jo24_banner
jo24_banner

دعوة لوقف حراكات الشارع وهذه هي الاسباب !

حسين الرواشدة
جو 24 : منذ اكثر من عام ونصف العام كتبت في هذه الزاوية نحو “400” مقال حول “الإصلاح” وتداعياته وحواراته ومخاوف الانقضاض عليه، وانحزت بلا تردد الى حراكات الشارع ومطالبه، فلم يراودني اي شك “بنبل” هذه الدعوات ومشروعية الاحتجاجات وحق الناس في التعبير عن انفسهم بحرية ومسؤولية.

الآن، ارجو من القارىء الكريم ان يسامحني اذا دعوت الى “وقف” هذه الحراكات على الفور، فلدي من الأسباب والقناعات ما يدفعني الى القول بأن ما حققته “على تواضعه” قد بلغ ذروته، وبأنها بالتالي استنفدت مشروعية استمرارها، بل سأذهب الى ابعد من ذلك واعترف بأنها اصبحت جزءا من المشكلة، وانه يجري توظيفها لابقاء الوضع على ما هو عليه، ساكنا لا يتحرك، وربما سيجري استخدامها لاحقا للاستدارة عن الاصلاح واخراجه بالصورة التي يجري تصميمها وفق مقاسات من لا يريد الاصلاح.

لتوضيح الفكرة، يمكن ان نرصد ما جرى من حراكات في شوارعنا على مدى عام ونصف العام، وان نسأل: ما الذي انجزته؟ هل التعديلات الدستورية وتغيير ثلاث حكومات انجاز؟ هل ما جرى على صعيد محاسبة الفاسدين انجاز؟ هل ما تم على صعيد الاقتصاد وظروفه “الكارثية” انجاز؟ اذا اتفقنا على انها لم تدفع النظام السياسي الى اتخاذ اي خطوات اصلاحية مقنعة، فدعونا نتأمل في “صورة” هذه الحراكات: مضامين وادوات، وفي قدرتها على جذب الجمهور وتنسيق جهودها والتوحد على “افكار” وبرامج محددة ومدروسة، وفي الأثر الذي تركته لدى المجتمع ولدى المسؤولين في الحكم؟ النتيجة المفزغة هي ان هذه الحراكات ظلت تدور في فراغ، ورغم سقف شعاراتها المرتفع الا انها ظلت بمثابة “جزر” معزولة وسط مجتمع انقسم حولها.. لا تسأل هنا عن الاسباب، فهي كثيرة، ربما تتحمل الدولة والمجتمع بعضها، لكن المهم ان هذه الحراكات لم تستطع ان تتحرك الى الامام، وظلت “مقيدة” اليدين مشتتة الافكار، غير قادرة على تجديد خطابها او اقناع الناس بالانضمام لها، او دفع المسؤول الى وضعها على جدول حساباته عند صناعة القرار.

لا يخطر في بالي ابدا ان اقلل من دور هؤلاء الشباب المخلصين الذين يقودون حراكات الشارع ولا الى “اللمز” من صدقيتهم واخلاصهم او الاستهانة بذكائهم وابداعهم، حاشا لله، فقد فعلوا الكثير وضحّوا بوقتهم وتحملوا الاساءات والسجون والمضايقات والاتهامات.. لكن ثمة فرق بين النوايا الحسنة والجهود التي تبذل لتحقيقها وبين الحالة على الارض، وما ينتهي اليه المشهد في النهاية من صورة ونتائج، واعتقد -هنا- ان النتيجة التي انتهينا اليها كانت مخيبة للآمال، ومن يتحمل ذلك ليس فقط البعض الذين اشهروا “خصومتهم” للاصلاح، وانما يتحمله -ايضا- مجتمعنا كله، فقد اكتشفنا للأسف ان هذا المجتمع ما زال يعاني من “ازدواجية الشخصية” وما زال الخوف والتردد وانعدام الثقة يتغلغل داخله، وتتحمله -ثانيا- هذه الحراكات الشعبية التي “استعصت” على التطوير وعجزت عن الامساك بزمام المبادرة؛ ما جعلها -وهي بهذه الحال- عبئا على الناس الذين ارهقتهم السياسات الخاطئة وافزعتهم مقررات التراجع عن الاصلاح مع ما ينتظرهم من مقررات اقتصادية تمسّ حياتهم المعيشية.

باختصار، اذا بقي الحراك الشعبي على حاله التي الفناها منذ عام ونصف العام؛ فان مصلحتنا كدعاة للاصلاح ان ندعو الى وقفة في هذه المرحلة على الاقل لا للتعبير عن الرضا والقناعة بما تحقق، ولا للصمت على ما يجري في البلد، وانما للبحث عن طريق اخرى اكثر جدوى وفائدة، لا تسألني عن هذه الطريق “الثالثة” ولكن يكفي ان اقول بأن لدى مجتمعنا ما يكفي من قدرات وابداعات وخيارات لكي “يهتدي” الى حل يخرجنا من هذه الازمة.. فأهل مكة كما يقال ادرى بشعابها.. والناس في بلدنا “ادرى” بما يلزمهم من طرق للوصول الى الاصلاح.
الدستور
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير