jo24_banner
jo24_banner

شجون «سيناوّية»

خيري منصور
جو 24 : أعذب الفواكه في مصر هي تلك التي ينادي الباعة مرددين انها سيناوية، لكن أقسى الشجون الآن في مصر وما أكثرها هو الشجن السّيناوي، فبعد مصرع ستة عشر عسكريا واختطاف آخرين فتح الباب مجدداً على مصراعيه لأسئلة وهواجس لا آخر لها حول مستقبل سيناء خصوصاً بعد تسرب سيناريوهات حول تهجير فلسطينيين أو توطينهم فيها، لهذا يتضاعف الالحاح الشعبي والرسمي في مصر على اعتبار سيناء جزءاً عضوياً من مصر، بل هي في القلب منها.

وسيناء بين احتلال وتحرير وحرب ناقصة وسلام أشد نقصاناً لا تزال مدعاة لسجال لا ينقطع، وثمة من يتساءلون عن مدى صدقية تحريرها بحيث يكون لمصر حرية الحركة وبسط السيادة على كل مساحتها، لكن سيناء بسبب الاتساع وما يسمى الهجران الرسمي لها خلال عدة عقود اضافة الى وضعها الديمغرافي باتت مجالاً رحباً للتحرك ونصب الكمائن على امتدادها، وهي الآن كما يقول بعض المثقفين والناشطين المصريين المحك الذي يختبر مدى قوة الدولة، وهيبة قواتها المسلحة، فاذا لم تبسط الدولة سيادتها على سيناء حتى لو كانت التكلفة باهظة فانها سوف تتحول الى ما يشبه عقب آخيل بالنسبة لمصر كلها، فالاختراق قد يتعاظم، وبالتالي تصعب السيطرة على مساحة شاسعة وحدودية، لهذا لم تعد في هذا الصيف فواكه سيناء هي ما ينادي الباعة عليها، بل هي المساحة الحرجة التي ينادي ساسة وجنرالات وناشطون باسم اعادة تحريرها، فهي شبه محتلة، أو هذا على الاقل ما يقوله راديكاليون وطنيون في مصر، لأن تكرار القتل والاختطاف قد يؤدي الى اضعاف شديد لهيبة الدولة وبالتالي للقوات المسلحة، التي انسحبت بعد يناير من الدور السياسي الانتقالي وعادت كما هو مطلوب منها الى الثكنات، بالطبع ليست اسرائيل خارج المشهد فهي تراقب عن كثب ما يحدث في سيناء وأحياناً تتقدم خطوة ثم تتراجع خطوتين، لأنها تريد ابلاغ المصريين بعد اسقاط النظام السابق بأنها حريصة على معاهدة كامب ديفيد، خصوصا بعد ان توقعت متغيرات حول المعاهدة بفضل الحراك المصري الذي يدعو الى مراجعة كل ما أنجز سياسياً خلال ثلاثة عقود.

وتقدم سيناء الآن بما يحدث فيها مثالاً طازجاً عن أزمة الثقة القابلة للتفاقم بين الاعلام الرسمي والرأي العام، وثمة أصوات لا تتردد في ادانة الدولة لأنها لا تتعامل جدياً وجذرياً مع ما يجري في سيناء سواء كان ذلك بسبب ما يقال عن علاقة النظام الجديد في مصر بحركة حماس، أو لأن عدم الاستقرار لا يتيح للدولة اتخاذ قرارات حاسمة، فهي موزعة بين استعادة الامن المفقود داخلياً ومحاولة استقطاب من يدعون الى انتخابات رئاسية مبكرة، لأن الثورة كما يرون اختطفت، ومن كانوا وقودها اصبحوا خارج المدار.

سيناء شجن مصري قديم متجدد، لكنها الآن الاختبار العسير لدولة ترمم ما تفكك من مؤسساتها!
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير