2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

فتنة التبشير بالمذاهب

حسين الرواشدة
جو 24 : ثمة اتفاق بين علماء المذاهب الاسلامية على عدم جواز قيام اتباع اي مذهب بالتبشير لمذهبهم وسط اتباع المذاهب الاخرى ، واذكر انني شاركت قبل عدة اعوام في مؤتمر عقد في الدوحة حول التقريب بين المذاهب ، وخرج فيه الدكتور القرضاوي عن صمته داعيا العلماء المشاركين من المذهب الشيعي الى حسم موقفهم من قضايا يعتبرها اهل السنة تجاوزات بحقهم ، ومن ابرزها: الدعوة للتشيع في الاقطار ذات الاغلبية السنية ، ومما قاله - آنذاك - ان تشييع الف او حتى مليون من اهل السنة لن يخدم الاسلام ، ولن يضيف للشيعة اي مكسب ، ناهيك عما يسببه من فتن وصراعات لا مصلحة للمسلمين فيها ، علما بان عدد الشيعة في عالمنا الاسلامي لا تتجاوز نسبة الـ %10 من عدد المسلمين.

لا شك بان مسألة التبشير بالمذاهب تحتاج إلى مزيد من التحرير والتوضيح ، ففقهاؤنا متفقون على عدم جواز تكفير أي من اتباع المذاهب الإسلامية المعتبرة ، كما أنهم متفقون على جواز التعبد من خلالها ، لان الاختلاف بينها ليس اختلافا في الاصول وانما في الفروع فقط ، واذا كان بعض الفقهاء قد اجازوا حرية المسلم في اعتناق المذهب الذي يختاره ، فان موقفهم من عدم جواز التبشير او الدعوة لاتباع مذهب معين وسط اكثرية من اتباع مذهب آخر كان مبينا على ما يترتب على مثل ذلك من صراعات وفتن تستهدف النسيج الاجتماعي للمجتمع ، والوحدة العامة للمسلمين ، ومبدأ احترام المذاهب نفسها ، وجهود التقريب بين اتباعها على اساس المشتركات والجوامع ، لا التذويب او الاستعلاء او غير ذلك من صور الصراع على المذهبية الاسلامية بدوافع سياسية احيانا وتاريخية احيانا اخرى.

اعتقد ان لدى بعض اخواننا الشيعة - في ايران تحديدا - رغبة في التمدد وان هنالك محاولات قد بذلت لدعم حركة التشيع في البلدان ذات الاغلبية السنية ، دعك من البلدان الاخرى ، وقد ذكر احد علمائنا من السودان في مؤتمر المكاشفة الذي اشرت اليه سلفا ، ان الحكومة السودانية كانت قد بادرت منذ قيام ثورة الانقاذ الى السماح لايران بانشاء مكتب ثقافي لها في الخرطوم الا انها فوجئت بعد شهور بان هذا المكتب قد استخدم في الدعوة الى التشيع ، وحينها تم اغلاق المكتب منها لحدوث اية ازمة في العلاقات بين البلدين ، وسمعت ايضا من بعض اخواننا في المغرب الشكوى ذاتها ، كما ان مصر تعاني من المشكلة ، وقد شهدت محاكمها فصولا لمحاكمات اتهم فيه البعض بالدعوة الى التشيع.. واعترفوا بذلك.

ارجو ان لا يفهم انني ضد التقريب بين اتباع المذاهب او انني مع دعوات الصراع المحموم لتأليب السنة على الشيعة ، او مع توظيف هذه الاخطاء والتجاوزات لاهداف سياسية غير بريئة ، لست مع ذلك اطلاقا ، ولكنني ضد هذه الممارسات على طول الخط ، ومع معالجتها في اطرها القانونية والمذهبية والسياسية ايضا ، ومع مطالبة اخواننا الشيعة بالكف والاعتذار عنها فورا ، فهي - كما قلنا - لا تخدم احدا ، لا السنة ولا الشيعة ، لا العرب ولا الايرانيين ، بل انها على العكس من ذلك تزيد الفجوة وسوء الفهم بين الطرفين ، وتقوض محاولات التقريب بينهما ، وتفتح امام اللاعبين بهذا الملف الخطير ابوابا من التحريض والدس وادامة الصراع.

فهل ينتبه اخواننا الشيعة الى هذا التبشير المغشوش ، وهل سيستدركون مواقفهم من اخوانهم السنة ، ويشهرون رغبتهم مجددا في الحوار والاحترام وطي صفحة خلافات السياسة والتاريخ لتحقيق وحدة الامة التي يدعون اليها.. ومواجهة العدو المشترك الذي يحذروننا منه.. نتمنى ذلك؟.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير