تصريحات اليانكيز والخزر.. والرد المنتظر من عمان
جو 24 :
تامر خورما -
اليانكيز، لا يتركون أية فرصة، أو محطة سياسية يشهدها الشرق الأوسط، دون التعبير كعادتهم عن منطق البلطجة، الذي يحكم جمجمة التفكير للمنظومة السياسية الأميركية، دون الالتفات، ولو قليلا، لأي عرف أو قانون دولي. البلطجة وحدها هي الإيقاع الضابط لحركات وسكنات أصحاب الرقاب الحمراء، سواء في البيت الأبيض، أو الكونغرس، أو أي مطبخ سياسي آخر، ضمن سلسلة مطابخ الآيباك المترامية في الولايات المتحدة.
ضمن إطار هذا المنطق الهمجي لعقلية "سطوة الأقوى"، جاءت تصريحات وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، التي قال فيها إن بلاده لا تعتبر أن مستوطنات الإحتلال الإسرائيلي تعد مختلفة القانون الدولي، ليفتح شهية بن يامين نتنياهو للإعلان مجددا عن اعتزام الإحتلال ضم منطقة غور الأردن.
تصريحات بومبيو، وصداها في ما يرد على لسان نتنياهو تعني باختصار: لا لحل الدولتين! إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن غور الأردن يمثل تقريبا ثلث مساحة الضفة الغربية، المقطعة أوصالها بالمستوطنات، فإن أي حديث عن "حل عادل"، أو إقامة "دولة" فلسطينية، هو محض هراء، أمام تلك التصريحات، التي تكشف بلا خجل، إصرار "الكاوبوي" ولصوص الخزر على المضي في غطرستهم وممارسات إطفاء جوعهم الإستعماري.
الموقف الأمريكي تجاه قضايا الشرق الأوسط كان، ولا يزال، وسيبقى متمثلا بالدعم اللامشروط وغير المحدود لعصابة "دولة إسرائيل"، قرار نقل سفارة واشنطن إلى القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على أراضي الجولان السوري المحتل، ومحاولة إضفاء "الشرعية" على المستوطنات، ليست إلى دلائل إضافية حديثة، على سخف الرهان على أية معاهدات أو "تفاهمات" تحت رعاية ما يدعى ب "الشرعية الدولية"، التي لا تساوي عند "العم سام" حتى جناح بعوضة.
لا جديد في الأمر.. كل ما أضافته هذه العنجهية هو التأكيد مجددا على استحالة ردم موطئ قدم نملة، في الفجوة السحيقة بين واشنطن والعرب.. حل الدولتين مجرد وهم، وما صدر اليوم من تصريحات ليس سوى صفعة جديدة على وجه كذبة "السلام".
ولكن العبث أبى إلا أن يحشر أنفه باستمرار منذ العام 1991، حين تم توقيع اتفاقية أوسلو، التي قادت إلى إقامة سلطة فلسطينية، دون سيادة بل ودون دولة.. ولا يزال العبث مستمرا في رهانات "الحل العادل". واشنطن تحرج مجددا أصدقاءها في رام الله، بل وحتى حلفائها في عمان، التي تعد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، بالنسبة لها، مصلحة وطنية أردنية.
لم يخف، ولم يغب عن بال أحد يوما، أن المصالح الوحيدة التي يرعاها الغرب لدول المنطقة هي المصالح "الإسرائيلية"، وها نحن أمام محطة جديدة تذكرنا بعبثية الحلول السلمية ومخرجاتها، في أوسلو ووادي عربة وغيرهما. تصريحات اليانكيز وعنجهية نتنياهو مجرد استهتار جديد بالقوانين الدولية وشرعيتها المزعومة. كان الرسميون يرددون دوما بأن "إسرائيل" لا تريد السلام.. ولكن اليوم قد يكون مفيدا أن تسألة وزارة الخارجية الأردنية جلاوزة سفارة الولايات المتحدة: هل أنتم تريدون السلام؟!
ضم غور الأردن، والإعتراف الأميركي "بشرعية المستوطنات"، والهيمنة الصهيونية على القدس ومقدساتها.. تهديد مباشر للدولة الأردنية، وليس تقويضا لسلطة رام الله فحسب، فكيف سيكون الرد الأردني على تلك التصريحات، التي لا تخرج عن سياق محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن، من خلال هدم فرص إقامة الدولة المستقلة، وتمدد السرطان الإستيطاني غرب النهر؟!