قنبلة وزير النقل ودياليكتيك المرور السكّاني.. تحديد النسل كمخرج من الأزمة
جو 24 :
تامر خورما - نيكولاس كوبرنيكوس، عالم الفلك والرياضيات والفيلسوف البولندي، كان أوّل من اكتشف مركزيّة الشمس، وأن الأرض مجرّد جرم يدور حولها، وهو ما أكّده أيضا غاليليو غاليلي، عالم الفلك والفيلسوف الإيطالي، صاحب المقولة الشهيرة: "بل هي تدور".
اسحق نيوتن أيضاً أضاف للبشريّة اكتشافا هائلا، عندما تبيّن له أن التفّاحة "سقطت على رأسه" بفعل قانون الجاذبيّة، وأن الجسم الساكن يبقى ساكناً، والجسم المتحرّك يبقى متحركاً، ما لم تؤثر عليه قوى ما.
أمّا الشهير ألبيرت أينشتان، فقد هزم نيوتن في نظريّه "النسبيّة العامّة"، كما تألّق في اكتشافه لموجات الجاذبية، التي لا يمكنك أن تراها رغم وجودها.
وفي الأردن فجّر وزير النقل، خالد سيف، اكتشافه العظيم، عندما أعلن في تصريحاته أن سبب أزمة السير في الأردن هي زيادة عدد السكّان!
إضافة نوعيّة، تسجّل للوزير الجديد، القادم إلى حكومة د. عمر الرزاز من حيث لا تعلمون. هذه إشارة لا بدّ من الإنتباه لها، للتفاؤل بقرب حلّ مشكلة أزمة المرور، وتطوير قطاع النقل المتدهور إلى ما بعد الهاوية.
عرف السبب فبطل العجب.. هذا هو ملخّص البرنامج العملي التقدّمي للوزير الجديد، الذي عهدت إليه مهمّة ملحّة كإلحاح الباص السريع، في الوصول من أرض الأمل.
الأمر لا يدعو لكلّ ذلك التعجّب الذي عبّر عنه المواطنون عبر وسائل التواصل الإجتماعي إثر تصريحات الوزير، فهذه نتيجة طبيعيّة لاختيارات الرزّاز، ونمط تفكيره العبقريّ "خارج الصندوق"، بل وخارج معطيات الواقع كليّاً.. وفي النهاية ما على الوزير إلاّ البلاغ، ولحلّ أزمة المرور ينبغي ربّما التوقّف قليلا عن الإنجاب.
هذه التصريحات المتميّزة تأتي -بلا شك- في سياق انسجام الفريق الوزاري، حيث عمد وزير النقل من خلالها إلى مساندة ومؤازرة زميله وزير العمل، نضال البطاينة، الذي يواجه احتجاجات المتعطّلين والباحثين عن وظائف، بصدر الحكومة العاري.. كيف؟!
كثير من الشباب في الأردن يحتجّون لعدم تمكّنهم من الحصول على عمل لائق يضمن لهم حياة كريمة، وفي ظلّ الأزمة الإقتصاديّة المستعرة، أصبح الأمل في "فتح بيت" من أضغاث الأحلام.. فما العمل؟
أزمة اقتصاديّة خانقة، تقابلها أزمة مروريّة أشدّ خنقا.. لذا الحلّ العمليّ يكمن في "ضرب عصفورين بحجر واحد": استغلال البطالة لتقليل حالات الزواج، وبالتالي الإنجاب، ومن ثمّ حلّ شامل لأزمة المرور.
العلاقة السببيّة بين الزيادة السكانيّة والأزمة المروريّة قد تبدو "ظاهريّا" من البديهيّات التي لا تستوجب إطلاق التصريحات، ولكن السرّ يكمن في جدليّة هذه العلاقة -بعيدا عن الميكانيكيّة التقليديّة- ضمن نسق نسبيّ خاص لفيزياء العلاقات الطرديّة للأزمات المختلفة.. صيغة في غاية التعقيد بسّطها الوزير لكم بجملته الشهيرة: "سبب الأزمة هو زيادة السكّان".
وهنا ينبغي تسليط الضوء على بعد ثالث لجدليّة المرور والإقتصاد، وهو موضع الهجرة، فهجرة الأردنيّين عن بكرة أبيهم سيحلّ بالتأكيد كافّة الأزمات بكلّ أنواعها وأشكالها وأحجامها، وهذا سيزيل العبء الذي ترزح وزارة الداخليّة تحت وطأته، كما سيجعل وزارة السياحة والآثار متفرّغة لاستقبال السواح الأجانب، بعيدا عن زحام السياحة الداخليّة، كما سيصبح من الممكن عندها تحويل وزارة التخطيط إلى مكتب ارتباط للقنصليات الأجنبيّة، ما يضع كافّة النقاط على حروفها!