطنية"، اضاف: "في العمل كان استعجال وقسرية، وتأليف الكتب يحتاج الى رقابة تربوية وسيكيولوجية وتفكير استراتيجي، كي لا نترحم على منتجات وزارة التربية".
لا اريد ان اسجل هنا شهادة ثالثة كتبها عن الموضوع ذاته د. محمود المسّاد الذي شغل منصب المدير العام للمناهج (2000-2004) ثم مديرا تنفيذيا للمركز الوطني لتطوير المناهج، وبعدها مستشارا للمركز، يكفي ان اشير فقط الى انه وصف في رسالة بعثها الى المعنيين ما جرى "بالكارثة" التي تنظر طلبتنا.
اعرف انه تم ّ تشكيل لجنة لمراجعة الكتابين، واعرف ايضا ان اسئلة اخرى ما تزال معلقة بانتظار اجابات واضحة، سواء حول احالة العطاء على شركة بريطانية، او التكلفة الباهظة (4 ملايين دينار)، او حول مراجعة هذه الكتب من المرجعيات الثلاثة المعتمدة : المجلس التنفيذي للمناهج، والمجلس الاعلى للمناهج، ومجلس التربية والتعليم الاجابات هذه بالطبع ليست من اختصاص اللجنة الفنية المشكلة.
لكن، ومع ذلك كله، ارجو ان لا تتكرر هذه "البروفات" مع المناهج الاخرى، وان نعتمد على خبراتنا الوطنية في عملية التطوير، وان نختار من العالم افضل ما يناسبنا، فليس من المعقول ان نستنسخ تجربة "مناهج" جاهزة مضى عليها اربعون عاما (تم تأليفها عام 1980 وكانت مخصصة للطلبة الذين يعانون من صعوبات في التعلم)، كما حصل لنا مع شركة "هاربر كولينز".. هذا الامر لا يليق بما لدينا من خبرات في مجال تاليف المناهج وطباعتها، ولا بابنائنا الذين نتطلع لتعليمهم وتطوير قدراتهم العلمية والابداعية ..
والباقي عندكم ..!