برنامج الرزاز .. خاتمة انشائية لحكومة مفلسة
جو 24 :
أحمد الحراسيس - لا شيء تحسّن منذ تولّي الدكتور عمر الرزاز مسؤولية تشكيل الحكومة، باستثناء بعض الأرقام التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، ولا تنعكس على واقع المواطنين أبدا، بل إن ما يلمسه الناس هو مزيد من التراجع في مستوى معيشتهم وقدرتهم الشرائية، بالاضافة إلى التراجع في كافة المجالات الخدمية مثل التعليم والصحة والنقل، وغياب العدالة وتراجع سيادة القانون إلا على الضعفاء. والحقيقة أننا وبعد نحو عام ونصف على تشكيل حكومة الرزاز الأولى أصبحنا على دراية كافية بما يمكن للرجل أن يقدّمه..
في مؤتمر اعلان "حزمة الاجراءات الخاصة بتنشيط الاقتصاد وتحفيز الاستثمار" الذي سبقته "بروباغندا" حكومية تُبشّر الأردنيين وتفتح شهيّتهم على اجراءات اقتصادية جوهرية يمكن أن تنعكس على حياتهم التي تحوّلت إلى جحيم بفعل السياسات الحكومية المتعاقبة، ظهر الرزاز الذي نعرفه؛ مُنظّر وجد منصّة ومايكروفونا وكاميرات وجمهورا يسمع تحليله للمشهد والأزمة التي تعيشها البلاد، وكأن هذه الأزمة تحدث في دولة أخرى لا يتولّى هو فيها مسؤولية رئاسة الحكومة. والحقيقة أن الرجل أسهب في التحليل والتعبير عن أهدافه وأمنياته ورؤيته للحلّ متجاهلا الواقع الذي تعيشه البلاد، وبشكل أصاب كثيرا من المتابعين بالضجر والملل من الكلام المكرور!
افتتح الرزاز مداخلته بالقول إن البرنامج الذي سيُعلنه هو بلورة لكتاب التكليف السامي وخطاب العرش، وثمرة سلسلة اللقاءات والجلسات التي ترأسها الملك عبدالله مؤخرا، ليتبرّأ من كلّ مسؤولية ويختبئ مجددا خلف الملك، وبشكل يجعلنا نتساءل عن ما تملكه الحكومة من حلول وخطط يمكن أن تقدّمها للشعب الأردني، ونتساءل أيضا عن سبب بقاء حكومة لا يمكن أن تقدّم اضافة لرؤى الملك..
تحدث الرئيس عن خطط طويلة المدى، سواء في ما يتعلّق بخدمات الصحة أو النقل أو التعليم، وهو يعلم أن عُمر حكومته لن يتجاوز أشهرا معدودة -نهاية عمر مجلس الأمة- إذا ما قرر مطبخ صنع القرار المغامرة بالابقاء على هذه الحكومة أصلا للسنة المالية القادمة، وهو ما يؤكد أن كلّ ما جرى اليوم هو محاولة لاستهلاك الأيام والأسابيع قبل رحيل هذه الحكومة التي قد تخلفها حكومة أخرى تلغي كلّ مشاريعها.. تماما كما فعل الرزاز مع خطط سلفه هاني الملقي.
كما تعهّد الرزاز بشمول كافة الأردنيين بالتأمين الصحي خلال السنوات القادمة، مع أن الأولوية يجب أن تكون لاصلاح القطاع الصحي الحكومي المتهالك أصلا، وبناء مزيد من المستشفيات وتوسعة القائم منها، وزيادة أعداد الكوادر الصحية، ليتمكّن المؤمّنون الحاليون من تلقّي العلاج في مستشفيات وزارة الصحة.
لعلّ صورة ورقة "موعد مراجعة المريض الثمانيني لعيادة الأعصاب في مستشفى البشير والمقرر في شهر كانون ثاني 2021، المرفقة أدناه" خير ردّ على أحلام الرزاز بشمول الأردنيين في مظلّة التأمين الصحي، فالأصل بالرئيس أن يضمن لهذا المريض الثمانيني أولا موعد مراجعة قريب لدى الطبيب قبل أن يُفكّر بشمول غيره ليقف على هذا الدور الطويل!
لا نعلم ما يجب علينا أن نقوله للرزاز لدى حديثه عن "شعور" المواطن بارتفاع الأسعار وثبات دخله، لكن الواجب علينا أن نفاجئه ونصدمه بهذه الحقيقة: "الحكومة فعلا رفعت أسعار السلع والخدمات المرتفعة أصلا، ولم تتخذ أي قرار يضمن زيادة رواتب العاملين في القطاعين العام والخاص"! تخيّل أن الحكومة فعلت ذلك حقّا وأن الأمر ليس مجرّد شعور كما تعتقد!! تخيّل أن نسبة البطالة ارتفعت وأن اعتصامات المعطلين عن العمل تنتشر في أرجاء المملكة بعدما أخلف وزير العمل بوعده لكثير منهم؟!
الحقيقة أن ما تمخّض عن الحكومة من حزمة اجراءات اقتصادية لن يكون ذا قيمة إلا لبعض المستثمرين الذين ربما ترتفع أرباحهم قليلا، لكنّ الشعب لن يشعر بأثرها على الاطلاق، فهي لم تتضمن الغاء ضريبة المبيعات المجحفة بحقّ المواطنين وكافة القطاعات، والتي يمكن أن تغني عن أي زيادة على رواتب الموظفين وستنشّط كافة القطاعات وتجذب استثمارات لم يكن الرئيس الحالم يتخيّلها..
ربما كان أفضل ما جاء على لسان الرزاز قوله "إذا لم يحدث هناك نموّ اقتصادي تنعكس نتائجه على المواطن، فكلّ ما نتحدث به هنا سيظلّ مجرّد انشاء".. وهي عبارة شبيهة بما جاء على لسان سلفه الملقي عندما قال "تعال في 31/ 12 حاسبني على الكلام اللي بقوله اليوم، احنا بنخرج من عنق الزجاجة في منتصف 2019، حاسبني اخر السنة واذا كنت فاشل قول هذا هاني الملقي واحد فاشل"..